يعتبر مستشفى صيدا الحكومي من المستشفيات القليلة في لبنان التي تعمل وسط سيل عارم من الضغوطات والمنافسات، وصولا الى معاناته الكبيرة من مكان موقعه الجغرافي بجوار مخيم عين الحلوة، وهذا بحد ذاته من اصعب المواجهات النفسية اليومية التي يخوضها المستسفى ورواده عند اي طلقة نار او عند حصول اي اشكال امني صغيرا كان ام كبيرا ... اضافة الى المشكلات التي يواجهها اليوم مع «الموردين» الذين يهددون بوقف تعاملهم مع المستسفى الى حين تسديد فواتيرهم. في المقابل فإن للمستشفى بذمة الدولة والهيئات الضامنة ضعفي ما هو مطلوب منه، وفي حال استوفى المطلوب يصبح لديه فائض يتجاوز 5 مليارات ليرة لبنانية.
عدا عن المواجهات المستمرة التي خاضها مجلس الادارة لرفع سقفه المالي اسوة بما يضاهيه من المستشفيات، ان لجهة عدد الاسرة، او عدد العمليات، او مستوى التصنيف الطبي الذي وصل اليه. ومع ذلك فان المستشفى الحكومي في صيدا يحتوي حتى تاريخه على 130 سريرأ ويعمل فيه 267 موظفا (102 اداري, 136 طبيا و29 شبه طبي), يتعامل المستشفى مع أكثر من 100 طبيب يقومون بتغطية أكثر من 16 اختصاصا. وتتوفر في المستشفى مختلف الخدمات الاستشفائية والجراحية في وحدات وأقسام مختلفة.
وقد بات معلوما، أنّ تغيّرات جذريّة طرأت على المستشفى خلال فترة زمنيّة قصيرة نسبيّا»، حيث استطاع أن ينجح في اجتياز ثلاث عقبات اساسية ورئيسية واجهته، أوّلها: الصورة السلبيّة والسيئة الراسخة في أذهان المواطنين عن المستشفى الحكومي القديم ومستوى خدماته المتدنّي. وثانيها موقع المستشفى الموجود في منطقة مخيم عين الحلوة وبشكل ملاصق تماما للمخيم وما يعني ذلك للقاصي والداني، نظرا لما يشوب هذه المنطقة من توترات أمنيّة، ممّا شكّل ويشكل عائقا» نفسيّا» أمام دخول المرضى إليه، وامام رواد المستشفى بشكل عام. اما العقبة الثالثه التي وجهته فهي وجود قطاع استشفائي خاص في المدينة يتمتّع بسمعة جيدة وبتاريخ حافل بالانجازات الطبية وبمستوى عريق في الميدان الاستشفائي على مستوى لبنان، وليس على مستوى صيدا او الجنوب.. وهذا ما شكّل حافزا» كبيرا» لمجلس ادارة المستشفى للسعي نحو التقدّم والتطوّر لمواكبة المستشفيات الكبرى الموجودة في المدينة.
ويؤكد عدد من اعضاء مجلس الادارة انه برغم كل تلك العقبات استطاع المستشفى الحكومي في صيدا أن يفرض نفسه وبسرعة قياسيّة على الخارطة الصحيّة، ليس لمدينة صيدا فحسب بل لكافة مناطق الجنوب وشرق صيدا وإقليم الخروب وغيرها من المناطق اللبنانيّة التي بات المستشفى مقصدا» لمواطنيها حيث يتلقى هؤلاء الخدمة الأفضل بالكلفة الأقل. مسشيرين الى «أن المستشفى وانسجاما مع سياسة مجلس الادارة التي تقضي بتطوير ورفع مستوى أداء العاملين فيه عمد الى ارسال أكثر من 10 موظفين لمتابعة دراساتهم العليا في اختصاصات مختلفة مثل ادارة المستشفيات - ادارة الجودة – وادارة الصحة المدنية (الأم والطفل). لافتين الى أن المستشفى اعتمد مركزا لتدريب الطلاب من قبل مختلف الجامعات في لبنان (الجامعة الأميركية في بيروت, جامعة بيروت العربية, الجامعة اللبنانية, الجامعة الاسلامية وغيرها من الجامعات الخاصة) وفي مختلف الاختصاصات (طب, تمريض, هندسة معدات طبية, معلوماتية, تغذية, علاج فيزيائي...) وابتداء من هذا العام فقد بدأ أطباء جامعة بيروت العربية في التخصص في مستشفى صيدا الحكومي في الاختصاصات التالية (طب عائلة – تخدير وإنعاش – أشعة – أطفال – ونسائي وتوليد).
بدوره رئيس مجلس ادارة المستشفى الدكتور علي عبد الجواد يؤكد انه خلال هذه الفترة, تطوّر العمل في المستشفى على جميع الأصعدة, بحيث زاد عدد الأسرّة العاملة في المستشفى من 30 سريرا» في العام 2006 الى 60, و90 ثم 106 اسرة في العام 2007 ليصبح إجمالي عدد الأسرّة العاملة في المستشفى 130 سريرا» في العام 2010, يضاف اليها 9 أسرة عناية فائقة وعناية قلبية و8 أسرة عناية فائقة لحديثي الولادة.
