مجموعة «حقي عليّ» تطالب بالتغطية الصحية الشاملة لأن «زعيمك منو طبيبك»

يُذل المواطن اللبناني لتلبية أكثر حاجاته إلحاحاً وبديهية: الأمن الصحي. وتكاد تكون صحته مرتبطة بشكل «طبيعي» ومتين بالمسحوبيات والولاء لزعيم، بما يضمن، بعد «تبويس» الأيدي، إدخال المواطن إلى المستشفيات. الذل هذا، لم يتوقف منذ سنوات، وليس إلا جزءاً من منظومة فساد كاملة تجعل نسبة تفوق الخمسين في المئة من المواطنين غير مشمولة بالتغطية الصحية. والتقصير هذا، لا يُعمل على إنهائه ببرامج شاملة متكاملة، إنما بآليات «ترقيعية»، من هنا وهناك، تعامل الفرد كمحتاج، وتذر عليه بعض الفتات من حقوقه، بعدما سُلبت منه بالكامل.
لذلك، نفذت مجموعة «مواطنون ومواطنات» اعتصاماً ظهر أمس أمام وزارة الصحة عند منطقة المتحف في بيروت، في إطار تحركات مجموعة «حقي عليّ»، معلنين إطلاق «معركة مفتوحة لنيل كل الحقوق الإجتماعية»، ورافضين المقاربات الجزئية التي «تُختصر بعملية تصحيح للأجور». وبحسب بيان المجموعة الذي قرأه جُنيد سري الدين، «هي معركة شاملة تتعلق بسلة الحقوق الاجتماعية للأجراء وغير الأجراء من المهمشين الذين يفتقدون أي حماية إجتماعية نظمية، وتشمل السلة الصحة والنقل والحق في العمل والتنظيم النقابي والنظام الضريبي وضبط الاحتكارات».
وقد نفذ الاعتصام تحت عنوان «دقيقة موت»، مثّل خلالها مجموعة من الشبان موتهم، في إشارة الى كل مواطن مات على باب مستشفى، من دون أن تتحمل السلطة الحاكمة مسؤولية تلك الجريمة المتكررة.
طُرح السؤال عالياً في بيان المجموعة، ولم يأت الجواب عليه من وزير الصحة علي حسن خليل، الذي شارك المعتصمين اعتصامهم، ليجيب عن بعض من هواجسهم، لافتاً إلى أن «الوزارة تطلق في 15 من كانون الثاني المقبل مشروعا متكاملا للتغطية الصحية الشاملة»، من دون أن يقدم أي معلومات إضافية حولها.
وقد أتت مشاركة الوزير خليل في الاعتصام، في ظل وجود مكثف للقوى الأمنية، لترسم مشهداً مختلفاً عن الاعتصام الأول للمجموعة، أمام مصرف لبنان خلال الأسبوع الماضي، حيث اعتديّ بالضرب على المتظاهرين، لفتح الطريق أمام نائب رئيس الحكومة سمير مقبل، بحسب ما نقل شهود عيان شاركوا في الاعتصام.
وذكر المعتصمون أن اعتصامهم يأتي «لأن البديل الوحيد المتوفر للتغطية الصحية، هو نظام التغطية الصحية الذي تقدمه وزارة الصحة على شكل «خدمة للمحتاجين»، ولأن حتى الصحة المتعلقة بكرامة الإنسان أصبحت بابا واسعا للمحسوبيات والولاءات، ولأن كلفة التغطية الصحية هي من أهم الأعباء على الرواتب، ولأن التضامن والتكافل الاجتماعيين لا يتحققان إلا عبر انتزاع حق التغطية الصحية الشاملة لجميع اللبنانيين وكل الفئات العمرية من دون استثناء».
ورفض المشاركون في الاعتصام الرضوخ للواقع القائم في ظل الوضع الاقتصادي الحرج والحالي، مكررين: «يجب أن يعرف الكل أن الوضع الاقتصادي هذا، ليس قضاء وقدراً، إنما هو نابع، عن سابق تصور وتصميم من إرادة وسياسات سلطة وشبكة مصالح أخطبوطية عابرة للاصطفافات السياسية الحالية. وقام المسيطرون على الشبكة باغتيال المؤسسة العامة، وعادت لتعطي الشعب بعض الفتات بشكل امتيازات ومنافع وتبعية عبر الواسطة والمحاصصة الطائفية».
ويشير محمد حمدان، وهو أحد شبان المجموعة، إلى أن «الحلول الواقعية ممكنة جداً، ولا نرضى بأن يهزأ المسؤولون السياسيون منا، ولا باسكاتنا بحلول ترقيعية تحافظ على شبكة مصالح الأفراد المستفيدين، فنحن نعرف جيداً أن الدولة تدفع كل سنة ألف مليار ليرة لبنانية وتصرفها في مزاريب وزارة الصحة والصناديق المتعددة».
بدوره، اعتبر سري الدين أنه قد «آن الأوان للتضامن والتكافل ونطالب بحقوقنا، نعيد الاعتبار لوظيفة ومعنى الخدمة العامة عبر الدولة، وفقط عبر الدولة، لهذا تحركنا هذا لن يكون تحركاً يتيماً، بل سنكمل الاعتصام لنواجه كل مسؤول وكل من هو في السلطة بمسؤولياته، إذ يعتبر كل من يدافع أو يدعي أنه يدافع عن حقوق العمل معنيا ومسؤولا، من وزارة العمل، إلى وزارة المال، إلى الاتحاد العمالي العام وهيئات التنسيق النقابية».
(السفير 13 كانون الأول 2011)