أعلن وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور عن تصنيف حالة التوحد، في مؤتمر صحافي عقده عند العاشرة من قبل ظهر اليوم في الوزارة، في حضور رئيسة مصلحة شؤون المعوقين كورين عازار، أروى حلاوة عن الجمعية اللبنانية للتوحد وممثلين عن الجمعيات المهتمة بمرض التوحد.
وقال ابو فاعور: "مجددا الشكر مثنى وثلاث ورباع الى وسائل الاعلام على هذه التغطية، وعلى الاهتمام بشكل دائم بالشأن الاجتماعي. الحمد لله، باهتمام وسائل الاعلام نكاد نطمئن ان هذا الشأن لن يضيع في زحمة الخلافات والانقسامات السياسية، الحديث في السياسة كثير ولن ينتهي، والانقسامات السياسية كثيرة ولن تتوقف، لذلك يجب اعطاء الشأن الاجتماعي الاهتمام اللازم لان هذا الامر الذي يجب ان تتولاه الدولة بعيدا عن اي حساب سياسي، وبالتالي مشاركة وسائل الاعلام هي مقدرة ومشكورة بشكل كبير وكبير جدا".
اضاف: "الترحيب ايضا بالمؤسسات المعنية والمتابعة لمرض التوحد، المؤسسات التي هي قليلة جدا في لبنان ولكنها منتجة وفاعلة جدا. طبعا الشكر الاكبر للسيدة أروى حلاوة في الجمعية اللبنانية للتوحد التي تواكبنا واياها في العمل خلال الشهرين الماضيين من اجل الوصول لما وصلنا اليه اليوم، كان هناك تعاون وثيق بيننا وبين اجهزة الوزارة للوصول الى حد ادنى مما يمكن ان تقوم به الدولة للاهتمام بمرض التوحد. طبعا كما تعلمون جميعا، مرض التوحد شائع لكنه غير معروف، تتكاثر الحالات لكنه لم يلق حتى اللحظة الرعاية الكاملة من قبل الدولة، وعندما اتحدث عن الدولة اتحدث عن وزارة الشؤون الاجتماعية باعتبارها هي الجهة المهتمة بهذا الامر".
وتابع ابو فاعور: "هذا المؤتمر الصحافي فيه دليل ساطع ودليل جميل، هو علي طليس (يعاني من مرض التوحد)، وجود علي معنا اليوم هو شهادة لنا وشهادة علينا، شهادة لجهد علي، لجهد المؤسسات التي رعت علي، ولجهد الاهالي الذين اهتموا به. وشهادة علينا باننا من لم يصل الى حالة علي فهو مسؤوليته، مسؤولية الدولة، لقد شاركت في معرض رسوم لعلي سابقا، والاستنتاج الاساسي الذي خرجت به هو انه اذا كان التوحد مرض، فعدم معالجة هذا المرض وعدم مساعدة المصاب به هو مسؤوليتنا نحن، وعلي شاهد حي على انه اذا ما تأمن الاكتشاف المبكر، واذا ما تأمنت الرعاية الصحيحة والاهتمام اللازم فاننا نصل الى هذه النهاية السعيدة وهذه الاطلالة المشرقة وهذا الابداع الذي وصل اليه علي".
وقال: "الهدف الاساسي للمؤتمر الصحافي اليوم، هو الاعلان عن ادراج ملف التوحد ضمن اولويات وزارة الشؤون الاجتماعية، حيث تقوم الوزارة بالعمل في هذا الامر على خطين: الاول، تفعيل وتحسين تعاطي هذه الوزارة مع الاشخاص المصابين بالتوحد ومربيهم وأسرهم في مختلف الميادين. الثاني، هو توعية المجتمع بصورة عامة وحث الجهات المعنية كافة على تطوير برامجهم واهتمامهم ومعرفتهم بموضوع التوحد ومضاعافاته واحتياجاته، وفي وقت قريب جدا سنعلن مع الجمعية اللبنانية للتوحد عن حملة توعية نتشارك فيها مع الجمعيات والمؤسسات المعنية بالتوحد مع مراكز الشؤون الاجتماعية المنتشرة في المناطق اللبنانية كافة للتوعية حول هذا المرض لانه، للاسف، الجهل ليس فقط في اوساط الاهالي، بل هو ايضا في بعض الاوساط الطبية، خصوصا في الارياف البعيدة والمدن الفقيرة. وكما تعلمون ونعلم، كلما تأخرنا في الاكتشاف كلما تأخرنا في العلاج، كلما تأخرنا في مساعدة المصاب بالتوحد للوصول الى النتائج المرجوة".
