لا يكفي أن مستشفى عبد الله الراسي الحكومي لا يستطيع تشغيل سوى50 سريراً في محافظة يناهز تعداد سكانها 400 ألف نسمة، حتى يعاني استهتار المجتمع السياسي العكاري. هنا قصة أحد الأطباء الذي يعاني ظلماً لحق به نتيجة التسيب في الإدارة
روبير عبد الله
عكار ــ الطبيب يشكو إدارة المستشفى، والإدارة تشكو الطبيب، والاثنان يشكوان إدارات الدولة، أما المواطن، فقد انقطع رجاؤه من فائدة الشكوى. هذه هي الحال في مستشفى عبد الله الراسي الحكومي، الذي يعاني وضعاً مزرياً ومأسوياً، بحسب توصيف عضو مجلس الإدارة المكلف بالأعمال الإدارية للمستشفى المهندس حسين المصري. فالمستشفى أنشئ، بحسب المصري، بصورة سيئة عام 1998، ما جعل كلفة الصيانة ترتفع إلى مئة مليون ليرة سنوياً، بينما تأخر التجهيز حتى عام 2002، ولم يبدأ العمل به قبل عام 2007. يضم المستشفى 76 سريراً لا يشغّل منها سوى خمسين، إضافة إلى صعوبات صيانة البناء، ومعدات غير صالحة للعمل لا تزال في صناديقها، ما اضطر الإدارة إلى استخدام أجهزة بالإعارة، وأدى إلى رفع كلفة التشغيل. ويؤكد المصري الحاجة الملحة إلى توفير مستلزمات افتتاح أقسام إضافية ضرورية.
أما اللافت، فهو قضية الطبيب عماد النابلسي، الذي يتحدث لـ«الأخبار» عن «افتراء إدارة المستشفى عليه ومنعه من ممارسة صلاحياته وحرمانه بدلات رئاسة قسم التوليد، واستبعاده من المستشفى، وتعيين طبيب آخر مكانه بصورة غير قانونية». يُخرج النابلسي من حقيبته قرار مجلس الخدمة المدنية المتعلق بالنتائج النهائية للمباراة التي أجراها المجلس لبعض الوظائف الشاغرة في ملاك المؤسسة العامة لإدارة المستشفى، وفيها اسم عماد عبد الرحمن النابلسي مرفقاً بعبارة «مرشح واحد ناجح فقط». وفي حوزة النابلسي إفادة مذيّلة بتوقيع رئيس مجلس إدارة المستشفى تُقرّ بتعيينه «طبيب اختصاصي جراحة نسائية وتوليد مكلف كرئيس قسم التوليد». أما الوثيقة الثالثة، فهي المرسوم المتعلق بـ«نظام المستخدمين والمتعاقدين في المؤسسات العامة، التي تتولى إدارة المستشفيات العامة»، والمتضمن في المادة الـ56 بدل أتعاب الطبيب. ويبرز النابلسي أيضاً المرسوم الرقم 5559، الذي يحدّد «ملاك المؤسسة العامة التي تتولى إدارة مستشفى ومهمّات الوحدات وخبرات العاملين فيها ورتب ورواتب المستخدمين». وتنص المادة من المرسوم الـ19 على الآتي: «يتحمل رئيس القسم كامل المسؤولية المهنية عن الأعمال المنجزة في قسمه، ويكون مسؤولاً عن مراقبة ملفات المرضى».
ويروي النابلسي كيف شكا أمره إلى مجلس الخدمة المدنية، فنصحه الموظفون هناك بالمتابعة في وزارة الصحة العامة. يومها، خاطب وزير الصحة السابق د. محمد جواد خليفة في عريضة بعنوان «المطالبة بمستحقات متوجبة ومراعاة الانتظام العام» سُجّلت في مصلحة الديوان بالوزارة. وبعد سلسلة متابعات، يقول النابلسي إنه تلقى معلومات تفيد أن العريضة محفوظة في أدراج الديوان بناءً على تدخل أحد أعضاء مجلس إدارة المستشفى.
بعدها، حصل النابلسي على قرار إدارة المستشفى بتعيين رئيس قسم توليد راسب في مباراة مجلس الخدمة المدنية، مستهجناً اعتماد «المحسوبية معياراً لتسلّم المراكز».
في المقابل، يؤكد رئيس مجلس إدارة المستشفى سعد الخوري أن قرار مجلس الخدمة المدنية غير ملزم للمستشفى، و«نحن لا نستطيع مخالفة القانون، وبإمكان الطبيب المعترض مراجعة وزارة الصحة ونقابة الأطباء». ويشير إلى أن الطبيبة التي ترأس حالياً قسم التوليد تنفذ قرابة 80 عملية ولادة من أصل 130 عملية في الشهر، ما يعكس ثقة المرضى بقدراتها، ويدعم الشعار الذي ترفعه المستشفى «حق المواطن في اختيار الطبيب والمستشفى».
لا يحق للطبيب النابلسي، بحسب الخوري، أن «يفرض نفسه على المستشفى، بينما تمر أشهر ولا نرى اسمه بين الكشوف الطبية!».