تسير الدراسة في المدارس الرسمية في منطقة النبطية بما تيسر من الإمكانات المتواضعة التي تؤمنها وزارة التربية ومجالس الأهل، فيما تتفاوت نسبة الإقبال على المدرسة الرسمية بين مدرسة وأخرى، فتكون جيدة في المدارس المهمة، ذات النتائج البارزة في الامتحانات الرسمية، ومتدنية في الكثير من المدارس الأخرى، لتوجه معظم الأهالي القادرين والموظفين إلى تسجيل أولادهم في المدارس الخاصة، لكونها تؤمن مستلزمات الدراسة والوسائل التعليمية المتطورة والحديثة كافة، حيث يسود الانضباط في صفوف معلميها وطلابها على حدٍ سواء. وفي حين تدعم البلديات ولجان الأهل بعض المدارس الرسمية بما تيسر من التجهيزات المطلوبة، فإن الكثير منها لا يلقى الدعم المطلوب لعدم تمكن البلديات المعنية من مساعدتها في غياب البدائل الأخرى من الجمعيات والفعاليات. بينما تشكو إدارات معظم الثانويات والمدارس الرسمية في منطقة النبطية من العجز الحاصل في صناديقها جراء الأموال التي تدفعها للعمال والخدم منها، ما ينعكس سلباً على تأمين المحروقات، والتجهيزات اللازمة للمدارس والثانويات.
أما نسب التسرب المدرسي فتكاد لا تذكر في بعض المدارس المهمة، وإذا وجدت بعض الحالات فيكون السبب بُعد سكن الطلاب عن المدرسة، ويتم التسرب لصالح المدرسة القريبة، أو الالتحاق بالمعاهد والمدارس الفنية أو لأسباب اجتماعية، في حين أن الأسباب الأخرى للتسرب كرسوب الطلاب، أو لأنهم لا يريدون متابعة الدراسة فهي حالات نادرة جداً. ويوضح «مدرسة كفررمان المتوسطة الأولى الرسمية» (فرنسي)، محمود ظاهر أنها تضم 340 تلميذا في الحلقتين الأولى والثانية، ولا يرى أي مشكلة على صعيد المعلمين البالغ عددهم 40 معلماً من ضمنهم سبعة متعاقدين، ولا يوجد أي تسرب في صفوف طلابها، سوى الذين يذهبون إلى المدارس والمعاهد الفنية، أما البناء المدرسي فهو جيد، إضافة للتجهيزات المدرسية والمكتبية ووسائل التدفئة التي تساعد في تأمينها البلدية ولجنة الأهل، في ظل عدم تمكن صندوق المدرسة من تغطية المصاريف والمتطلبات كافة، لأن معظم أمواله تذهب أجوراً للخدم والعمال، متمنياً إلحاقهم بملاك وزارة التربية لتخفيف الأعباء عن صناديق المدارس. ويصف ظاهر المستوى التعليمي للمدرسة بالممتاز، لأن معظم المعلمين من حملة الإجازات، ما ينعكس إيجاباً على المستوى التعليمي ويعطي النتائج الباهرة في الامتحانات الرسمية، وفي العام الدراسي الفائت حصلت المدرسة على نتيجة مئة في المئة في الشهادة المتوسطة، بينما لم تنقص النسبة خلال الأعوام الأخيرة عن سبعة وتسعين في المئة، وهذا الأمر يزيد من أعداد الطلاب المسجلين فيها، ولو كان البناء قادراً على استيعاب أعداد أخرى من الطلاب لكنا استوعبنا المزيد منهم، لذلك نحن بحاجة ماسة إلى طبقة ثانية لتخفيف الضغط الحاصل على المدرسة. ويرى ظاهر أن المجتمع المدني في كفررمان متضامن كثيراً مع المدرسة الرسمية ويدعمها في المجالات كافة، ومنها تجهيز قاعة المعلوماتية التي كلفت حوالى عشرة آلاف دولار أميركي تم جمعها من مختلف فعاليات البلدة، إضافة إلى دعم المكتبة التي تضم نحو 7500 كتاب من بينها المصادر والمراجع لمختلف المواد التعليمية باللغات الثلاث، وتعتبر من أهم مكتبات المدارس الرسمية في الجنوب.
ويعتبر ظاهر أن لجنة الأهل قامت بدور كبير جداً في دعم المدرسة، لا سيما خلال العام الدراسي الفائت، حيث أمنت شراء القرطاسية والأدوات المكتبية وتسجيل عدد من الطلاب ودعم المتفوقين وتوزيع الجوائز والهدايا عليهم وإقامة دورات تقوية لطلاب الصف التاسع وحملات الكشف الطبي وغيرها من الالتزامات والنشاطات.
