وزارة الشؤون الإجتماعية: صندوق بريد لتمويل المؤسسات الطوائفية والسياسية

تطرح ممارسات وزارة الشؤون الإجتماعية العديد من علامات الإستفهام حول دورها وكيفية انفاق اموال المواطن/ة خاصةً بعدما باتت الوزارة مصدراً رئيسياً لتمويل الكثير من الجمعيات والمؤسسات الطائفية والسياسية التي دأبت الوزارة منذ أمد بعيد بتلزيمها العمل الإجتماعي من دون أي رقابة تذكر.
ويشير تحقيق نشرته "السفير" إلى أن حصة الجمعيات الرعائية من مجموع موازنة وزارة الشؤون الاجتماعية تبلغ سبعين في المئة، موزعة على جمعيات تنتمي إلى مختلف الطوائف والمذاهب، وبحيث تصل حصة البعض منها إلى 12 مليار ليرة في السنة (أي 8 ملايين دولار). وعلى الرغم من أن مستحقات المؤسسات الرعائية «تبتلع» وزارة الشؤون، وتحولها إلى «صندوق بريد تمويلي» ما بين الدولة والقطاع الرعائي، فإنه بحسب "السفير" ليس بمقدور مفتشٌ واحد من وزارة الشؤون الدخول إلى العديد من تلك المؤسسات للوقوف على نوعية الخدمات التي تقدمها. ومن جهة أخرى، تحصل 230 جمعية أهلية ومؤسسة دينية غير الجمعيات الرعائية على دعم مالي من الوزارة يناهز 7.5 مليارات ليرة لتمويل بعض مشاريعها بموجب عقود مشتركة. وذكرت الصحيفة أن تلك الهيئات لم تقبض كامل قيمة عقودها المشتركة منذ العام 2006، فيما اقتصرت دفعات الوزارة، طوال ست سنوات، على رواتب العاملين في المشاريع، والبالغ عديدهم حوالى أربعمئة عامل.
ويبيّن التدقيق في نوعية المشاريع التي تنفذها تلك الجمعيات بموجب العقود المشتركة مع وزارة الشؤون، وجود 147 مركزاً صحياً واجتماعياً في كل لبنان، بينها 58 في جبل لبنان و27 في الشمال و21 في الجنوب و10 في النبطية و18 في البقاع وبعلبك الهرمل، فيما تشير المعطيات الإحصائية إلى انه على الرغم من كل هذه المراكز لا يزال خمسون بالمئة من اللبنانيين لا يملكون القدرة على النفاذ إلى الخدمات الصحية. ويطرح الكثير من المعطيات الميدانية تساؤلاً جدياً حول مدى فعالية بعض تلك المشاريع وجديتها، وحول الجهة المسؤولة عن ضعف مراقبة آليات التنفيذ.
وفي هذا الإطار، يجدر الذكر أن الوزارة كانت قد أعدّت مؤخراً الاستراتيجية الوطنية للتنمية الاجتماعية تلبيةً لالتزام أعلنته حكومة لبنان ضمن إطار خطة العمل الاجتماعية التي قُدّمت الى مؤتمر باريس 3 للمانحين. ويرى المراقبون أن هذه الإستراتيجية ليست على مستوى الطموحات الإجتماعية والتنموية، إذ انها جاءت مليئة بالمفارقات وتمّ حشوها بلائحة إنجازات واهية. وقد حددت الإستراتيجية، التي لم تصدر بعد النسخة العربية منها حتى الان، 6 عناصر أولوية يندرج تحتها 53 هدفاً، وهي عناوين بديهية لا يقترن تنفيذها باي آلية واضحة. ومن العناوين العامة والبراقة التي احتوتها الاستراتيجية: تحقيق صحّة أفضل، تعزيز آليات الحماية الاجتماعية، الارتقاء بنوعية التعليم، تعزيز فرص العمل المتكافئة والآمنة، تنشيط المجتمعات وتعزيز تنمية الرأسمال الاجتماعي، تشجيع التنمية الاقتصادية – الاجتماعية.
وفي غضون ذلك، استمرت الوزارة منذ بداية العام 2011 بعملية إفتتاح أكثر من عشرين مركزاً جديداً في مناطق مختلفة وفي غياب اي رؤية استراتيجية واضحة، وذلك في اطار مسعى لاستجداء المساعدات المالية والهبات الأجنبية لتنفيذ مشاريع اجتماعية متنوعة كان آخرها «برنامج دعم الأسر الأكثر فقراً».
وأخيراً لا يمكن للمراقب الا ان يرفض الواقع الحالي الذي يجري فيه تحويل أموال المواطن/ة الى المؤسسات الخاصة الطائفية فيما الدولة تزيد من حجم الدين العام من خلال المساعدات الخارجية، وفي وقت لا يزال فيه المواطن/ة بعيد اشد البعد من الحصول على حقوقه، فيما تتسع هوة الفقر والتهميش الإجتماعي.