تأكيد على الثوابت والمعالجة التاريخية من دون تفاصيل خلافية
أرجأت اللجنة الوزارية المكلفة من مجلس الوزراء إقرار «منهج كتاب التاريخ الرسمي الموحد» الذي يغطي مرحلة التعليم الأساسي حتى نهاية الصف التاسع الأساسي («البريفيه»)، حتى الثاني من كانون الثاني المقبل، لإقراره ووضعه موضع التنفيذ، للبدء في تأليفه، علماً أنه سبق وأعدت لجنة من المؤرخين التربوييـــن المنهاج العام لكتاب التاريخ، وهم يمثلون مختلف التيارات الحزبية والســـياسية في البلد. وقد تمت معالجة تاريخية للواقع اللبناني من دون الدخـــول في التفاصيل الخلافية، على أن يكون الشرح للمعلم في الصف، تحت مراقبة التفتيش التربوي.
ودرست اللجنة الوزارية في اجتماع عقدته في مكتب وزير التربية والتعليم العالي حسان دياب، على مدى ساعتين ونصف ساعة، المنهج الذي كانت أعدته لجنة من المؤرخين بإشـــراف من «المركز التربوي للبحوث والإنماء»، وناقشته لجنة سياسية سابقاً تمثل الجهات اللبنانية كافة.
وترأس الاجتماع وزير الدولة لشــؤون مجلس النواب نقولا فتوش، بحضور الوزير دياب، ووزير الثقافـــة غابي ليون، وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش، ووزير الدولة على قانـــصو، وغاب عن الاجتماع معتذراً كل من الوزراء علي حسن خليل، وشكيب قرطباوي، ووليد الداعوق، وفادي عبود، وفيصل كرامـــي. وقد أرسل الوزير عبود ملاحظات خطية على المنهج. كذلك، حضرت الاجتــماع رئيسة «المركز التربوي للبحوث والإنماء» الدكتورة ليلى فياض، ومستشار الوزير الدكتور كامل دلال.
تجدر الإشارة الى أن المحاولة الأولى لإقرار المنهاج العام لكتاب التاريخ الموحد، بدأت من خلال تشكيل لجان تربوية في أواخر العام 2002، واستمرت حتى العام 2004، وتمكنت من إعادة النظر في جميع الحلقات الدراسية الثلاث، من صف الأول ابتدائي وحتى التاسع متوسط، إلا أنه في أعقاب اغتيال الرئيس رفيق الحريري توقفت اللجان عن العمل، وبالتالي جمد الملف، ولم يتم فتحه إلا في مطلع العام 2010، أي في عهد الوزير السابق حسن منيمنة. وتم عندها تشكيل لجنة من مؤرخين يمثلون مختلف التيارات الحزبية والسياسية، وعقدت سلسلة اجتماعات، وتمكنت من خلالها اللجنة من إنجاز الحلقات الثلاث. عندها، رفعها منيمنة الى مجلس الوزراء. وبعد سقوط حكومة الرئيس سعد الحريري، وتشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، تم تشكـــيل لجنة وزاريــة برئاسة وزير الدولة لشؤون مجلــس النواب نقــولا فتــوش، لإعادة البحــث في المنهاج وإقراره.
ونفت د. فياض وجود اعتراضات جوهرية على المنهاج من قبل اللجنة الوزارية، ولفتت «السفير» الى أن «جميع القوى السياسية كانت ممثلة في لجنة المؤرخين، وقد وافق الجميع على المنهاج قبل عرضه على اللجنة الوزارية».
وبالنسبة الى كتاب التاريخ لمرحلة التعليم الثانوي، أشارت الى أن «التصــور العـــام وضـــع على شكل ملفــات، وليــس كعناوين، إلا أنه حالياً متوقف بانتــظار ما يقــرره وزيــر التربــية أو مجلس الوزراء».
وكشفت مصادر وزارية لـ«السفير» أن «المنهاج يتناول أهم الأحداث التي عاشها لبنان منذ الحرب العالمية، وحتى التاريخ الحاضر، بما فيها مخيم المعارضة في الوسط التجاري، وأحداث السابع من أيار في العام 2008، بشكل موجز، وبعيداً عن التحليل، بالإضافة الى العمليات البطولية للمقاومة في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وتحرير جنوب لبنان، مروراً بشخصيات لبنانية كان لها حضورها في البلاد». وأشارت المصادر إلى أن «معظم الملاحظات طالت الشكل وكيفية التنفيذ، «حتى إن أغلبها كان متشابها».
