برغم «الصعوبات المالية والحملات السياسية التي استهدفت المستشفى»
يقدم مستشفى جزين الحكومي الخدمات الطبية إلى أهالي جزين والقضاء، وقسم من الشوف الأعلى وجانب من قرى وبلدات البقاع الغربي وغيرها، كونه المؤسسة الاستشفائية الوحيدة في هذه المنطقة المترامية، ما يجعل الحاجة إليه مسألة حياتية، وقد ترسخت وظيفته تلك منذ أواسط الثمانينيات حتى الآن؛ اذ تركزت مهمته على تقديم أفضل خدمة للأهالي بأقل كلفة ممكنة، وهو متعاقد مع جميع الهيئات الضامنة الرسمية والخاصة.
وبرغم الصعوبات المالية والحملات السياسية التي استهدفته، وأدت الى البطء في تقدمه، أتم المستشفى بنجاح استكمال تجهيزاته الجديدة وانتقل كلياً إلى بنائه الجديد في الربيع الفائت، وبات يتمتع ببنية تحتية حديثة وفقاً للمعايير العالمية، وتجاوز بنجاح اختبار المسح الميداني لوزارة الصحة في أول آب ٢٠١١، وذلك برعاية القيمين على إدارته وبدعم وزارة الوصاية ومراقبة أجهزة الرقابة.
وبفضل ذلك، ازدادت الطاقة الاستيعابية للمستشفى الى أربعين سريراً، الاستشفاء العادي، وأربعة أسرة عناية فائقة للراشدين، علاوة على أربعة أسرة للأطفال، وثمانية أسرة مخصصة لعمليات غسل الكلى، وجميعها سوف تُفتتح نهاية السنة الجارية. أما في الوقت الراهن فالمستشفى يعمل بقدرة ٢٠ سريراً، في انتظار استكمال طاقمه الطبي والتمريضي والإداري، عبر مباراة مجلس الخدمة المدنية. ويؤمن المستشفى خدمات الطوارئ، الجراحة العامة، العظام والمفاصل، المسالك البولية، الأمراض الداخلية، القلب، المختبر، وذلك طيلة أيام الأسبوع وعلى مدار الساعة ( (Scanner، فضلاً عن الأشعة والصور الصوتية الطبقية والمحورية، والعمل جار على استكمال توفير اختصاصات أخرى، بحيث يصبح بإمكانه تغطية حوالى ٧٠ في المئة من الحالات اذا توفرت له الظروف الملائمة.
وفي هذا السياق، يشير مدير مستشفى جزين الحكومي ورئيس مجلس الادارة د. بشارة حجار الى ان من أبرز نقاط القوة في المستشفى، أنه يتمتع ببنية تحتية حديثة والتزام راسخ من العاملين فيه، ودعم وزارة الصحة والهيئات الضامنة، فضلاً عن حاجة المواطنين الماسة له، مما يجعله مصدر أمل للاستشفاء ولتأمين فرص عمل لأكثر من ١٥٠ عائلة، في حين يقصده قرابة ١٠٠٠ مريض شهرياً، بينهم حوالى 150 مريضاً يخضعون لعمليات جراحية..
إلا ان حجار، يلفت الى ان من أهم الصعوبات، التي تعترض مستشفى جزين الحكومي، بعده عن المدن الكبرى مما يجعل استقطاب الأطباء فيه أمرا صعبا برغم الدعوات المتكررة للاطباء، وتسهيل أمورهم وتحفيزهم على العمل. وينطبق ذلك أيضاً على باقي الوظائف. والصعوبة في الاستقطاب تكمن في بعد وسائل المواصلات، لا سيما مع ارتفاع أسعار المحروقات وغلاء المعيشة، بصورة غير متوازنة مع المداخيل، وينطبق ذلك على صعوبة التعاطي مع الشركات الموردة لناحية الصيانة وغيرها من الامور، مما يعيق العمل التنافسي كالمناقصات وعروض الأسعار إلخ... هذا ويشير حجار الى الكلفة الكبيرة التي يتكبدها المستشفى في الإنفاق على المحروقات، نظرا لانقطاع التيار الكهربائي المتزايد، والحاجة الى التدفئة لفترة تقارب ٨ أشهر بالسنة، اذ المستشفى يعلو ٩٠٠ متر عن سطح البحر.
ويلفت حجار الى أن استحداث وزارة الصحة لمعايير الجودة المطلوبة للمستشفيات يضيف المزيد من الصعوبات البشرية، الى جانب أعباء مالية طائلة، ومن دون أن يقابل ذلك تحديث على مستوى القوانين والمراسيم، التي ترعى عمل المؤسسات العامة التي تدير المستشفيات الحكومية، ولا سيما لجهة عدم التوازن المالي في ظل ازدياد المداخيل. كما أن عدم انتظام تحصيل المستحقات من الهيئات الضامنة يجعل وضعه المالي غير مستقر ويعيق وضع الخطط المستقبلية بوضوح كالموازنة وغيرها...
ويؤكد حجار، من جهة ثانية، أن وضع المستشفى مقارنة بباقي المستشفيات الحكومية متشابه، من حيث مشاكله الرئيسية، كالتأخير بدفع المستحقات الى كلفة التشغيل وغيرها. ويضيف «لكن مشاكل المستشفيات الريفية والبعيدة تختلف بصورة كبيرة أيضاً عن مستشفيات المدن، ان من حيث عدد المرضى، أو من حيث توافر العنصر البشري»، لافتاً الى ان الأمثلة على ذلك كثيرة.
ويخلص حجار الى القول «انه تماشياً مع مشروع المستشفيات الحكومية لتغطية جميع المناطق اللبنانية، من الضروري التعاطي بشكل مختلف مع المستشفيات الريفية من ناحية تسهيل أمورها على جميع الصعد، عبر المساهمة الفعلية بتكاليف تجهيزها، حفاظاً على جودة أدائها واستمرارية مهمتها».
وختم داعياً المواطنين في جزين ومحيطها واطباء المنطقة لبذل المزيد من الجهود لتأمين جهوزيتها، وطالب اصحاب الشأن العام من سياسيين وغيرهم لاحتضانها ودفعها إلى الأمام وإبعادها عن خلافاتهم السياسية، التي من شأنها أن تحرم المنطقة من صرح صحي واعد، كما تحرم عشرات العائلات من لقمة عيشهم وتدفعهم إلى النزوح إلى المدن أو الهجرة.