أطلق رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ووزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور «البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقرا» الذي يرفع شعار «حلاّ»، والذي اعتبره المسؤولون خطوة أولى، على طريق معالجة تفاقم الفقر في لبنان، وتعزيزاً لشبكة الأمان الاجتماعي.
يطمح «البرنامج» إلى استهداف 80 ألف أسرة تحت خط الفقر أي نحو 400 ألف لبناني، يبدأون بالاستفادة من سلة المساعدات غير النقدية بدءاً من منتصف الربيع المقبل، بعد التقدم بطلباتهم، إلى 96 مركزاً لوزارة الشؤون الاجتماعية موزّعة في المناطق كافة. وبحسب البرنامج، تخضع الطلبات للتدقيق والتحقيق الميداني من قبل 400 عامل ومحقق اجتماعي إضافة إلى موظفي الوزارة، وفقاً لآلية معقدة لغربلتها، والتأكد من صحة المعلومات الواردة فيها. وقد استبعدت سلة المساعدات، التي اقترحتها اللجنة الوزارية المعنية بالشأن الاجتماعي وأحالتها إلى مجلس الوزراء لإقرارها، نهائياً خيار المعونة النقدية، بعدما كان مطروحاً في السابق، لألف اعتبار ومحظور. وستضمن مروحة التقديمات المقترحة: الاستشفاء المجاني، والرعاية الصحية الأولية وتأمين الأدوية اللازمة، وإعفاء أبناء هذه العائلات من رسوم التسجيل في المدارس الرسمية بكافة المراحل، وتأمين الكتب المدرسية، إضافة إلى الإعفاء من رسوم الاشتراك في الكهرباء. هذا وقد واكب «البرنامج»، الذي خصص له مجلس الوزراء كرصيد أوّلي سلفة مالية مقدارها 28 مليونا و200 ألف دولار، حملة إعلامية رفعت العديد من الشعارات بهدف دفع الأسر الفقيرة للتقدم إلى المراكز في المناطق.
والجدير ذكره أن هذا المشروع هو تركة من الحكومات السابقة ومموّل خارجياً من البنك الدولي، وزارة الخارجية الإيطالية، والسفارة الكندية، وهو يندرج في إطار التزام لبنان بالبيان الوزاري والتوجّهات الدوليّة التي أقرّها، وخصوصاً خلال مؤتمر«باريس 3». ويرى المراقبون، أن المشروع يمثل اختباراً حقيقياً لمصداقية الدولة التي تصدّعت في الكثير من المفاصل والمحطات. والأكيد أنه سيتم تركيز المراقبين على مدى نجاحه في عبور الإعتبارات الطائفية والمناطقية، والترفع عن الاصطفافات السياسية والزبائنية التي طبعت الحياة العامة في لبنان، وعلى انه ليس فقط باباً إضافياً لهدر المال العام أو لتوزيع المال السياسي.
ويلاحظ أن تنفيذ هذا المشروع الذي يتطلب الكثير من الدقة والحرفية يأتي في الوقت نفسه الذي طرح فيه وزير العمل شربل نحاس مقاربة اجتماعية أشمل وأوضح تهدف إلى تأمين الحماية الصحية والإجتماعية للجميع من خلال إعادة توزيع الثروات الوطنية بما يحقق العدالة الإجتماعية، وعن طريق فرض سياسة ضريبية جديدة. وفي هذا السياق، تطرح شكوك جدية حول جدوى مثل هذه المقاربة الجزئية لقضايا الحقوق الإجتماعية، وكذلك مدى قدرة الدولة على تنفيذ البرنامج بفاعلية في حين أن المطلوب اليوم هو مقاربة إجتماعية شاملة للحقوق الاجتماعية للمواطن/ة بما يصون كرامته/ها ويوفّر له/ها سبل التعليم والصحة والأمان الإجتماعي من دون الحاجة إلى توسّل المساعدة من أي جهة كانت وفقاً لآلية معقدة وتستغرق الكثير من الوقت.