وأوضحت أن «الاعتراض كان على عدم لحظ المنهاج لبعض الشخصيات في الصف الرابع أساسي، في حين انتقد الوزير فنيش كثافة المواد في المنهاج، وتم وضع اقتراح ان يختار التلميذ من الشخصيات التاريخية الموجودة في مقرره شخصيتين فقط».
ولفتت المصادر إلى أن «الوزير ليون وافق على الاقتراحات الخطية التي أرسلها الوزير عبود»، مشيرةً إلى أنها تمثل ملاحظات «التيار الوطني الحرّ». وتحدث الوزير قانصو عن الوسائل التي ستعتمد في التطبيق، وليس المنهاج. وبرزت أسئلة مثل: لماذا حصة واحدة عن المقاومة؟ ولماذا حصة عن مصر؟ كما، لماذا إعطاء مساحة للرقص والموسيقى والرسم، بدلاً من إدخالها في مادة الفنون؟
بعد الاجتماع، أوضح رئيــس اللجـــنة الوزارية فتوش أن أعضاء اللجنة الوزارية قدموا الملاحظات التي لديهم، وبعــد مناقشات مستفيضة، «سجلنا الشكر للجنة السابقة التي أعدت المنـــهاج، بعدما أدخلنا عليه بعض التعديلات، وقدم الوزراء ملاحظـــاتهم الخطـــية، وأرجئت اجتماعات اللجنة حتى 2/1/2012. وستعمل اللجنة على إقرار المنهاج في الاجتماع المقبل ونعاهد المواطنين على إكمال المسيرة حتى المرحلة اللاحقة».
وعن الملاحظات التي قدمت، فقد وصفها فتوش بأنها «قيمة تتناول كل الأمور لأنه لا يجوز أن تكون مادة التاريخ خلافية بين المدارس، وسنسعى حتى نؤمن منهجاً موحداً للبنان الواحد غير المنقسم».
وحول الخلافات، إذا وجدت، قال: «إنـــنا كرجال علم، قررنا ما يناسب البلد، ونسجل شكرنا للجهود التي قامت بــها اللجنة السابقة، ونعد المواطنين بأننا في مرحلة وضع اللمسات الأخيــرة وعندما نتفق على الصياغة النهائية تبدأ عملية التأليف. ونحن لا نخـــتلف على كل ما يعود بالنفع على الوطن ونقوم بإعــداد برنامــج يوحد لبنان، والسيــاسة تأتي في ما بعد، ولا انقسام. عندما نتكــلم في التــاريخ، نتكــلم عن ذاكرة، والذاكرة لا تستثني أحداً».
ونفــى وجــود خلافــات سياســية أو جوهــرية، وقــال: «عند الاتفاق على الخطوط الكبرى نختلف بالآراء، وكــل المحــاور متــفق عليها».
وأوضح الوزير دياب، أن «اللجنة تتبع منهجية أكاديمية، في الدراسة والتعديلات، وإن آراء الوزراء قيمة، ونحن بصدد إنجاز المناهج ويليها تأليف الكتب، لكي ننتقل بعد ذلك مع اللجنة نفسها لإنجاز مناهج المرحلة الثانوية».
ورداً على سؤال حول بـــروز اعتراضــات، قال دياب: «لا شيء منزلا لجهة المناهج والكتــب، وكل الأمـــور قابلة للتطــوير، ومهما طال زمن صدور الكتاب، لا شيء يمــنع مستقبلاً من أن تكــون هنــاك بعض التعديلات، مثل أي مادة أخرى. وتمنى أن يتم إنجــاز كتاب التاريخ في أقرب وقت».
ولجهة من يراقب المعلم في الصف، في حال تفسير أو شرح بعض المواد، أكد دياب أن المراقبة على أداء الأساتذة في الصفوف بعد صدور الكتاب، ستكون من مسؤولية التفتيش التربوي.
بعد ذلك، عقد دياب وفتوش اجتماعاً مغلقاً، تمت خلاله جوجلة الملاحظات التي وضعها الوزراء، تمهيداً لمعالجتها، قبل اجتماع اللجنة في الثاني من كانون الثاني المقبل.(النهار 21 كانون الأول2011)