تدخلات سياسية و«توازنات» طائفية تعيق تعيين لائحة مقترحة لثمانية رؤساء للمناطق التربوية

علمت «السفير» أن لائحة تعيين رؤساء المناطق التربوية الثمانية باتت شبه جاهزة للصدور بمرسوم بناء على اقتراح وزير التربية حسان دياب على ان يحمل المرسوم تواقيع رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي والوزير المعني، والمتوقع ان يحصل في غضون أيام بعدما دقق مجلس الخدمة بالأسماء، وأيضا القوى السياسية في الحكومة.
كما علمت «السفير» انه سيتم صدور تعيين رؤساء المناطق التربوية على دفعتين لعدم اقتناع وزير التربية بكفاءة بعض المرشحين لهذه المواقع، نتيجة بعض التدخلات التي حصلت في اليومين الماضيين، بعدما عرفت مراجع سياسية بأمر المقابلات والتعيينات، علما بأن توصية مجلس الخدمة المدنية تقترح صدور التعيينات بمرسوم واحد. وكان سبق أن أعد مرسوم بأسماء ستة مرشحين (بيروت والبقاع الغربي، وعكار، والجنوب والنبطية والشمال)، بانتظار حلحلة العقد في جبل لبنان وبعلبك - الهرمل.
وأشارت مصادر وزارة التربية الى ان الأسماء تم اقتراحها من قبل المديرية العامة في الوزارة من دون معرفة أي من المرشحين المسبقة استنادا الى ملفات المرشحين الموجودة في المديرية. إلا أن هذه المصادر لفتت الى ان الوزير دياب هو من أجرى المقابلات (أكثر من خمسين مقابلة لاختيار ثمانية مرشحين) مع المرشحين إما في حضور مستشاره القانوني أو مديرة مكتبه، لتدوين المحاضر عن كل مقابلة، وفي غياب االمدير العام للتربية فادي يرق «الذي كان خارج الأراضي اللبنانية لحضور مؤتمر تربوي»، أو أي مدير معني بالأمر، خصوصا مديري التعليم الثانوي محيي الدين كشلي والابتدائي جورج داوود، بحسب المصادر.
وأوضحت المصادر ذاتها ان الوزير وضع في خلال المقابلات التي أجراها، معايير تتعلق بالقدرة القيادية، والخبرة الإدارية والكفاءة العلمية وقوة الشخصية، والقدرة على معالجة المشاكل وطرح الرؤية التربوية وإتقان اللغة الأجنبية لكل مرشح.
ونفت ان يكون قد تم طرح أسماء رؤساء المناطق التربوية المرشحين مع أي من السياسيين وان ما طرح من أسماء وتدخلات سياسية مغلوطة في معظمها. إلا أن مصادر أخرى انتقدت تغييب المسؤولين المباشرين عن المشاركة على الأقل في اتخاذ القرار أو حتى إبداء الرأي.
تجدر الإشارة الى ان القواعد المتبعة في التعيينات تشير الى وجود آليات لاختيار المرشحين لرؤساء المناطق التربوية، أولاها أن يكون المرشح استاذا في ملاك التعليم الثانوي (فئة ثالثة في السلم الوظيفي) منذ أكثر من عشر سنوات، وسبق له ان مارس الإدارة، خصوصا ان تعيينه كرئيس منطقة تربوية سيكون في الفئة الثانية. كما ان اختيار المرشحين كان يتم من خلال لجنة تتألف من وزير التربية والمدير العام للتربية ومديري التعليم الثانوي والأساسي، وخبراء تربويين من داخل الوزارة، ومهمة هذه اللجنة الاجتماع مع المرشحين ومقابلتهم على حدة وإجراء تقويم لسيرهم الذاتية، بناء للمعايير الموضوعة.
ولفتت المصادر الى أن ما حصل هو أن مديري الوزارة علموا بالمقابلات بـ«التواتر»، من خلال سحب ملفات المرشحين من دائرة شؤون الموظفين.
وقد أرسلت وزارة التربية أسماء من تمت مقابلتهم الى مجلس الخدمة المدنية، قبل أسبوعين في مغلف حمل طابع السرية، لأخذ الرأي والتدقيق، وعاد المغلف الى الوزارة مع الموافقة، بمغلف مماثل صباح يوم الجمعة الفائت، باستثناء أسماء رؤساء مناطق بعلبك - الهرمل، وجبل لبنان وبيروت الذي بقي من دون أي تغيير.
وصباح يوم الخميس الفائت، تمت مقابلة المرشح إبراهيم سكر (أستاذ ثانوي في ثانوية الأشرفية)، بعدما كان قد سبق وطرح اسمين لتولي الموقع، إلا أن المصادر أشارت الى أن ما طرح من أسماء لم تلق رضا مرجع سياسي كبير، اضطر معها وزير التربية لعقد اجتماع معه يوم الأربعاء الماضي على مدى ساعة من الوقت، تم في نتيجتها التوافق على اسم سكر، وبعد ظهر يوم الجمعة الفائت أعد كتاب وتم إرساله الى مجلس الخدمة المدنية لتولي سكر رئاسة منطقة جبل لبنان.
كذلك الأمر، حصل بالنسبة الى رئيس منطقة الجنوب التربوية، الذي لقي اعتراضا من قبل رئيسة لجنة التربية النيابية بهية الحريري، لكن هذا الاعتراض لم يلق أي صدى. وفي منطقة بعلبك - الهرمل انحصرت المنافسة بين ثلاثة مرشحين (تمت مقابلتهم)، هم: رامز يزبك (عدد سنوات الخدمة غير مكتملة)، وعبد الله الزين (الأوفر حظا) وليندا الحسيني (رئيسة المنطقة التربوية في بعلبك الهرمل). علما أن هناك إشكالا في السياسة لجهة تعيين رئيس المنطقة التربوية، لم يتم البت فيه حتى مساء السبت الفائت، وهي مرتبطة بتعيين رئيس منطقة الجنوب التربوية.
وباتت اللائحة موزعة طائفيا ومناطقيا حسب أخر لائحة، كالآتي: بيروت: محمد الجمل (سني)، وجبل لبنان: إبراهيم سكر (ماروني والأوفر حظا)، وطرابلس: نهى حاماتي (روم أرثوذكس وزوجة رئيس منطقة طرابلس الأسبق فوزي نعمه)، وعكار: حسن الناظر (سني يبقى في حال التوافق على التوزيع الطائفي)، والجنوب: طارق هرموش (شيعي)، والبقاع الغربي - زحلة: يوسف البريدي (كاثوليك، بعد ضم خدماته في التعاقد)، والنبطية: علي فايق (درزي)، وبعلبك - الهرمل: عبد الله الزين (شيعي).
وتوقعت مصادر سياسية أن تشهد التعيينات أخذا وردا، وبعض التبديلات في اللحظة الأخيرة، خصوصا أنه تم إعطاء مهلة أربعة أيام لرفع الأسماء بصورتها النهائية، الى رئيسي الجمهورية والحكومة. ولا تعلق المراجع المتابعة أملا كبيرة على اللائحة المذكورة باعتبار أن التوازن الطائفي يغيب عنها، وبانتظار أن تحظى بموافقة المرجعيات، في ظل وجود خمسة أسماء لمسلمين فيها مقابل ثلاثة للمسيحيين، وهذا ما تعتبره المراجع بأنه يخل بمبدأ المناصفة، لا سيما أن موقع رئيس منطقة تربوية يصنف بحسب السلم الوظيفي في الفئة الثانية.