تزور لجنة حكومية اليوم مستشفى الهراوي الحكومي بهدف إعادة تصنيفه. الموظفون الذين يشكون الإهمال اللاحق بمستشفى لا يتجاوز عمره الأربع سنوات، يأملون تأجيل التصنيف إلى ما بعد حلّ مشاكله الكثيرة
أسامة القادري
البقاع | «مشكلة مستشفى زحلة الحكومي إدارية، والوزارة ستقوم بتعيين مجلس إدارة جديد وكفوء»، هذا ما قاله وزير الصحة علي حسن خليل خلال زيارته المستشفى الشهر الفائت وتقييمه لوضعه. الزيارة جاءت إثر تحرّك قام به موظفو المستشفى وعماله احتجاجاً على تأخير مستحقاتهم أربعة أشهر، وقد وعدهم الوزير خيراً آنذاك.
تصريح الوزير هذا وضع المستشفى ضحية بين طرفين: «حانا الوزارة ومانا الإدارة». المستشفى الذي فتح أبوابه قبل أربعة أعوام، بعد انتقاله من المعلقة، لم يعد يقدّم الخدمات الصحية المناسبة لمواطنين هم بأشد الحاجة إلى مرفق صحي عام، إذ أمسى هذا الصرح الطبي الذي يضمّ 170 سريراً، أشبه بمستوصف يقدم الإسعافات الأولية. وهذا ما يمكن أن يشعر به أيّ زائر دخل المستشفى قبل الثامن من الشهر الجاري، أي قبل تبلّغ الإدارة أن المستشفى سيخضع للتصنيف من قبل لجنة ستزورها في 19 و20 و21 من كانون الأول، فمنذ ذلك التاريخ، قامت إدارة المستشفى بتوقيع عقد مؤقت لمدة عشرة أيام مع إحدى شركات التنظيف، أي إلى حين انتهاء فترة التصنيف، وبعدها قد تعود الأمور إلى ما كانت عليه. يدرك الزائر، من دون عودته إلى تقارير التفتيش المركزي المفترضة، حجم الإهمال في مبنى المستشفى الجديد، والمعدات التي لم يمرّ على تشغيلها أربع سنوات. هذا بالإضافة إلى مدخله المزدحم حيناً، والمقفل أحياناً أخرى بالسيارات المنتظرة أمام مدخل مركز المعاينة الميكانيكية. أما باحته، فهي تفاجئ الزائر بالأوساخ والنفايات المرمية عند أركان زواياها، فيما تغطي بلاطها «أكوام» من أعقاب السجائر المتناثرة من الشرفات ونوافذ غرف المرضى، ما يدلّ على تفاقم الفوضى.
الوضع لا يختلف في الداخل. مصعد الزوار معطل منذ فترة طويلة، كما هي حال أحد مصعدي الطوارئ والعمليات المعطل، المعدّات التي تعدّ من أحدث التجهيزات الطبية والتي لم يمر على عملها أربع سنوات، «غالبيتها معطلة إلى أجل غير مسمى»، يقول أحد الموظفين، بما فيها «الحاضنات» الأربع للمواليد الجدد، وهناك ثلاث منها معطلة. أما المراحيض، فهي توحي أن المنظفات لم تمر عليها منذ اسابيع.
هذا التراجع في الآونة الاخيرة، انسحب على الخدمات الصحية، وأدى إلى تراجع في عدد الكادر الطبي والمستخدمين. إذ تناقص العدد من 200 موظف الى 170، بسبب تأخر دفع مستحقاتهم الشهرية، حسبما أكد أحد الموظفين في قسم الجراحة، رافضاً الإفصاح عن كل هويته خوفاً من اتخاذ اجراءات تأديبية بحقه من قبل رئيس مجلس الإدارة، كما حصل مع موظفين آخرين على أثر مشاركتهم في الاعتصام الاحتجاجي الذي نفذوه في الاشهر الفائتة.
يقول الموظف، وهو يبرز جدول عدد عمليات شهر تشرين الثاني، «هذا الشهر وصل العدد إلى 64 عملية فقط، فيما كان القسم يجري في السابق أكثر من 200 عملية شهرياً»، محمّلاً السبب، كما بقية الموظفين إلى مجلس الإدارة. ويلفت إلى أنه على الرغم من تراجع السقف المالي للوزارة من 3 مليارات ليرة في عام 2009 إلى مليار و800 مليون ليرة سنوياً، إضافة إلى 600 مليون ليرة السقف المالي لقسم غسل الكلى، كان الوضع جيداً. ويؤكد أحد موظفي الإدارة أن المستشفى مدينة لصالح الضمان الاجتماعي، «فروقات مستحقات مالية عن ضمان الموظفين»، عدا مبالغ شركات الادوية والصيانة التي تجاوزت المليار و200 مليون ليرة.
من جهته، يلخص الموظف في المختبر علي نون أزمة المستشفى بالقول إنها أزمة إدارية مالية مزمنة: «ما دامت الإدارة لا تخضع عمل العمال والموظفين الى مبدأ الثواب والعقاب، فستبقى حالنا في دوامة». برأيه: «في البداية دفع الموظفون الثمن، ثم المواطنون الذين يجدون في هذا المستشفى الحكومي ملجأهم». وعن المستحقات المالية للموظفين، يقول: «بعد آخر دفعة للوزارة، بقي لنا ثلاثة اشهر في ذمتها، عدا متأخرات بدل النقل» معرباً عن أمله «أن تؤجل مسألة التصنيف الى حين حل مشاكل المستشفى، وتعيين مجلس إدارة جديد كفوء».
بدورها، ترى كلاديس عيسى أن قرار التصنيف في هذا الوقت «مجحف، لأنه يأتي في ظروف غير طبيعية يمرّ بها المستشفى، يعرفها القاسي والداني، وتسيء الى سمعة المستشفى». تقول: «الكلّ يهرب من أزمة المستشفى ويرمي المسؤولية عن كاهله، الوزارة ترمي الاسباب على مجلس الادارة، ورئيس المجلس يضعها عند الوزارة».
«الأخبار» التي زارت المستشفى أكثر من مرة، لم توفق في لقاء رئيس مجلس الإدارة، كما لم توفق في التواصل معه هاتفياً، فيما لفت مصدر في وزارة الصحة إلى أن الوزارة صرفت خلال هذا الأسبوع 400 مليون ليرة عن أشهر 5 و6 و7، للموظفين، وعن اشهر 1و2 و3 من هذا العام لغسل الكلى، إضافة الى 500 مليون ليرة من المؤسسة العسكرية مستحقات مالية عليها بدل خدمات طبية للعسكريين.
(الأخبار 19 كانون الأول2011)