تفتح عدد من المدارس الخاصة أبوابها اليوم، لاستقبال طلاب الشهادات الرسمية، وبينما تفتحها الأغلبية بهدف البدء بأعمال التسجيل والدورة الثانية (الإكمال)، ليخصص الحضور من الخامس حتى الخامس عشر من أيلول للأعمال الإدارية، على أن تبدأ الدراسة بشكل فعلي بين 15 و30 أيلول.
ومع فتح أبواب المدارس الخاصة، عاد همّ المدارس المجانية إلى الواجهة، ومعه مطالب الهيئات التعليمية فيها بإقرار أربع درجات ونصف الدرجة، تنفيذاً لمطلب معلمي التعليم الأساسي الرسمي، ما يضع تلك المدارس، وعددها 378، في موقع الخطر، خصوصاً أنها تضم أكثر من خمسة آلاف معلم، توفّر التعليم لأكثر من مئة وأربعين ألف تلميذ، كما أنها في أحيان كثيرة تحل مكان المدارس الرسمية لجهة الكلفة.
ومع بقاء قضية عدم إقرار الدرجات لمعلمي التعليم الأساسي (الابتدائي والمتوسط)، وعدم زيادة مساهمة الدولة في المدارس المجانية، معلّقة، بات من المنتظر أن نشهد بداية سنة دراسية ساخنة، في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة، ما سينعكس سلباً على الكثير من المدارس الخاصة التي ستضطر إلى الإقفال، وصرف معلميها.
ومن المتوقع أن يسلّم اتحاد المؤسسات التربوية اليوم الى وزير التربية والتعليم العالي دراسة أولية عن الكلفة المتوقعة للأربع درجات ونصف الدرجة، على التلميذ. وكشفت مصادر الاتحاد لـ«السفير» أن الدراسة أجريت على خمس مؤسسات متنوعة، وتبين أنه إذا دفعت الدرجات فستتراوح الكلفة على الطالب ما بين ثلاثمئة وأربعمئة وخمسين ألف ليرة. وتشير الدراسة إلى أن قيمة الدرجة تتراوح ما بين أربعين وستين ألف ليرة، ليكون المعدل الوسطي خمسين ألف ليرة، وحاصل ضرب المبلغ يساوي 225 ألف ليرة، يضاف إليه ما تدفعه المدرسة الى صندوق التعويضات والضمان الاجتماعي، والتناقص في عدد ساعات المعلمين، بحيث يتم الدفع على أساس تعليم 24 ساعة في الأسبوع. ويدفع فعلياً لقاء 16 ساعة عمل فقط بفعل قانون التناقص، بالإضافة الى المصاريف الأخرى للمدارس، ويبقى الأهم من ذلك المفعول الرجعي، عن العام الحالي والعام الماضي.
ويترافق ذلك مع أجواء تناقلها مديرو عدد من المدارس المجانية، عن أحد مستشاري وزير التربية، أبلغهم بعدم اكتراثه بما سيحلّ بالمدارس المجانية، وأنه لا يشجع الوزير على المضي قدماً في زيادة مساهمة الدولة في تلك المدارس. وسأل هؤلاء المدراء: «هل سيوافق الوزير على ما يطرحه مستشاره؟ أم أنها مناورة للتخفيف من قيمة المساهمة، وفي أحسن الأحوال الإبقاء عليها كما هي؟».
ويرفض الأمين العام لاتحاد المؤسسات التربوية الخاصة في لبنان الأب مروان تابت، الخوض في الموضوع، أو علمه بما قاله «أحد المستشارين»، وأشار لـ«السفير» الى أن «ما يهم هو الاجتماعات مع مستشار الوزير الدكتور غسان شكرون»، ووصفها بـ«الجيدة والمثمرة»، وبأن «موقفه ايجابي»، وقال: «نتريث في اتخاذ أي موقف بانتظار ما سيحصل هذا الأسبوع من نتائج».
وسأل الأب ثابت: «في حال تم إقرار الدرجات، من أين ستأتي المدارس المجانية بالأموال، إذا لم يكن هناك من زيادة لمساهمة الدولة، التي لا تزال قيمتها بحدود أربعمئة وخمسين ألف ليرة عن كل تلميذ، في ظل الحالة المالية المزرية لهذه المدارس؟». وتابع: «ما زالت هذه المدارس تتخبط بما تم دفعه للمعلمين في مرحلتي التعليم الإبتدائي والمتوسط، جراء الدرجات الثلاث الأخيرة تتمة الدرجات الست، والدولة لا تزال تدفع ثلاثمئة دولار عن التلميذ الواحد فقط، على الرغم من أن الدولة لم ترفع قيمة مساهمتها ليرة واحدة».
وتمنى على وزير التربية «عدم إصدار أي قرار بانتظار ما سيصدر عن لجنة مؤشر غلاء المعيشة، التي تطالب نقابة المعلمين أن تكون فيها، لمعرفة القيمة الفعلية للتضخم».
