يصدح صوت المرأة الستينيّة، داخل «مركز أدوية الأمراض المستعصية» التابع لوزارة الصحة في الكرنتينا.. صوتٌ مرتجف ومتوتّر، يعبّر عن المعاناة التاريخيّة للمرضى مع الدواء في لبنان: «مضى ثلاثة أشهر ولم أحصل على الدواء»، صاحت جيزال شبيبان، التي تنتظر منذ ساعات الصباح الأولى علبة دواء تؤمّن العلاج لأخيها. وفي المركز، لا تعلو صرخة جيزال وحدها، بل يلاقيها صوت مليحة بيضون التي تعاني من مرض التهاب المفاصل، والتي تنتظر بدورها توفّر الدواء، من دون أن تتأكّد من إمكانيّة الحصول عليه.
تطول ساعات انتظار المرضى أو ذويهم في مركز الأدوية في الكرنتينا، وتكثر التساؤلات حول إمكانيّة توفّر الأدوية والجرعات المطلوبة. يتذمّر الكثيرون من تلك الحال المعيبة، ويلقون بالمسؤوليّة على كاهل الدولة اللبنانيّة، ووزير الصحّة علي حسن خليل، الذي لا ينفي صعوبة الحال، مؤكداً أنه يحاول «إيجاد الحلول الممكنة». فخلال المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس، في مركز الكرنتينا، أعلن خليل عن سلسلة إجراءات اتخذتها الوزارة في سبيل تأمين الدواء لكل المرضى، وتخفيف ثقل الانتظار الطويل عليهم أو على ذويهم.
وبعد سلسلة من الخطوات، خرجت وزارة الصحة العامة من مجلس الوزراء بقرار سمح بتوفير أدوية الأمراض المستعصية الناقصة أو غير الموجودة، والتي بلغ عددها في الأشهر الأخيرة ثلاثة وسبعين صنفاً، تضاف إلى لقاحات الحجاج. وبالتالي، وبحسب خليل، «تؤمّن هذه الخطوة جميع حاجات المرضى من الأدوية حتى أواخر العام الحالي، على أن يعاد البتّ في المسألة في شهر تشرين الثاني المقبل، في سبيل توفير الأدوية للسنة المقبلة».
وفي ما يتعلّق بسرقة الأدوية، اعتبر خليل أن «هذه المعطيات صحيحة، وتمّ تكليف لجنة التفتيش للتدقيق في الملفات ومعاقبة الموظفين المرتشين أو المتآمرين في مجال الأدوية المسروقة، كما تمّ إيقاف المندوبين المشبوه في أمرهم، على الرغم من الضغوط السياسيّة.. فلا غطاء لأيّ موظّف خالف القوانين والمراسيم الشرعيّة».
وشدّد خليل على تفعيل بطاقة الدواء التي تسمح لحاملها بالحصول على الدواء من دون مراجعة وزارة الصحة، حيث تمّ توزيع ثمانية عشر ألف بطاقة دواء لغاية اليوم.
أما اللجان الطبيّة والفنيّة التي أوكل إليها مهمّة الموافقة على طلبات المرضى فلفت خليل إلى «مسألة تطوير عملها من خلال السماح لها بعقد اجتماعات مفتوحة، بينما كان ينحصر عدد اجتماعاتها في الماضي بأربعة في الشهر». وتقوم تلك اللجان بالتأكّد من ملاءمة الحالة المرضيّة للدواء الموصوف، وللكميات المطلوبة، لتجنّب الوقوع في فخاخ بعض المستغلين.
وفي سبيل حلّ المشاكل الإداريّة، ذكر خليل أن «الوزارة رفعت مذكّرة تقضي بنقل ثلاثة موظفين إلى المركز لملء الفراغ الإداري. كما سيتم ابتداء من اليوم (أمس) التقيّد التام بالدوام الرسمي بما فيه يوم السبت». ويضمّ مركز الأدوية التابع لوزارة الصحة في الكرنتينا، ستّة موظفين مسؤولين فقط، بينما يوزّع أدوية تبلغ قيمتها مئة مليار ليرة في السنة. وأضاف خليل أنه اقترح على مجلس الوزراء «التعاقد الضروري مع أفراد مختصين عن طريق مجلس الخدمة المدنيّة».
وأكّد خليل على «أهميّة تحسين وتجهيز مركز الكرنتينا، وتفعيل دور مراكز توزيع الأدوية في الأقضية، للتخفيف من معاناة المرضى الموجودين في المناطق البعيدة».
وفي ختام مؤتمره الصحافي، قال خليل إن «تأمين الدواء حقّ لجميع المواطنين، وأنا لن أقبل بأن أكون وزيراً وهناك مريض لا يستطيع إيصال صوته في ما يتعلّق بتأمين الدواء».
يذكر أن وزير الصحة العامة علي حسن خليل قد زار «مركز العزم لأبحاث البيوتكنولوجيا» في طرابلس، أمس، وكان في استقباله المشرف العام على «جمعية العزم والسعادة الاجتماعية» الدكتورعبد الاله ميقاتي، ومدير المركز الدكتور محمد خليل. وبعد استماعه لشرح مفصل عن أقسام المركز، لفت إلى أن «وزارة الصحة تأمل عقد اتفاقيات تعاون مع مركز العزم لأبحاث البيوتكنولوجيا، وتنفيذ أعمال مشتركة بين الجامعة اللبنانية والوزارة والمركز لتلبية الحاجات العلميّة والتكنولوجيّة».