ويشير عبد الجواد الى العمل بعدّة أقسام جديدة لم تكن موجودة في المستشفى القديم كقسم العناية الفائقة وقسم العناية القلبيّة وقسم العناية الفائقة لحديثي الولادة وقسم العلاج الفيزيائي, كما تمّ تحضير عدّة أقسام جديدة باتت جاهزة لبدء العمل بها فورا» كقسم غسيل الكلى.
ويلفت الى انعكاس التطوّر على نوعيّة الأعمال الطبيّة والخدمات التي يقدّمها المستشفى الامر الذي أدّى إلى سابقة لم يعهدها لبنان وهي دخول نائب في البرلمان اللبناني لإجراء عمليّة جراحيّة في مستشفى حكومي (الدكتور اسامة سعد).
وكشف عبد الجواد ان العمل يجري حاليا لتنسيق موعد مع وزير الصحة لدعوته لافتتاح قسم غسيل الكلى والخدمات الطبية في المنازل «Home Care Medical Services» وعيادة تغذية.
ويشير عبد الجواد الى انه بعد اعداد دراسات الجدوي الاقتصادية اللازمة, يستعد المستشفى لافتتاح وحدات جديدة مثل وحدة قسطرة القلب, وصورة رنين مغناطيسي في قسم الأشعة بالاضافة الى تطوير قسم العلاج الفيزيائي عبر اقامة علاقة توأمة مع مراكز العلاج الفيزيائي الأهم في العالم في جمهورية تشيكيا.
ورغم كل ما يعانيه مستشفى صيدا الحكومي فإن الدكتور علي عبد الجواد يتحدث عن الانجازات التى حققها مجلس الادارة الحالي. ويؤكد ان المستشفى مر خلال هذه الفترة بعدّة استحقاقات غاية في الأهميّة, إذ إنّه نجح في العام 2009 في اختبار التصنيف الذي أجرته الهيئة العليا للصحّة في فرنسا مع وزارة الصحّة العامّة كما حاز المستشفى على المرتبة الأعلى في التقييم الذي أجرته وزارة الصحة العامّة مع لجنة مختصة من خارج لبنان لأقسام الطوارئ في كافة مستشفيات الجنوب, ومؤخرا نجح في العام 2011 في اختبار التصنيف الثاني الذي أجرته وزارة الصحة العامة. كما ان مستشفى صيدا الحكومي بات معتمدا لتحويل معظم الحالات الحرجة من معظم المستشفيات الحكومية في الجنوب والمناطق المجاورة والمستشفيات الخاصة.
الا ان عبد الجواد يقول «يبقى الإنجاز الأهمّ وهو صدور قرارمجلس الوزارة رقم 74 تاريخ 24/04/2009 بناء على توصية وزير الصحة العامة, بتصنيف مستشفى صيدا الحكومي مستشفى جامعيا, وهذا الأمر لم يكن ليتمّ لولا وصول المستشفى إلى مستوى راق ليستحق هذا التصنيف وهذا كلّه جاء نتيجة لجهود جبّارة بذلتها أسرة المستشفى مجتمعة.
ومن المشكلات التي يعاني منها مستشفى صيدا الحكومي فإن مركزالبطاقة الصحية (بطاقة الاستشفاء) لا يزال خارج المستشفى وموجودا في السرايا الحكومية. وبرغم الانجازات التي حققها المستشفى, فإنه يعاني من التأخير الكبير في الحصول على مستحقاته المالية من معظم الجهات الضامنة المتعاقدة معه مثله مثل باقي المستشفيات الحكومية والخاصة. حيث إنه وبرغم من الفائض المالي الكبير الذي حققه المستشفى في السنوات الثلاث الأخيرة، والتي تقدر بحوالى خمسة مليارات ليرة لبنانية, تبقى المشكلة الأكبر في السيولة النقدية التي يعاني منها المستشفى, مما يجعل علاقة المستشفى بالموردين يشوبها الكثير من المشاكلات والعثرات, مما يجعله يتأخر في تسديد المتوجب عليه. كما أنه يعرض ما يقارب 300 موظف وعائلاتهم لمشكلات كبيرة قد تنتج عن عدم تقاضيهم رواتبهم.
على الرغم من زيادة سقف الاعتماد المالي لعقد المستشفى مع وزارة الصحة العامة فإنه لا يزال غير متناسب مع حجم عمل المستشفى.
تجدر الاشارة الى أن 53% من المرضى المستفيدين من خدمات مستشفى صيدا الحكومي هم من منطقة صيدا وجوارها في حين أن الـ47% الباقين هم من مختلف المناطق اللبنانية وبشكل رئيسي من مناطق الجنوب وإقليم الخروب وبيروت