«رغم اعتقالهم داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي ومواجهتهم شتى وسائل التعذيب، لم ينس المعتقلون الفلسطينيون أبناء وطنهم الذين يواجهون أزمة الحقوق المدنية والاجتماعية في لبنان. فهدف هؤلاء الأسرى الذين اعتقلوا من أجل قضية هو التأكيد على هوية الفلسطيني الذي، رغم جميع الضغوطات التي يواجهها، يطلب العلم ولو في زنزانة». من هنا، جاءت المبادرة الفريدة من نوعها، حين تبرع الأسرى في السجون الإسرائيلية، في العام الماضي، ببدل نفقاتهم لـ«صندوق محمود عباس لمساعدة الطلاب الفلسطينيين في لبنان»، وجمعوا حينها مبلغاً قدره مئة وعشرون ألف دولار أميركي.
في الثاني والعشرين من شهر آب في العام 2010، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس قراراً رئاسياً يقضي بإنشاء صندوق لمساعدة طلاب الجامعات الخاصة، الذين أنهكت كاهلهم الأقساط الجامعية، ويعجزون عن تأمين تكاليف السنة الجامعية. وبالإضافة الى تبرعات الأسرى، يعتمد الصندوق على تبرعات أبناء الشعب الفلسطيني والقطاع الخاص داخل فلسطين المحتلة، كما تبرع موظفو الحكومة بيوم عمل من أجل الصندوق، وقد تمّ جمع المبالغ لإرسالها من رام الله إلى سفارة فلسطين في لبنان. وفي العام الماضي، استفاد من الصندوق أكثر من ألف طالب يتوزعون على مختلف المخيمات الفلسطينية. أما في العام الجاري فقد دخل الصندوق عامه الثاني، ومنذ بداية الأسبوع، بدأت تحويلات أقساط الطلاب تصل من رام الله الى إدارة الجامعات.
شروط الاستفادة
يشرح الملحق الثقافي في سفارة فلسطين ومدير مكتب الصندوق في لبنان ماهر مشيعل لـ«السفير» شروط الاستفادة من منح الصندوق، لافتاً إلى أنه «يشمل هذا العام 850 طالباً». ويضيف ان «كل طالب يستفيد من الصندوق وفقاً لشروط معينة واضحة في استمارة هدفها معرفة أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية». وبالتالي، «كلّما كان وضعه المادي أكثر سوءاً، حصل على نسبة أكبر من التبرعات». ويشرح أن «سياسة الصندوق تنطبق على متخرجي الثانوية العامة، فيستفيدون منه حتى يتخرجوا، شرط ألا يرسبوا». كما يشير الى أن «جميع الطلاب الفلسطينيين يستفيدون من هذا الصندوق، وهناك فترة زمنية محدّدة لفتح باب التسجيل، حيث لا يمكن للطالب أن يتقدم بملفه بعد مرور هذه الفترة». ويشدّد مشيعل على أنه «في حال قرر الطالب تغيير اختصاصه أو جامعته، لا يتحمّل الصندوق المسؤولية، وهو يتكفّل بالطالب على أساس اختيار الاختصاص الأول والجامعة التي قرر الانتساب إليها».
اعتراض من «أشد»
في المقابل، تواجه آلية عمل الصندوق انتقادات «اتحاد الشباب الديموقراطي الفلسطيني - أشد» الذي كان الجهة الفلسطينية الأولى التي دعت «منظمة التحرير الفلسطينية» إلى إنشائه. وعلى الرغم من اعتراف رئيس الاتحاد يوسف أحمد بأن «سياسة إدارة الصندوق لم تميز بين طالب وآخر»، إلا أنه يعود ليطرح مشكلة «مئة وعشرين طالباً كانوا قد تقدموا العام الماضي بطلبات متأخرة لأيام أو شهر بحده الأقصى للصندوق، بسبب عدم معرفتهم بوجوده، وقد حفظت طلباتهم ضمن ملحق خاص، ولم تتم مساعدتهم، وقد تبلغوا هذا العام بعدم إمكانية تسديد إقساطهم للجامعات». وشكّل ذلك، بحسب أحمد، «أزمة كبيرة لهم بفعل تراكم المبلغ المالي المستحق عليهم للجامعات».
ويتوقف أحمد عند «غياب التنسيق بين إدارة الصندوق والجهات الفلسطينية العاملة بالشأن التربوي في لبنان، سواء الهيئات الطلابية أو غيرها، حيث هناك الكثير من الملاحظات على آلية العمل او الشروط الموضوعة لاستفادة الطلبة من مساعدة الصندوق». ويعتبر أن «أهم هذه الشروط هو أن يكون الطالب حاصلاً على شهادة الثانوية العامة لهذا العام، وهذا الشرط يحرم العشرات من الطلاب من حقهم من الاستفادة من الصندوق».
وكمثال عن ذلك، يروي قصة مع الطالب خليل سليمان الذي نجح في العام الماضي في امتحانات الشهادة الثانوية. يحلم خليل بأن يصبح مهندساً، وبسبب ظروف والده الاقتصادية الصعبة، لم يتمكن من التسجيل في الجامعة، فقرر في العام الماضي، العمل في إحدى ورش البناء، «من أجل توفير مبلغ مالي يمكّنه من التسجيل في كلية الهندسة في الجامعة العربية لهذا العام».
وبعد عناء وتعب استمرا لسنة كاملة، توجّه إلى مبنى السفارة لتقديم طلب الاستفادة من الصندوق، ففوجئ بعدم قبول طلبه، «لأنه ناجح في الثانوية العامة في العام الماضي، حيث يتشرط الصندوق على الطالب أن يقدم الطلب في العام الذي يتخرّج فيه».(السفير 22/12/2011)