حمل "تقرير التنمية البشرية" لعام 2011، الصادر سنوياً عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مجموعة تناقضات ناجمة عن أسباب متعددة، لا تساهم في جلاء الصورة الشاملة للأوضاع الإنسانية والإجتماعية في لبنان. فقد صنف التقرير لبنان في المرتبة الحادية والسبعين بين 178 دولة، بما يؤشّر إلى أنه من الدول التي تتمتع بمعدلات تنمية مرتفعة، الا أن التقرير ذاته سجّل معدلات منخفضة في أبعاد التنمية البشرية بالنسبة لمكونات الصحة، والمعرفة ومستوى العيش اللائق، والتقصير في بناء قدرات المرأة. كما أشار التقرير إلى ضعف مؤشرات الفقر في البلاد مما ارغم القيمون عليه على احتساب معدلات متوسطية جاءت نتائجها مفاجئة، إذ تم تصنيف لبنان من بين الدول ذات الدخل الفردي المرتفع بالنسبة لمتوسط حصة الفرد من الناتج القومي عربياً، حيث يبلغ نصيب الفرد في لبنان 13 ألف دولار مقارنة مع المعدل العالمي البالغ عشرة آلاف دولار.
وبحسب التقرير، يظهر ترتيب لبنان بالنسبة لمكوّن الصحة اختلالاً كبيراً بين الكلفة الصحية للفرد في لبنان، والتي هي من ألأعلى عالمياً، وبين العمر المتوقع للعيش عند الولادة، حيث احتل لبنان المرتبة 14 عربياً مع 72.6 سنة للعمر المتوقع للفرد. أما بالنسبة لمتوسط سنوات التعليم المحققة، فقد بلغت في لبنان 7.9 سنوات، ليصنف الخامس بين الدول العربية بمعدل أعلى بقليل من المتوسط العربي، وأدنى بكثير من الرقم ألأوروبي الذي يناهز 12 سنة. ويظهر تناقض آخر في المؤشرات التي تعني لبنان لدى التطرق الى عدد السكان الذين حصّلوا تعليماً ثانوياً، إذ تبين ألأرقام ما يشبه "الفضيحة"، نسبة إلى انخفاض معدل لبنان البالغ حوالى 33 في المئة للأشخاص فوق الخامسة والعشرين، بينما تصل إلى 77 في المئة في البحرين، و55 في المئة في الأردن.
وذكر التقرير كذلك أن قيمة مؤشر عدم مساواة بين الجنسين في لبنان لعام 2011 بلغت 0.440، وشغل لبنان المرتبة الـ76 من أصل 146 بلداً. وفي لبنان، لا تشغل النساء سوى 3.1 في المئة من المقاعد البرلمانية، فيما تبلغ 32.4 في المئة نسبة النساء اللواتي بلغن مرحلة التعليم الثانوية أو العالي مقارنة بـ 33.3 في المئة من نظرائهن الرجال، كما تبلغ مشاركة المرأة في سوق العمل 22.3 في المئة مقارنة بـ 71.5 في المئة عند الرجال. (السفير، الأخبار 4 تشرين الثاني 2011)