اضاف: "كما تعلمون، حالات التوحد في العالم اجمع على تزايد مستمر، رغم الابحاث المتطورة لم يتم التوصل علميا الى تحديد واضح لاسباب التوحد، وبالتالي ايجاد العلاج قبل الوقاية، لكن الثابت اليوم هو ان الكشف والاهتمام المبكر والرعاية الخاصة كفيلين بتحسين كبير لوضع الطفل المصاب بالتوحد وتمكينه من تطوير مهاراته وتحصيل المعرفة والعمل والاندماج. اود التنويه بالجهود الكبرى التي بذلتها الجمعية اللبنانية للتوحد، وهي اول من اطلق منذ اكثر من عشرة اعوام مبادرة جمع الاهالي والاضاءة على موضوع التوحد، والحاجة الى الاهتمام الخاص بمن يعاني منه. كما انوه بجهود المؤسسات المتخصصة التي اطلقت برامج رعاية خاصة بهؤلاء الاطفال، ولكن يبقى عددها قليلا نسبة لعدد المؤسسات المتعاقدة مع الوزارة، ولعدد الاشخاص المشخصين اليوم، وعدد الحاجات الموجودة في مختلف المناطق، والسبب يعود اساسا الى التكلفة الاكبر للبرامج والتأهيل الخاص الذي يحتاجه الاطفال الذين يعانون من التوحد، اضافة الى ان التوحد لم يكن اساسا معروفا ولا منتشرا كما هو اليوم".
وتابع: "المؤتمر الصحافي اليوم هو للاعلان عن تصنيف حالة التوحد كحالة مستقلة ومنفصلة عن باقي الحالات التي تهتم بها وزارة الشؤون الاجتماعية، لذلك اتخذنا اليوم، كخطوة اولى قرارا عمليا وسريعا يدخل مباشرة ضمن نطاق عمل الوزارة الحالي، وبفضل جهد ومتابعة رئيسة مصلحة شؤون المعوقين، الا وهو تخصيص عقود لرعاية المصابين بالتوحد بكلفة يومية تسمح برصد الموارد الكافية لحسن رعايتهم، مما سوف يتيح، وبنوع خاص لكل من يعاني من توحد شديد، الحصول على التأهيل والاهتمام الخاص به، وهذا يعني ايضا، تحسين آلية التشخيص ضمن المراكز المعتمدة لبرنامج تأمين حقوق الاشخاص المعوقين، وتطوير آلية التوجيه الى الرعاية المتخصصة. ويتطلب تنسيقا كبيرا وعملا مشتركا بين الوزارة والاهالي والمؤسسات. علما اننا لتاريخه قد رصدنا 477 حالة توحد لم يستفد منهم من رعاية مؤسساتية - غالبا متقطعة - الا 205 اشخاص، والمطلوب تناسب اكبر مع الاحتياجات الخاصة لكل ولد، لا سيما ان الكثير لم يتح لهم الاستفادة من التدخل المبكر، وكلنا يعرف مدى الضرر الذي يلحق بالمصاب في هذه الحالة".
