إدارات المدارس ودور النشر تؤكد أن أرباحها محدودة أسعار الكتب ارتفعت ومطالبة المركز التربوي بتعزيز دوره

دخل التلامذة إلى مدارسهم وباشروا دروسهم، غير أن قصّة إبريق الزيت التي اعتاد الأهالي تكرارها مع بداية كلّ سنة دراسية تكررت هذه السنة، وقد تتكرر في كلّ سنة. فاستفساراتهم عن ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية وسط ضيق أوضاعهم الإقتصادية لا يلقى سامعا أو مجيبا، وهم مجبرون على دفع التكاليف.
رغم انطلاق السنة الدراسية، تابعت "النهار" شكاوى الأهالي لمعرفة سبب وكيفية تطور أسعار الكتب واللباس المدرسي في الاعوام الأخيرة، فقرعت أولا باب الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب مروان تابت، الذي أوضح أن "لا علاقة للأمانة بهذا الموضوع، فالمجموعات التربوية التابعة للأمانة تنظم نفسها بنفسها".
كنموذج عن هذه المجموعات، التقت "النهار" الأخت عفاف أبو سمرا مندوبة مدارس راهبات القلبين الأقدسين في أمانة المدارس الكاثوليكية، التي أوضحت أن "الإقتراحات المتخذة في الأمانة العامة لا تلزم الجماعات التربوية في مواضيع عدّة، ومن بينها تلك المتعلقة بالكتب واللباس المدرسي". وأشارت إلى أن "اتهام المدارس برفع أسعار الكتب أو تعديل الطبعات غير صحيح، فالمدارس لا تبيع الكتب إنما دور النشر، أما مديرة المدرسة فتقوم باختيار لائحة الكتب، لأنها تملك طبعا حريّة الإختيار"، لافتة إلى أن المدرسة تضطر إلى اعتماد طبعة جديدة للكتاب عندما تقوم "دار النشر بتغيير جزء من المعلومات الواردة في الكتاب كلّ سنة. يشكو الأهل من أن المعلومات الواردة في الطبعة الجديدة لم تتغير عن القديمة في شكل كبير، ولكن بمجرّد تغير الصفحات، سيكون هناك إرباك للتلميذ في الصف أثناء الشرح، لذلك نفضل إلزام التلامذة بالطبعة الجديدة".
وأوضحت أن "تبديل الطبعات هو من مصلحة دار النشر، وما من غاية للمدرسة في ذلك لأنها لن تعتمد طبعة جديدة لو أن دار النشر لم تعدّل الطبعة القديمة". أما عن اعتماد الكتب الأجنبية الباهظة الثمن وتبديلها من سنة إلى أخرى، فلفتت إلى أن تعديل الكتب يعود إلى كون "الدول الأوروبية تقوم بتعديل المعطيات الضرورية في كتبها كل مدة لمواكبة العلوم، فالعلم يتطوّر ومواكبته تعود بالخير على التلميذ، وليست مسألة مزاجية".
ولفتت إلى أن موضوع القرطاسية "يدخل ضمن القسط الذي يذهب 65% منه إلى الأجور، في حين تنفق الـ35% المتبقية على تحسين أوضاع المدرسة وشراء تجهيزات جديدة والقيام بأعمال الصيانة وشراء الطبشور وأوراق الإمتحانات ودفاتر العلامات ودفاتر التلامذة. ويمكنني أن أجزم أننا في المدارس التي كنت أعمل في إدارتها كنا نحتسب الدفتر بسعر أقلّ بكثير من سعر السوق".
وفي ما يخص اللباس المدرسي، أوضحت أن "الإدارة تلجأ إلى تاجر معين ينفّذ اللباس المطلوب، وبعد دراسة الكلفة نقتطع نسبة صغيرة على المبيعات لنغطي نفقاتنا. ليس هناك من نية لتحقيق الأرباح، ومع ذلك لا يجب أن نسقط في عجز، فهناك نحو 16 معلّمة يؤمنون العمل في أيام ليست ضمن دوامهم، وبالتالي علينا تأمين أتعابهم بالإضافة إلى مصاريف التنظيفات والكهرباء".
المقاصد
لفت مدير إدارة الشؤون التربوية في جمعية المقاصد في بيروت الدكتور كامل الدلال إلى أن "المقاصد الاسلامية لا تغيّر في كتبها المعتمدة من سنة إلى أخرى حتى يفيد التلامذة من شراء كتب مستعملة. ونعتمد الكتب الصادرة عن المركز التربوي للبحوث والإنماء وهي ليست غالية". أما في ما يخص اللباس المدرسي، فقال: "الأسعار لا تتغيّر مبدئيا من سنة إلى أخرى، فهي شبه ثابتة. كمؤسسة خيرية نرى أن العملية التربوية هي لخدمة المجتمع، وبالتالي ما من كلفة مرتفعة في مدارسنا".
نقابة أصحاب دور النشر
لفت رئيس نقابة الناشرين المدرسيين الياس سعد إلى وجود ثلاثة أنواع من الكتب في السوق اللبنانية "تلك الصادرة عن دور النشر الخاصة، والتي تحدّد النقابة أسعارها بمراقبة وزارة الاقتصاد، والصادرة عن المركز التربوي للبحوث والإنماء، وهي كتب ملزمة للمدارس الرسمية، وتلك المستوردة من الخارج، والتي تكون أسعارها محددة سلفا".
أما عن السبب الذي يدفع دور النشر إلى تغيير الطبعات من سنة إلى أخرى،: فقال: "تغيير الكتب موضوع تربوي ملح وضروري، وهذا معروف عالميا، فكل ثلاث أو أربع سنوات لا بدّ من تطوير الكتب لأن عملية التعليم غير جامدة بل متطورة. لكن التغيير الشكلي الذي يشكو منه الأهالي تقع مسؤوليته على إدارات المدارس. فلنفترض أن الناشر عدّل الطبعة تعديلا شكليا، فكيف تسمح المدرسة باعتماد الكتاب؟ على منسقيها التربويين دراسة الكتاب قبل اعتماده".
وعن كيفية تطور أسعار الكتب في الاعوام الأخيرة، قال: "بقيت الأسعار ثابتة منذ العام 2004 حتى عام 2010، غير أن الأزمة العالمية أدت إلى ارتفاع ثمن الورق في شكل هائل من 900 دولار للطن الواحد إلى 1400 دولار. توصلنا حينذاك مع وزارة الاقتصاد إلى رفع ثمن كتبنا بنسبة 8% لنغطي كلفة الورق وحتى لا نقع في عجز، لذلك تبدّلت الأسعار عام 2010 وبقيت على حالها هذه السنة".
ولفت سعد الى اختناق القطاع بسبب الضوابط التي يفرضها عليه القانون، وقال: "نطالب بأن يمارس المركز التربوي للبحوث والإنماء دوره في البحوث والاكتشافات والتطور التربوي وتطوير المناهج ومراقبة عمل دور النشر وكتبها وتدريب المعلمين والإشراف على النظم التربوية في المدارس الخاصة والرسمية، وألا يعمل في طباعة الكتب لان في إمكان دور النشر الخاصة أن تؤمن كتبا رخيصة للتلامذة بإشراف المركز التربوي وبرقابة وزارة الاقتصاد لناحية الأسعار، وليسمحوا لنا بالتطور والإبداع".