يستمر أصحاب وسائل النقل المدرسي في إهمال تعيين مراقب، ضاربين عرض الحائط بكل المراسيم والتعاميم الصادرة في هذا الشأن وآخرها تعميم لقوى الأمن الداخلي. أما المسؤولية فتتقاسمها إدارات المدارس والأهل المطالبون بدور رقابي
رامح حمية
لا تجد التعاميم والمراسيم المتعلقة بالنقل المدرسي طريقها إلى التطبيق رغم الحوادث المتكررة في الشوارع. أمس، اصطدمت حافلتان مدرسيتان على أحد طرقات الجنوب، فيما أوقع حادث آخر في جعيتا ـ كسروان، جرحى في صفوف التلامذة. ومع ذلك، بقي تعميم مديرية قوى الأمن الداخلي بالتشدد في تطبيق أحكام قانون السير عموماً، والمرسوم 4018 الخاص بتحديد مهمات المراقب في الوسائل المعدة لنقل تلامذة المدارس الرسمية والخاصة والقانون 551 المتعلق بوسائل نقل التلامذة، خارج التنفيذ رغم مرور شهر على صدوره.
والجدير ذكره هنا أنّ إهمال تعيين مراقب في كل وسيلة نقل، يحكم عليها بغرامة تراوح بين قيمة الحد الأدنى الرسمي للأجور وضعفيها، استناداً إلى محضر منظم من القوى المولجة بتطبيق قانون السير.
لكن القوى الأمنية لم تنظّم حتى اليوم أي محضر مخالفة بحق وسائل النقل، أو هذا على الأقل ما يؤكده رئيس اللجنة اللبنانية للوقاية من الحوادث المدرسية (لاسا)، جو دكاش، وذلك بعد اتصالات أجرتها اللجنة أخيراً مع آمري فصائل السير في قوى الأمن الداخلي، ما يعني، بحسب دكاش، أنّ «التعميم لم يطبق نهائياً»، عازياً السبب إلى تذرّع القوى الأمنية «بمنح فترة إنذار لإدارات المدارس، حتى نهاية الأسبوع الأول من الشهر المقبل أو بعد أعياد الميلاد ورأس السنة».
ويشدّد الرجل على «أهمية الإسراع في تنفيذ تعميم قوى الأمن في كل المناطق اللبنانية، بالنظر إلى المخاطر اليومية المحدقة بأطفالنا»، مشيراً إلى «ضرورة عدم مساواة الغرامة الخاصة بوسائل النقل والمدارس المخالفة مع غرامة مخالفة حزام الأمان والوقوف الممنوع، وأن يجري تطبيق التعميم المذكور، ما سيشكل رادعاً فعلياً للمخالفين».
أما المسؤولية فيتقاسمها، برأي دكاش، الأهل مع المدارس، وذلك عبر «تفعيل دور مجالس الأهل الرقابي في المدارس على اختلافها». ولإدارات المدارس دور كبير، كما يقول، وخصوصاً أنها تستوفي أقساطها على أكمل وجه، في الوقت الذي تفرض فيه وزارة التربية عليها التقيد بالقانون 551 والمرسوم 4018.
وبناءً عليه، بات النقل المدرسي مشكلة يومية يعيشها أولياء الأمور وإدارات المدارس، ويمكن ملاحظة المخاطر المحدقة بالتلامذة، من خلال غياب المراقب في وسائل النقل، وافتقاد غالبيتها لمواصفات السلامة العامة والصحة. ولم يعد غريباً مشهد التلامذة المتكدسين فوق بعضهم البعض وبصورة متراصة، فيما يتخذ البعض الآخر من حقيبته أو حضن شقيقه أو شقيقته مقعداً له. «هيك أحلى، مندّفا على بعض»، يقول علي مشيك، التلميذ في الصف الرابع أساسي، الذي يخرج رأسه من نافذة «الفان» الصغير، ويخطئ مرات عدة في عدد زملائه داخل الفان «43..44، لا لا 47»، يقول.
في المقابل، يصف مدير إحدى المتوسطات الرسمية واقع وسائل النقل المدرسي في البقاع بالمزري، نافياً أن تكون إدارات المدارس الرسمية قادرة على تعيين مراقبين، وإلزام أصحاب «الفانات» بهم، لكونها وسائل نقل خاصة، ويتذرع أصحابها بأوضاعهم الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي لا تسمح لهم بتعيين مراقبين. ويرى المدير أنّ الحل يكمن «بيد الدولة» عبر فرض غرامة مالية على المخالفين.
بدورها، تشير مديرة مدرسة دون بوسكو في حدث بعلبك لينا أبو نعوم، إلى عجزها عن إلزام أصحاب الفانات بتحسين حالة وسائل النقل خاصتهم، وأن محاولاتها السنوية بدعوة الأهل والسائقين إلى حضور ندوات توعوية لمخاطر عدم توفر معايير السلامة في وسائل النقل، «باءت بالفشل جميعها». وكشفت أبو نعوم عن إقدامها منذ أسبوعين على توجيه رسائل إنذار خطية مع التلامذة، تحذر فيها الأهل من المشاكل التي يتعرض لها التلامذة ما خلا حوادث السير، ومنها «انتقال العدوى المرضية من تلميذ إلى آخر (الرشح، الأمراض الجلدية، القمل، إلخ.)، وخصوصاً أنّ عدداً من أصحاب «الفانات» يعمدون، وتوفيراً للمحروقات والوقت إلى تكديس الطلاب بعضهم فوق البعض الآخر، فضلاً عن تعرّض السائقين بالضرب للتلامذة».