ضرب المستشفى بالسقف المالي... فاحتجزت مولودة؟

في النصف الأول من الجاري، حلّ مخاض الولادة على هيام دياب. وعلى الرغم من أنّ الوالدة تقيم في صور، فهي لم تقصد أياً من مستشفياتها الخاصة الثلاثة، بل توجهت مباشرة إلى صيدا، بسبب علمها المسبق بأنّ مستشفيات صور لا تستقبل حالات الولادة الطبيعية على حساب وزارة الصحة. وصلت هيام إلى مستشفى في ضواحي صيدا، حيث رفض مكتب الدخول استقبالها لأن المستشفى «استخدم الميزانية المرصودة لهذا الشهر، واقترب من السقف المالي الذي تحوّله وزارة الصحة وتأمر بالتزامه».
«كيف نفدت الأموال ونحن ما زلنا في أول الشهر؟»، يسأل قريب هيام، الذي انتظر معها ساعات حتى يتوافر لها سرير. وبعد عناء طويل، ولدت هيام طفلتها زينب التي فضّل الطبيب المعالج وضعها في الحاضنة (القوفاز) لأنها تحتاج إلى عناية خاصة. وبعدما استكملت الأم علاجها واستعدت للخروج، فوجئت باشتراط المستشفى دفع مبلغ من المال وقدره مليون ليرة لبنانية، من بينها 225 الفاً «فرق وزارة»، علماً بأن المعاملة التابعة للوزارة نفسها تحدّد فرق الولادة الطبيعية بـ 87 ألف ليرة، لكن أين هي زينب؟ على مدى ثمانية أيام، ظلت هيام تتنقّل يومياً بين منزلها في صور والمستشفى لزيارة طفلتها «التي بدت في حال جيدة لا تستدعي وضعها في الحاضنة كل هذا الوقت». وعندما طالبت الأم «بتحرير» زينب بعدما تيقنت من أن «إدارة المستشفى تحتجزها عن قصد»، اشترطت الإدارة دفع أربعة ملايين ليرة كفاتورة استشفائها. رفضت هيام الطلب، مشيرة إلى أنّ «استشفاء الطفلة يجب أن يندرج على حساب الوزارة».
وعندما حاولت «الأخبار» الاستفسار بشأن صحة رواية هيام، استغرب أحد المسؤولين «زج وسائل الإعلام في حالة كهذه»، داعياً المعترضين إلى الشكوى لدى الدوائر المعنية في الوزارة. هو لم ينكر رفضه استقبال المريضة في البداية. والسبب أنه ينفذ تعميم الوزارة القاضي بمنع تخطي السقف المالي الشهري إلّا في الحالات الطارئة، لكن ألا تصنف الولادة وحاجة الطفلة إلى العناية ضمن الحالات الطارئة؟ وعن احتجاز الطفلة حتى دفع الفاتورة، نفى المسؤول هذا الادعاء، مؤكداً أنها لا تزال تتلقى العلاج.
لدى وجودنا في المستشفى، كانت زينب لا تزال في الحاضنة. بعد ساعات قليلة، تماثلت الطفلة للشفاء، فوافق المستشفى على خروجها بعد دفع مليون ليرة.
في هذه الأثناء، وضعت سيدة طفلتها قيصرياً في أحد مستشفيات صور. وضعها المادي كان أفضل حالاً من هيام، فاستطاعت تحمل الفاتورة التي بلغت 500 ألف ليرة «كفرق وزارة»، فيما التسعيرة الرسمية هي 189 الفاً. لمن تذهب فروق الفروق؟ وهل اكتفى المعنيون بوصف حال القطاع الصحي في لبنان بـ «المافيا»، من دون ملاحقة عناصرها؟