ويعتبر «تجمع مدارس النبطية المتوسطة الرسمية» الذي يضم مدارس «عبد اللطيف فياض» و«المتوسطة الجديدة للبنات» و«الابتدائية الثانية»، من أكبر المدارس الرسمية في المنطقة، و«يشكو من تخمة المعلمين في غياب الكمّ النوعي»، كما تقول مديرة التجمع فاطمة الديلاتي، التي ترى أن «المدرسة بحاجة إلى دم جديد من المعلمين، وهي تضم 317 تلميذاً موزعين على ست عشرة شعبة ويشرف عليهم 45 معلماً، من بينهم ستة معلمين متعاقدين يدرسون المواد الإنكليزية، وتحتاج المدرسة للتجهيزات المدرسية والمكتبية والمقاعد والطاولات وأدوات الروضات، في حين تدفع المدرسة مبلغ 30 مليون ليرة أجرة خدم وعمال، ولا تتقاضى سوى عشرين مليون ليرة من الدولة».
وتعتبر الديلاتي أن «السبب الرئيس للتسرب في المدارس الرسمية في الوقت الحالي هو الترفيع الآلي من الحلقة الأولى إلى الحلقة الثانية، حيث يعجز التلامذة غير الكفوئين على متابعة الدراسة، إضافة إلى الوضع الاجتماعي، وهؤلاء يشكلون نسبة قليلة جداً لا تتجاوز ثلاثة في المئة من بين طلاب المدرسة». وتلفت إلى أن بلدية النبطية لا تتأخر عن دعم المدرسة في الأمور كافة التي تطلبها، مشيرة إلى قيامها بتنظيف شبكة الصرف الصحي وتجهيز قاعة الكومبيوتر، كما وعدت بالمساهمة في شراء مولد للكهرباء، كما أن «مركز كامل يوسف جابر الثقافي الاجتماعي» يدعم المدرسة بإقامة دورات الكومبيوتر، وتنظيم الرحلات والحفلات وتأمين حملات الكشف الطبي للطلاب، والتي كان آخرها حملة للكشف عن أمراض العيون وأسفرت عن تقديم نظارات طبية لعدد من المرضى.
أما عن دور لجنة الأهل في المدرسة فهو ككل اللجان المدرسية المماثلة، حيث تقدم الدعم المادي لشراء المستلزمات الضرورية التي تحتاجها المدرسة والتي يعجز عنها صندوقها، إضافة إلى تقديم الدعم المعنوي والاستشاري للإدارة.
وتعتبر «ثانوية حسن كامل الصباح المختلطة» من أكبر ثانويات المنطقة، وتضم نحو 1200 طالب ومئة وثلاثة معلمين يتوزعون على نحو 40 شعبة، ومرد هذا العدد الكبير من الطلاب لمستواها العلمي والتربوي الرفيع الذي تؤكده نتائج الامتحانات الرسمية السنوية، والتي لا تقل عن خمسة وتسعين في المئة، والدليل على ذلك حيازة إدارة الثانوية تنويه مديرية التعليم الثانوي والهيئة الوطنية للمدارس الرسمية لجهودها وعطاءاتها. ويؤكد مدير الثانوية عباس شميساني أن الثانوية لديها اكتفاء ذاتي على الصعيد المادي، وهو يغطي المصاريف والحاجيات كافة، التي تحتاجها من المحروقات والمواد التعليمية والتجهيزات المدرسية والقرطاسية، إضافة إلى المساعدات التي يقدمها مجلس الأهل كهدايا وجوائز للطلاب ودعم مباريات وغير ذلك من الأنشطة. ونظراً للعدد الكبير من الطلاب الذي تضمه الثانوية في الوقت الحالي أشار شميساني إلى تعاون إدارة الثانوية مع النائب ياسين جابر على إقفال جزء من الملعب الشتوي لاستعماله قاعات للامتحانات، بدلاً من القاعات القديمة التي ستستعمل للدراسة، إضافة إلى تأهيل وترميم الجدران والبوابات لضبط المخالفين من الطلاب. أما لجهة البناء المدرسي فهو بناء حديث ولا تشوبه أي مشكلة، كما أنه مكتمل التجهيزات على مختلف الأصعدة والمستويات، بينما يقتصر دور لجنة الأهل في الثانوية على متابعة شؤون الطلاب ومراقبة سلوكهم وعلاقاتهم بالإدارة والمعلمين، وتقديم المشورة والاقتراحات اللازمة لتحسين ظروف الدراسة إضافة إلى مساعدة الثانوية بشراء المستلزمات الضرورية وتغطية الساعات الدراسية الإضافية.
