كرّت سبحة ردود الفعل حيال «التسوية» التي توصّل إليها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في قضية زيادة الأجور نتيجة للمفاوضات التي قادها بين الهيئات الاقتصادية وبين الاتحاد العمالي العام، فيما يبدو جلياً أن هناك مأزق دستوري كبير سيخلّفه هكذا قرار. وكان مجلس الوزراء قد قرر جعل الحد الادنى للأجور 700 ألف ليرة، وزيادة 200 ألف ليرة للأجر الذي يقل عن مليون ليرة و300 ألف للأجر الذي يتراوح بين مليون ومليون و800 ألف (من يتقاضى ما يفوق مليون و800 الف ليرة، لن يستفيد من الزيادة!)، ورفع بدل النقل ألفي ليرة من 8 الى 10 آلاف ليرة يومياً، والمنحة المدرسية من مليون ليرة الى مليون و500 ألف، اضافة الى عقد اجتماع سنوي للجنة المؤشر يبدأ في كانون الثاني من كل سنة، واعادة احياء المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
يذكر أن التسوية الحكومية كانت قد جوبهت بالرفض القاطع من قبل كل من «الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان» و«هيئة التنسيق النقابية وروابط الأساتذة والمعلمين» و«مجلس مندوبي الضمان» و«جمعية حماية المستهلك» و«جبهة التحرر العربي» و«الحزب الشيوعي اللبناني» و«لجنة حقوق المرأة» وهيئات مدنية عدة، لأنه وبحسب تلك الأطراف يتضح من خلال تصحيح الأجور على هذه الشاكلة ان الاتجاه هو دائماً إلى تحميل ذوي الدخل المحدود والفئات المهمشة والموظفين والمعلمين أوزار الأزمة المالية والاقتصادية في البلاد.
وقد وصف الخبير الإقتصادي كمال حمدان ما حصل بـ«التصحيح الاعتباطي والمرتجل على قياس «النتعات»، أو المبادرات اللحظوية غير مبنية على أسس شفافة وواضحة، إذ لم يسبق مثيل له في تاريخ تصحيحات الأجور في لبنان منذ بداية السبعينيات وحتى اليوم».
وفيما يتعلق بالمواقف السياسية، لفت عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب سليم سلهب الى أن «الحل أتى مجتزأ ومسكناً أكثر منه علاجا فعليا لتصحيح الأجور ما يظهر أن الكل خسر، حتى الحكومة». فيما رأى عضو كتلة «المستقبل» النائب غازي يوسف ان انه «إذا لم تفرض ضوابط على الاسعار التي ستتأثر صعوداً فالزيادة لن تنفع». كذلك، وصف وزير شؤون المهجرين علاء الدين ترو قرار زيادة الأجور بأنه «غير عادل لكل الفئات الاجتماعية التي طالتها الزيادة». وهنا لا بد من السؤال عن كيفية الخروج من المأزق الذي خلّفه قرار زيادة الأجور على هذا النحو، في حين تبدو الأجوبة غير متوفرة في المدى المنظور. (السفير 13 تشرين الأول 2011)