تدخل مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين، فتنطبع في ذهنك مشاهد تجبرك على التوقف: شوارع ضيقة جداً، بيوت عشوائية، اسلاك كهربائية "معلقة، عناصر مسلحة، صور منتشرة هنا وهناك وفي كل مكان، وأيضاً كرمس نظمته مؤسسة "الرؤية العالمية" من أجل توعية الشباب الفلسطيني في المخيم ليتولى إدارة مخيمه بمسؤولية وعناية.
"شباب تدعم شباب" هو العنوان العريض الذي اختارته المؤسسة بالاشتراك مع "الجمعية الأهلية للتدريب المهني والخدمات الاجتماعية" –"أحلامنا"، من أجل توعية الشباب على واجباته تجاه مخيمه. ترافق ذلك مع ندوات عدة عُقدت في المخيم تهدف الى جعله مؤهلاً لكسب المهارات الضرورية لقيادة مجموعات قادرة على بناء مجتمع محلي يشهد تنمية مستدامة، فيطلق شبابه المشاريع الانمائية ويطبقها تعزيزاً لروح التطوع والعمل في داخله.
حضور "كثيف" غصّ به شارع مستشفى حيفا "الضيق" أمس الاحد من 12 ظهراً الى 7 مساء، شارك في الكرمس الختامي للمبادرات التي أطلقها شباب مركز "أحلامنا". أولاد يغنون، يلعبون، يرسمون، يرقصون الدبكة، ويزرعون الأشجار والأمل أيضاً، فيما الأهل يشاهدون ما يجري، ويشكرون الشباب على جهدهم الحثيث من أجل غد أفضل للمخيم.
الأولاد هدفنا عبر الشباب
منسقة مشروع اللاجئين في المؤسسة كارلا مخايل تحدثت عنه لـ "النهار". فقالت انه قيد الإعداد منذ سنتين، وهدفه "ايجاد قادة من كل شارع أو منطقة في المخيم، وتدريبهم على كتابة مشاريع "انقاذية" لحل المشكلات التي يعانونها، ثم تنفيذها للإفادة من الطاقات الإيجابية الكامنة فيهم ولا سيما بالنسبة الى الشباب الذين تقع عليهم مسؤولية تعليم الأولاد وحضهم على المزيد من الخلق والإبداع". وتابعت: "الأولاد هم الهدف الأبعد الذي لا يتحقق من غير الشباب. نريدهم ان يتدربوا على التحلي بشخصية قوية قادرة على خدمة المجتمع ثم الوطن". وأبدت فرحها بنجاح المشروع، متوجهة بالشكر الى الشباب المتطوعين على الجهود التي بذلوها لا سيما لجهة حصولهم على إذن مسبق من اللجان الشعبية والأمنية ومنظمة "الاونروا" يخولهم قطع الطريق، ووضع مكبرات للصوت لبث أغنيات للأولاد، ورسم الفرحة على وجوههم وقلوبهم.
من جهتها، رأت المسؤولة الإعلامية في المؤسسة باتريسيا مدوّر، ان نجاح المشروع يعود أولاً الى الشباب الفلسطيني ثم الى مؤسسة "رؤية عالمية" التي أخذت التمويل والمتابعة على عاتقها. "المؤسسة وان كانت مسيحية التوجّه إلا انها انسانية الانتماء، ومساعدة المحتاجين هي من أبرز تعاليم السيد المسيح، والدين المسيحي قائم على مساعدة الإنسان لأخيه الإنسان". وإذ أكدت ان المؤسسة تعمل في مختلف المناطق اللبنانية ولا تميّز بين المناطق والطوائف، عادت لتشدد على تركيز نشاطها في المناطق التي هي في حاجة أكثر من غيرها الى مساعدة وتوعية، "وأهمها المخيمات الفلسطينية".
المبادرات الثلاث
ثلاث مبادرات أطلقها الشباب الفلسطيني في المخيم نابعة من مشكلاته الملحّة وهمومه الحياتية، وان لم تزل "الخطوة الأولى" في انتظار المزيد من التمويل والدعمين المادي والمعنوي. وهي: "خلينا نشوف السما"، و "بدك الأمل.. ارسمو" و "سو.. كلين".
أولاً مع مبادرة "خلينا نشوف السما"، وهي صرخة من داخل المخيم الى من يعنيهم الأمر لإزالة مئات الاسلاك الكهربائية العشوائية التي شكل تشابكها العشوائي غيمة سوداء داكنة حجبت عنهم رؤية السماء. "هي من أهم المبادرات، وقد تمكنا - بقدراتنا المادية المتواضعة طبعاً - من "تعلية" أسلاك الكهرباء، باستعمال ألواح خشب عملاقة، كما نظمنا حملات عدة لكل فئات المخيم هدفها التوعية على أهمية النظام بما في ذلك ترشيد استهلاك الكهرباء والماء، ولاحظنا اهتماماً لافتاً، في حاجة الى متابعة ليصبح ملموساً"، كما قال منسق المبادرة محمد سلّام.
ثانياً، مع مبادرة "بدك الأمل ارسمو". فقال منسقها محمود سلّام: "أردنا تزيين الجدران برسومات جميلة، تاركين للأولاد تلوينها وإنما بعناية وجديّة. ولم نكتف بذلك، بل بادرنا إلى غرس الأشجار في شوارع عدة داخل المخيم وأمام بيوت الناس، لأنه كاد يخلو من وجود الشجرة. وترافق ذلك مع حملات لتوعية الأهل على أهمية التشجير في ايجاد توازن بيئي، وتشجيعهم على غرس الأشجار والورود أمام بيوتهم والاعتناء بها".
أخيراً مع مبادرة "سو كلين". فأكدت منسقتها أحلام حليمة ان "الهدف جعل المخيم نظيفاً على المدى البعيد. لكن الإمكانات جداً محدودة، ورغم ذلك نظفنا 10 شوارع ووضعنا أكثر من 15 سلة لرمي المهملات، كذلك نشرنا اللمبات لإنارة الشوارع الضيقة والمظلمة جداً أثناء الليل".
مؤسسة "الرؤية العالمية"
هي مؤسسة إنسانية مسيحية تعمل من أجل إحداث تغيير دائم في حياة الأولاد والعائلات والمجتمعات الأهلية التي ترزح تحت نير الفقر. باشرت عملها في لبنان في مجالات الإغاثة والتنمية منذ العام 1975، ومع اللاجئين الفلسطينيين منذ العام 1997، وتنظر الى فرص لدعم مجموعات لاجئة أخرى انتقلت الى لبنان كاللاجئين السورين جرّاء ما يجري اليوم في بلادهم