تقول اوساط تربوية طرابلسية وشمالية انه منذ تشكيل الحكومة الجديدة اتخذ وزير التربية حسان دياب سلسلة تدابير قضت بسحب ملفات تربوية ذات صلة مباشرة بمصالح المواطنين ونقلها الى المديرية العامة في الوزارة والى مديرية التعليم الابتدائي مما ادى الى تقليص صلاحيات رئيس المنطقة التربوية والموظفين فيها الى درجة اعتبرتها الاوساط التربوية انها خطوة نحو الغاء المنطقة التربوية وتحويلها الى مجرد دائرة لا عمل للموظفين فيها سوى فتح الابواب صباحا واغلاقها عند نهاية الدوام.
التساؤلات التي تثيرها فاعليات سياسية وتربوية ركزت على خلفيات هذه التدابير التي اوحت بالغاء اللامركزية الادارية واعادة المركزية الى سابق عهدها وان المواطنين الشماليين وحدهم الذين بدأوا يدفعون الثمن في ما يتكبدونه من مشقات وعناء الانتقال الى مقر وزارة التربية في بيروت من اجل ورقة صغيرة كانت المنطقة التربوية توفرها وتوفر على المواطن عناء «السفر» لساعات الى بيروت للحصول عليها.
وسألت الاوساط التربوية لمصلحة من ولأيّ هدف يتم تفريغ منطقة الشمال التربويّة من صلاحياتها؟
ورأت هذه الاوساط ان هذه التدابير قد تكون ناتجة عن ضعف الخبرة لدى الوزير دياب الآتي من عالم غريب عن عالم التربية ومن نتائج ذلك انه أوكل مهامه الى المحيطين به من مدير عام التربية ومدير التعليم الابتدائي اللذين وجدا فرصة ذهبية في هذا التوكيل غير المعلن ليمارسا دورا يتلاءم مع مصالحهما السياسية والمناطقية والشخصية تجسد في اتخاذ قرارات أفضت الى اشكاليات والى خضات في الاوساط التربوية الشمالية ابرزها تفريغ العديد من المدارس التي تعاني نقصا في كادرها التعليمي.
واشارت مصادر سياسية وتربوية اخرى الى خطورة الوضع التربوي في الشمال وأن الملف التربوي بات قنبلة موقوتة قد تنفجر في اي لحظة نتيجة ما آلت اليه الاوضاع من تهميش فاضح للمنطقة التربوية ومن تدابير تدفع بذوي الحاجة من المواطنين الى التوسط لدى «الزعيم الاقطاعي»والى نواب المنطقة او وزراء للتوسط لديهم واحياء دورهم في تقديم الخدمات التي توظف لاهداف انتخابية.
وتوضح المصادر حقيقة وخلفيات القرار الذي اتخذه وزير التربية وادى الى ما ادى من خضة واسعة في الشمال وحالة غليان في طرابلس والشمال فتشير الى ما يلي:
اولا : ان وزير التربية قرر سحب كل الملفات ذات العلاقة بالمواطنين ووضعها بيد مدير التعليم الابتدائي وابرز هذه الملفات ملف التعاقد التي اعتاد المواطنون على تقديم طلبات التعاقد في المنطقة التربوية فحصر استقبال الطلبات في مقر الوزارة في بيروت عدا عن الاصول تقتضي الاعلان عن الحاجة الى مدرسين من كل الاختصاصات بالتعاقد وجرى نشر الاعلان عبر الانترنت وسحبت سريعا ليتم تهريب طلبات التعاقد حسب المحسوبيات وللمقربين عبر تبليغ انصارهم في المناطق دون تعميم خبر التعاقد،وبات على من يسعى الى التعاقد ان يحمل ملفه الى بيروت متجاوزا المنطقة التربوية ذات التماس المباشر مع المدارس والادرى بحاجاتها.
ثانيا : فضيحة المناقلات في مدارس طرابلس والشمال والتي جرت وفق خلفيات طائفية وسياسية مكشوفة اتخذها المدير العام ووافق عليها الوزير دون التدقيق فيها مما ادى الى تفريغ مدارس من مدرسيها ونقلهم الى مدارس تعاني فائضا واعتبرت اوساط طرابلسية أن قرارات النقل كانت عدائية بحق ابناء المدينة وان القرار تضمن اسماء 18 مدرسا نقلوا من مدارس تعاني النقص الى مدارس تعاني الفائض اضافة الى اسماء 13 مدرسا نقلوا من مدارسهم الى مدارس اخرى دون ان يقدموا طلبات نقل مما يشكل مخالفة للاصول المرعية الاجراء وفي كل ذلك تجاهل لرأي رئيس المنطقة ودون العودة اليه والاطلاع على حيثياته حتى أن هناك قرارات نقل ذات حيثية موضوعية القيت في ادراج الوزارة رغم تبليغ اصحابها فعمد الوزير على توقيف القرارات.
ثالثا : ان ما يثير الاستغراب لدى الاوساط السياسية والتربوية الشمالية ان مديرية التعليم الابتدائي تعمد الى الاتصال مباشرة بالمدارس في الشمال متجاوزة المنطقة التربوية وتطلب من مدراء المدارس ارسال «فاكسات» تبين حاجاتهم الى مدرسين وغير ذلك دون العودة الى رئيس المنطقة مما اوحى بان هذا التهميش يؤدي الى الغاء دور المنطقة التربوية او ذات صلة باهداف وغايات سياسية.
هذه الاوساط تحاول ايجاد مبررات لما يمارسه وزير التربية فتعرب عن اعتقادها ان الوزير ليس له صلة بالواقع التربوي عامة وليس على اطلاع بالملف التربوي وما سببته قراراته وتسببه من انعكاسات سلبية خطيرة على العملية التربوية وان التربويين حاولوا شرح الواقع الراهن الى نواب وسياسيين وهم بصدد وضع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في خفايا هذه القضية قبل ان تنفجر في وقت قريب جدا لأن من شأن هذا الواقع أن يسيء الى المواطنين الشماليين كافة ويؤدي الى عراقيل وتكبد مشقات باهظة في وقت احوج ما يكون الشمال فيه الى منح صلاحيات واسعة للمنطقة التربوية لتسهيل شؤون الناس.(الديار 15 تشرين الأول)