عاد الحديث عن إقرار الدرجات لاساتذة الاساسي إلى الواجهة مما ينذر ببداية سنة دراسية ساخنة. وترزح قضية الدرجات تحت رمال متحركة بعضها تربوي أو سياسي أو حتى مزيج بين الأمرين. لكن الأنظار تتوجه إلى وزير التربية حسان دياب الذي يرى نفسه ملزماً بحسم القضية والبقاء قدر المستطاع على مسافة واحدة من القطاعات التربوية كلها.
فقد أثار إتحاد المؤسسات التربوية الخاصة في لبنان مطلب رابطة معلمي مرحلة التعليم الاساسي الرسمي زيادة أربع درجات ونصف ظهر الخميس الفائت في لقاء مع مستشار الوزير الدكتور غسان شكرون. على أثر ذلك، أصدر الإتحاد أمس بياناً أعلن فيه" رفضه أي زيادة عشوائية غير مدروسة على الرواتب، لا تأخذ بعين الإعتبار، المعطيات الموضوعية في ظل الظروف الراهنة". ولفت البيان المذكور إلى أنه "بعد مناقشة الموضوع من جوانب عدة، وإنعكاساته السلبية على الأهل، في ظل الظروف الإقتصادية الضاغطة، إلى إنعكاساته السلبية على العديد من المدارس الخاصة التي ستضطر إلى الإقفال، وصرف معلميها".
بين رفض المطلب وتأييده
لماذا يرفض الإتحاد مطلب معلمي التعليم الإبتدائي الرسمي؟ يرى رئيس الإتحاد الأب مروان تابت في إتصال مع "النهار" أن نقابة معلمي الإبتدائي بادرت الى هذا المطلب متمسكة بذريعة ردم الهوة مع التعليم الثانوي، وقال: "وضع وزير التربية السابق حسن منيمنة مشروع القانون الخاص بهذه الدرجات وترك للوزارة الحالية مسؤولية متابعة الموضوع. فالوزارة الحالية مجبرة على التعاطي مع هذا الواقع الذي يضع مستقبل المدرستين الرسمية والخاصة في وضع حرج جداً".
من جهة أخرى، أكد تابت أن إقرار هذا المطلب وسواه من مطالب إقرار درجات يهدد بإقفال 387 مدرسة مجانية خاصة في لبنان والتي يقصدها 127 ألف تلميذ من المناطق كلها، وقال: "نجدد رفضنا لهذه الزيادة وهذا يعود الى معطيات ثلاثة، أولاً، وضع المدرسة الخاصة المجانية السيء وتداعيات هذا القرار على مستقبلها لا سيما وأن وزراء التربية السابقون الذين تسلموا سدة المسؤولية تمسكوا بإستمرار هذه المدارس. ويضاف الى موقفهم تصريح وزير التربية الحالي حسان دياب الذي أكد مراراً بأنه لا يقبل بأي مساومة على مستقبل المدرسة الخاصة المجانية".
في المقابل، دعا تابت إلى إقرار زيادات مدروسة لا تخضع لمنطق التسييس، لأن الإطار الذي يتعاطون فيه اليوم في قضية المطالب والزيادات هو مسيس بامتياز. وقال: "لقد بادرت رابطة التعليم الثانوي التي ترتبط سياسياً بقوى 8 آذار إلى المطالبة بزيادة أربع درجات، وقدمت مشروعها هذا في عهد وزير التربية السابق حسن منيمنة أي في حكومة الرئيس سعد الحريري، فاتخذ المطلب بعداً سياسياً".
وتوقف عند المعطى الثاني الذي يقوم على أن الدرجات المقرة للإبتدائي وللثانوي إذا ما اقرها مجلس النواب تؤدي إلى إرتفاع في الأقساط يصل إلى 500 الف ليرة لبنانية للتكميلي وللثانوي على كل تلميذ. وقال: "تتراوح الزيادة من 100 ألف إلى 150 الف ليرة للتلميذ الواحد في الإبتدائي وبين 250 ألفا و300 ألف ليرة لبنانية للتلميذ الواحد في الثانوي. وهذه الزيادة تدفع التلامذة الى مغادرة المدارس الخاصة وتؤثر سلباً على المعلمين وتدفع الأهل لتسجيل أولادهم في المدارس الرسمية".
أما المعطى الثالث والأخير فيكمن كما قال تابت في إدخال التعليم في لبنان في دوامة " السباق على أكل الجبنة". فقد اعتبر أنه في حال طالب معلمو التعليم الإبتدائي الرسمي بالزيادة فيتشجع معلمو الثانوي بالمطالبة بمجمل الدرجات المحقة لهم وهكذا دواليك".
وطرح تابت المخرج المناسب للقضية والذي يكمن في إلتزام الحكومة بالدعوة إلى مؤتمر وطني يشارك فيه النقابيون وأصحاب المؤسسات التربوية ولجان الأهل والمدارس لإقرار سلسلة الرتب والرواتب والتي تتناسب مع واقع الحال وتتوافق مع الظروف الاقتصادية الحالية.
من جهته، لم يخف نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض في إتصال مع النهار دهشته من رفض البعض لمطلب رابطة معلمي التعليم الإبتدائي الرسمي زيادة أربع درجات ونصف". وقال: "ان إقرار الزيادات يجب ان يكون متساوياً في القطاعين الخاص والرسمي. فكل قرش يقر لزميل لنا في الرسمي سيقر لنا أيضاً في الخاص". وقال محفوض ان المدارس الكاثوليكية أعدت دراسة أطلعنا عليها عن زيادة أربع درجات ونصف أشارت فيها الى أنه كل تلميذ يتكبد في السنة الدراسية زيادة تصل إلى 28 ألف ليرة. وإعتبر أن عدم إقرار الزيادة في الدرجات هو الخلل في حد ذاته في سلسلة الرواتب. وأعلن أننا نميل إلى المطالبة بزيادة الأجور بما يتلاءم مع غلاء المعيشة.
وعما إذا كانت زيادة الدرجات تهدد مباشرة بإقفال المدارس المجانية الخاصة، قال محفوض: "نحن ندعم هذه المدارس. وأستغرب كيف تقر الدولة الزيادة على الحد الأدنى للأجور وتغفل زيادة المنح للمدارس المجانية الخاصة. وإن إستمرار هذه المدارس منوط بزيادة المنح لها".)النهار 13 آب2011)