وقال ابو فاعور: "بالطبع، لا يغيب عن ذهننا ابدا موضوع الدمج، ولا سيما الدمج المدرسي، وهو ملف يدخل اساسا ضمن اهتمامات ومسؤوليات وزارة التربية والتعليم العالي والمهني، لكن نحن نبقى في وزارة الشؤون الاجتماعية من المحركين الاساسيين لهذه العملية التي تشمل جميع الاولاد من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولقد بدأنا ايضا بدراسة خطوات تسمح لنا بدعم مسيرة الدمج هذه سوف نعلن عنها تباعا، ولا بد من توجيه شكر خاص لكل مدرسة خاصة او رسمية تستقبل حاليا اولادا يعانون من التوحد. وادعو في مستهل العام الدراسي هذا جميع المدارس الى اتخاذ خطوات مماثلة، وانا اعتقد ان هذا الامر لا يمكن ان يترك لهمة او رغبة المدارس، مع كامل احترامي وثقتي بالنوايا الطيبة لهذه المدارس، بل يحتاج الى خطة مدروسة والى متابعة وجهد حثيث من قبل وزارة التربية، وانا سأقوم بواجبي كوزير شؤون اجتماعية بمتابعة هذا الامر مع وزير التربية. واخيرا، التوعية والاكتشاف المبكر هما اساس في هذه العملية، وقريبا جدا نتكلم عن هذا الشق، سواء في توعية المجتمع اللبناني عموما او مجتمع العاملين في حقل التشخيص والتأهيل والتربية خصوصا".
وختم: "اتمنى ان يكون ما نقوم به اليوم هو خطوة اولى على مستوى قيام الدولة بواجباتها، على مستوى قيام وزارة الشؤون الاجتماعية بواجباتها. منذ اليوم الاول لوصولي الى وزارة الشؤون الاجتماعية بادرت الى الاتصال بالسيدة أروى وطلبت منها ان نضع خطة، واليوم يمكنني الادعاء اننا بهذا الجهد المشترك نحن واياكم وصلنا الى بداية طريق العلاج، بداية الرعاية الصحيحة، بداية الاهتمام الصحيح، حتى اللحظة لا نستطيع الحديث عن الانجاز، الانجاز يبدأ منذ اليوم وصاعدا، انما نستطيع ان نعلن كدولة اننا نقوم بواجباتنا تجاه مرض التوحد بما يؤمن الرعاية والاهتمام اللازم والمعالجة المطلوبة، هذه الخطوات المتلاحقة التي نقوم بها نتمنى ان لا تكون مدعاة استغراب من الرأي العام اللبناني لانني كما قلت سابقا، نحن نقوم بواجباتنا لا اكثر ولا اقل".
سئل: عندما تتحدث عن تصنيف حالة التوحد، ماذا يعني ذلك تطبيقا؟
اجاب ابو فاعور: "اصبح لدينا اضافة الى التصنيفات المعتمدة في وزارة الشؤون الاجتماعية تصنيف جديد، التوحد الخفيف والتوحد الشديد، ما يعني انه في العقود مع الجمعيات اصبح هناك عقود تتم حسب التصنيف الجديد ما يفترض سعر كلفة جديد، لان مريض التوحد بحاجة الى رعاية كبيرة ولا يمكننا دمجه مع باقي الحالات التي تهتم بها الوزارة، لا على المستوى المالي ولا على مستوى الرعاية، اعتقد ان هذا البرنامج اصبح جاهزا بكل ما يتبع عملية التصنيف الجديد، من اجراءات ادارية او مالية".
حلاوة
وتحدثت السيدة حلاوة، متوجهة بالشكر الى "معالي الوزير وائل ابو فاعور الذي قام بالمبادرة، وهو من اتصل بي وسألني عن طريقة العمل من اجل مرض التوحد في لبنان. هذه خطوة مهمة جدا، باسم اللجنة التنسيقية للتوحد التي تضم اكثر من 20 جمعية، وباسم الاهالي هنا، وباسم الهيئة الوطنية لشؤون المعوقين، اشكر الوزير على هذه المبادرة ونقول له، اننا منذ اسسنا اللجنة التنسيقية للتوحد في العام 2004 كان هدفنا الاول ان يكون هناك تصنيف لحالة التوحد في الوزارة، كان فريق العمل في الوزارة يعمل على هذا الموضوع لكن كان ينقصنا القرار، واليوم اتى القرار من قبل معالي الوزير الذي نشكره عليه، وعلى الاهتمام والتصميم والفعل، على القول والفعل، وليس القول فقط".
وفي الختام، علق الوزير ابو فاعور لوحة رسمها علي طليس في صالون الوزارة.(النهار23آب2011)