تشهد البلاد نقاشاً سياسياً وإقتصادياً كبيراً حول موضوع تصحيح الأجور الذي كان قد طرحه الإتحاد العمالي العام مؤخراً ضمن سلسلة مطالب منها رفع الحدّ الأدنى للأجور إلى مليون و250 ألف ليرة، تصحيح الأجور وفقا لنسبة التضخم التراكمي منذ عام 1996 على قاعدة الشطور وزيادة التقديمات الاجتماعية من بدل نقل، من خلال رفعه إلى 16 ألف ليرة، ومنح مدرسية وإعادة ربط التعويضات العائلية بمقدار يمثل 75 في المئة من الحد الأدنى للأجر وفك الارتباط بين تصحيح الأجور وقانون الإيجارات.
وفيما رفضت الهيئات الإقتصادية مستوى هذه المطالب، حذّرت من أن أي زيادة غير واقعية على الأجور ستؤدي إلى زعزعة قدرة المؤسسات على الصمود والاستمرار، فضلاً عما سوف تتسبب به من تضخم وبطالة نتيجة اضطرار المؤسسات لتسريح العديد من عمالها.
ونتيجةً لذلك، ومن أجل الخروج بحل وسط يرضي الطرفين، شكّل وزير العمل شربل نحاس لجنة المؤشر التي يحضرها ممثلون عن الهيئات الإقتصادية والإتحاد العمالي العام وبعض الخبراء ويترأس نحاس اجتماعاتها بغرض دراسة موضوع زيادة الأجور وإقتراح سياسات اقتصادية واجتماعية وبدائل للتخفيف من أعباء التقديمات.
ما يلفت الإنتباه في المناقشات التي تدور حاليا، المقاربة الجديدة والجريئة لتحسين المعيشة التي قدمها وزير العمل والتي تعدّ استراتيجية حقوقية بعيدة الاثر، حيث لا تكتفي باقرار زيادة على الرواتب والتقديمات بل تتعداها إلى إعادة النظر بالسياسة الضريبية لجعلها أكثر عدالة، وتعميم الرعاية الصحية على الجميع. ويتضمن طرح الوزير نحاس الاقتراحات التالية:
- تصحيح الأجور بنسبة 32 في المئة على كامل المعاش.
- إلغاء فرع الضمان الصحي وتسوية نهاية الخدمة، وتحويل المضمونين الى وزارة الصحة من ضمن سياسة صحية شاملة، ما يخفض على أصحاب المؤسسات نحو 12 في المئة من اشتراكات الضمان.
- فرض ضرائب على قطاعات جديدة لا سيما الريعية منها كالقطاع العقاري وزيادة الضرائب على الفوائد بنسبة 3 في المئة.
وفي سياق متّصل، بحث الوزير شربل نحاس مع وزير الصحة كيفية تأمين التغطية الصحية الكاملة للبنانيين الممولة من الخزينة على أن ترفد الخزينة بإيرادات من خلال وضع ضرائب على الأرباح الريعية على تجارة العقارات والفوائد المصرفية. ويذكر أن نتائج دراسة اعتمدها برنامج «MILES»، الذي اعده البنك الدولي بالشراكة مع وزارة العمل، كانت قد أظهرت وجود تشوهات اقتصادية حادة ناتجة عن السياسات العامة التي اعتُمدت طيلة العقود الماضية والتي أدت إلى اختلال كبير في سوق العمل. وتشمل الاصلاحات الاجتماعية التي يقترحها برنامج «MILES»، والتي توقع مسؤول في البنك الدولي ان تتضمنها موازنة 2012، اصلاح نظام الضمان الاجتماعي بهدف تحقيق التغطية الشاملة، كذلك وضع نظام تقاعدي تكون فيه التقديمات مربوطة مباشرة بالاشتراكات ومعدلات الاشتراك موزّعة على شطور، وايضا استحداث نظام لمواجهة البطالة للتخفيف من انكشاف القوى العاملة على مخاطر السوق.