أطفال مركز بدران للاعاقة مهددون بالشتات

أسابيع قليلة، ولا يكون للطفل محمد محمود مقعد دراسي. فالطفل الفلسطيني، ابن السنوات التسع، الذي تشرّدت عائلته قبل 53 عاماً من فلسطين، قد يواجه شتاتاً جديداً هنا في مخيم البص، بسبب احتمال إقفال مركز نبيل بدران للأطفال المعوقين في المخيم مع بداية العام الدراسي المقبل.
محمد، الذي يعاني تأخراً عقلياً، هو واحد من 53 طفلاً مهدّدين بالانزواء مجدداً وترك مقاعدهم، بسبب الأزمة المالية التي يواجهها المركز. تشعر والدته ناديا بأن وحشاً يتقدم من أسرتها ليفترس طفلها، بعدما «أنقذه المركز من الانعزال الذي فرضه عليه المجتمع بسبب إعاقته، وخصوصاً أن دور حضانة عدة في مخيم الرشيدية حيث نقيم، رفضت استقباله ودمجه مع الأطفال الأسوياء».
قد تتوقف مسيرة محمد من الرشيدية إلى البص، التي بدأها منذ خمس سنوات، كما مسيرة هبة مفلح، ابنة الخمسة عشر ربيعاً، فيما لو أقفل المركز. وهي الشابة التي كانت تقطع يومياً مسافة طويلة من منزل ذويها في تجمع الواسطة إلى المركز الذي يؤويها منذ اثني عشر عاماً، بسبب إعاقة السمع التي تعانيها منذ الولادة. فقر ذويها وعدم توافر مركز مماثل في المنطقة، يجعلان من احتمال إقفال هذا المركز مرادفاً «لانتهاء هبة التي كادت تنجز دراستها وتتوجه إلى التدريب المهني، وصولاً إلى الحصول على فرصة عمل»، تقول والدتها.
بحسرة كبيرة، يتحدث مدير المركز عاطف سعد عن أسباب التهديد المحدق بالمؤسسة الوحيدة في المنطقة، التي تعمل منذ عام 1995 وتدعم على نحو مباشر ثلاثة وخمسين طفلاً من ذوي الإعاقات المختلفة، ونحو غير مباشر نحو خمسمئة طفل في مخيمات منطقة صور الثلاثة وتجمعاتها الثمانية. إعاقة سعد البصرية تجعله يدرك المصير الأسود الذي ينتظر طلابه وعائلاتهم، فيما لو أقفل المركز الذي لا بديل له، وخصوصاً أن وكالة الأونروا لا توفر قسماً خاصاً في مدارسها ومؤسساتها لذوي الاحتياجات الخاصة.
الأزمة المالية ليست مستجدة، بل تعود إلى العام الماضي، عندما قررت الجهات المموّلة لمشاريع المركز خفض تحويلاتها التي تقلصت أكثر خلال العام الدراسي الحالي. وهي اليوم تتجه إلى مزيد من التقليص، بعد الحسم الذي يلحق بالعام الدراسي المقبل الذي من المفترض أن يفتح أبوابه مطلع الشهر المقبل. وأوضحت المشرفة على المركز نعمت عوض أن «المموّلَين الرئيسيَّين للمركز، وهما جمعية المساعدات الشعبية النروجية، ومؤسسة التعاون، أبلغانا أن الأزمة العالمية تهدد مصادر التمويل في العالم، ما يدفعهما إلى خفض قيمة مساعداتهما لنا ولسوانا، لا بل إن الجمعية النروجية سوف تسحب وجودها المباشر العام المقبل لتسلم كافة المشاريع التي تديرها لشركائها المحليين». وبحسب عوض، فإن المركز طلب من الأونروا استقبال طلابه ودمجهم مع طلابها، إلا أنها رفضت الطلب. وإذا سدّت الأبواب، فسيقفل المركز كل صفوفه التعليمية التي يوفرها لأصحاب إعاقات الصم والبكم والبصر والإعاقات الجسدية ومرضى الصرع والتوحد.(الاخبار13آب2011)