ولا تقل «ثانوية البنات الرسمية» في النبطية أهمية عن «ثانوية الصباح الرسمية»، لجهة المستوى العلمي والنتائج التي حققتها، والتنويهات التربوية التي حصلت عليها من قبل المسؤولين المعنيين، وفق مديرتها زينب عباس، وتعتبر ثاني أكبر ثانوية في المنطقة بعد ثانوية الصباح الرسمية وتضم حوالى 300 طالبة و45 مدرساً يتوزعون على الاختصاصات والمواد التعليمية كافة. وتلفت عباس إلى حاجة الثانوية لطبقة ثانية، لكي تتمكن من استيعاب المئات من الطالبات الجدد، وهي معضلة رئيسية ومزمنة تعاني منها منذ إنشائها، وتعتبر أن «الحلّ الجذري للمشكلة يكمن في إنشاء المبنى الجديد للثانوية المزمع إنجازه قرب ثانوية الصباح الرسمية، لأن من شأنه حل مشكلة استيعاب الطلاب الثانويين كافة في المدينة والمنطقة بشكل جذري ونهائي». وتؤكد عباس أن العلاقة جيدة بين بلدية النبطية وإدارة الثانوية لجهة تأمين كل ما يلزم للثانوية ومساعدتها في شراء المحروقات، والستائر وتسجيل عدد من الطلاب، أما على صعيد تعليم المواد الإجرائية فقد جرى حل المسألة على حساب وزارة التربية، بعدما كانت في السابق على حساب صناديق المدارس، ما وفر الكثير من الأموال على الصناديق التي باتت تستخدم لأمور ضرورية أخرى، باستثناء أجور العمال والخدم التي تستهلك القسم الأكبر من تلك الأموال، حيث تدفع الثانوية 24 مليون ليرة سنوياً لهم، و«حبذا لو يصبح هؤلاء أجراء مياومين في ملاك وزارة التربية، لكانت أحوال الثانوية على أحسن ما يرام»، وفق عباس. ورأت عباس أن دور لجنة الأهل هو مساعدة الثانوية على الصعيدين المادي والمعنوي والتواصل مع الجمعيات والفعاليات والأشخاص القادرين لدعم الثانوية وهذا ما يحصل في بعض الأحيان.
بدوره أوضح رئيس بلدية النبطية الدكتور أحمد كحيل أن «البلدية تقدم قدر استطاعتها مساعدات مادية وعينية لجميع المدارس الرسمية المحتاجة في المدينة، ومن بين تلك المساعدات تزويد تجمع مدارس النبطية بعشرة أجهزة كومبيوتر، وإعادة ترميم وتأهيل مدرسة فريحة الحاج علي الرسمية، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وإنارتها على الطاقة الشمسية وتجهيزها بملعب شتوي، وتأهيل شبكة مياه الشفة والمرافق الصحية في المدرسة التكميلية المتوسطة، إضافة إلى دعم مجلة ثانوية الصباح الرسمية، وتسجيل 38 طالباً في المدرسة الفنية العالية، وعدد من المدارس والثانويات الرسمية الأخرى، وتخصيص الجوائز العلمية ودعم المتفوقين».
وأوضح رئيس بلدية كفررمان كمال غبريس أن «البلدية قامت بتسجيل العديد من التلامذة في مدارس البلدة، وتقديم الزي المدرسي لسائر الطلاب والمساهمة في شراء القرطاسية والمحروقات، وتجهيز بعض الأقسام وتغطية دورات التقوية الصيفية، وتأهيل وترميم شبكة مياه الأمطار المحاذية لمبنى الروضات وإعطاء راتب صيفي لحاجب الروضات، وتعتزم البلدية المساهمة في تجهيز هذه المدارس بأجهزة الكومبيوتر عندما يتسنى لها الحصول على الأموال اللازمة». ولفت غبريس إلى أن «المشروع الكبير الذي باشرت به البلدية هو استملاك الأبنية المدرسية في البلدة من لجنة الأهالي بطريقة قانونية، تمهيداً لتأجيرها لوزارة التربية واستثمار بدل الإيجار في تحسين هذه المباني وإعادة تأهيلها وترميمها وتزويدها بكل ما يلزم من الحاجيات المدرسية والمكتبية والمحتويات اللازمة، إضافة إلى استملاك قطعة أرض محاذية للمدرسة المتوسطة الثانية، لاستعمالها ملعباً للطلاب وموقفاً لسيارات المعلمين وسيارات نقل الطلاب».(السفير 16 كانون الاول2011)