ووجه الأب ثابت تحذيرا الى المسؤولين: «إذا تعرضت المدارس المجانية لأي إشكال، فسيكون نحو خمسة آلاف معلم في الطريق، عدا مصير تلامذتها.. فهل باستطاعة الدولة عندها استيعاب الجميع؟».
تجدر الإشارة الى أن اتحاد المؤسسات التربوية يطالب بـ«تعديل المادة 3 من قانون 15 حزيران 1956، لزيادة المساهمة المالية للدولة مع كل زيادة تطرأ على الأجور، وليس كلما ارتفع الحد الأدنى، وتنفيذ المرسوم الرقم 2359 الصادر في العام 1967 المتعلق بدفع مساهمة الدولة السنوية على دفعتين الأولى في شباط والثانية في تموز من السنة ذاتها».
يذكر أن المساهمة المالية للدولة ترتبط بالحد الأدنى للأجور (الحد الأدنى × 1,5)، ويطالب الاتحاد برفع المساهمة وربطها أيضاً بأي زيادة تقرها الدولة على الاجور والرواتب لأفراد الهيئة التعليمية.
نقابة المعلمين: تآكلت رواتبنا
تعترف نقابة المعلمين في المدارس الخاصة، بأن وضع المدرسة الخاصة المجانية «في خطر يهددها، ويهدد بالتالي معلميها، ويتمثل بعدم قدرة هذه المدارس على الاستمرار في ظل تأخر الدولة في دفع المنح المقررة، ومع إقرار درجات جديدة للمعلمين لا تلحظ في هذه المنح».
ويوضح نقيب المعلمين نعمه محفوض لـ«السفير» أن «النقابة تتفهم مطالب المدارس الخاصة المجانية، أما القول بأن المعلم إذا أخذ فرنك تقفل المدارس، فهذا لا نقبل به، ولا نوافق عليه». وقال: «الدراسات الأخيرة لمؤشر التضخم تظهر أن نسبته بلغت 101 في المئة منذ العام 1996، وكل ما تم زيادته على الرواتب هو مئتا ألف ليرة، أي بنسبة تقارب 15 في المئة، فتتبقى نسبة 85 في المئة، وهي نسبة تأكل الرواتب». ولفت الى أن «المعلمين يصرخون مثل أي مواطن لأن رواتبهم تآكلت بفعل الغلاء وارتفاع الأسعار، والحكومة مضى عليها ثلاثة أشهر ولا نسمع منها أي صوت، والاتحاد العمالي غائب، أما إذا كان القصد من التلويح برفع الأقساط المدرسية، بحجة إعطاء المعلمين الدرجات، الذين يعانون، يهدف الى مواجهتهم مع الأهالي، فهم الأهالي..». وانتقد الطبقة السياسية والمافيات المسؤولة عن الغلاء، وقال: «سيرتفع صوتنا بوجههم، ونقف الى جانب المطالب المحقة للمدارس الخاصة المجانية، وعلى المسؤولين الالتفات الى وجع الناس».
وسأل محفوض: «هل من المعقول ألا يلتفت مجلس الوزراء إلا الى الكهرباء، والعام الدراسي على الأبواب، والغلاء مستشر، والمحروقات ترتفع أسعارها، وأيضاً الكتب والأقساط المدرسية، وكل ذلك لا تحرك الحكومة ساكنا؟». ووعد بأنه «في حال بقي الأمر على ما هو عليه فسيكون العام الدراسي ساخنا».
وأكد أن «النقابة، بالتعاون مع المجلس المركزي لروابط المعلمين في التعليم الرسمي ستقف الى جانب مطلبها بالدرجات، وإذا لم يكن الوزير جدياً في البحث عن حل، فسيبدأ العام الدراسي بداية غير سليمة». وكشف أن هيئة التنسيق النقابية «ستتصدى بعد منتصف أيلول لموضوع الأجور وتآكل الرواتب».
واستغرب الكلام عن إقفال المدارس إذا أخذ المعلم الدرجات، وقال: «سمعنا تهديدا كهذا عند طرح الدرجات لمعلمي الثانوي، علما أن الدرجة كانت تساوي 26 ألف ليرة، والآن نعود لنسمع النغمة ذاتها».
وتمنى أن تفتح المدارس الرسمية أبوابها بالتزامن مع فتح المدارس الخاصة مطلع تشرين الأول، لانتظام العام الدراسي من جهة، ولرفع حجج المدارس الخاصة التي «تلعب على هذا الموضوع، لجهة أنها تبدأ في أيلول، وأن أي زيادة على الأقساط هي بدل تعليم شهر كامل عن الرسمي». كما أمل محفوض أن «يتم توزيع المعلمين في المدارس الرسمية بدءا من اليوم وليس بعد بداية العام الدراسي».
تجدر الإشارة الى أن معلمي وأساتذة التعليم الرسمي بدأوا منذ اليوم الاثنين، الحضور الى مدارسهم وثانوياتهم، من أجل أعمال التسجيل والتحضير لبداية العام.(السفير 5 أيلول2011)