تعود لعبة البيضة والدجاجة إلى الجامعة اللبنانية مع شيوع «تسريبات» بشأن وضع ملف تعيين العمداء على نار حامية. هل سيهرّب وزير التربية ورئيس الجامعة «توليفة» الأسماء بعد نيل التوافق السياسي؟ أم أنّ هؤلاء سيعيّنون وفق القانون 66 أي بناءً على ترشيحات جديدة لمجالس الوحدات كما تنتظر رابطة الأساتذة المتفرغين والقوى السياسية في الجامعة على حد سواء؟
فاتن الحاج
هل وُضع ملف تعيين العمداء في الجامعة اللبنانية «على النار»، وهل هناك فعلاً لائحة بأسماء كاملة شارف وزير التربية د. حسان دياب على إنجازها بالتشاور مع رئيس الجامعة د. عدنان السيد حسين وسيرفعها قريباً إلى مجلس الوزراء؟ تستبعد القوى الجامعية أن يكون ذلك صحيحاً بدليل أنّه لم يجر حتى الآن أي توافق سياسي على الأسماء، في وقت تستعد فيه الجامعة لمواجهة استحقاقات كبيرة ليس أقلها ورشة الإصلاح التي وعد بها «الرئيس».
وتعوّل القوى على الموقف الإيجابي لرئيس الجامعة الذي «أصر على إعادة انتظام العمل الإداري والأكاديمي في الجامعة من تحت إلى فوق»، أي عبر تأليف المجالس التمثيلية (مجالس الفروع والوحدات) بعد تعيين مديرين أصيلين وترشيح عمداء في جميع الكليات والمعاهد تمهيداً لتأليف مجلس جديد للجامعة يقع على عاتقه النهوض بالمؤسسة الوطنية على جميع المستويات.
أما إثارة وزير التربية للملف مع رئيس الجمهورية، العماد ميشال سليمان، فلم تقرأه القوى سوى خطوة إيجابية على طريق تسريع الخطوات التي بدأها رئيس الجامعة واستكمال تأليف الهيئات الأكاديمية وفقاً للقانون 66 الذي حدد مهمات مجالس الكليات والمعاهد، ومن بينها ترشيح المديرين والعمداء.
هي إذاً مرحلة دقيقة من تاريخ الجامعة يترقّب أهلها أن يكون عنوانها تطبيق القانون 66، أو «أنّ بازار التعيينات الإدارية سيقف على أبواب الجامعة»، كما يقول رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين د. شربل كفوري. وإذا كان رئيس الهيئة يطلب الإسراع لا التسرّع في تعيين العمداء وتأليف مجلس الجامعة، فإنّه يحذّر من استخدام الحجة القديمة التي استخدمت عند تعيين رئيس الجامعة، وهي تعذّر العودة إلى القانون 66 لغياب مجلس الجامعة. «هذه المرة سنرفض الأمر رفضاً قاطعاً وسيكون لنا موقف صريح وواضح، ولن نقبل بأن يمر مثل هذا الملف الحيوي تحت جنح الظلام»، كما يقول.
لكن لرئيس مجلس المندوبين في الرابطة د. وسيم حجازي مقاربة مختلفة، فيرى أن تطبيق القانون 66 سيكون مشوّهاً ومجتزأً، بسبب غياب مجلس الجامعة الذي يجب أن تكون له اليد الطولى في تعيين العمداء. فترشيحات العمداء التي سترفعها مجالس الوحدات ستعود وتصطدم برأس الهرم، لكون الكلمة الفصل ستبقى هذه المرة للتوافق السياسي، وأي كلام خلاف ذلك هو «ضحك على الذقون».
في المقابل، لا تبدو القوى السياسية في الجامعة في أجواء «الطبخة» بين «الوزير» و«الرئيس»، إذا كانت صحيحة، إذ إنّ مسؤول المكتب التربوي المركزي في حركة أمل د. حسن زين الدين يشير إلى أنّنا «فوجئنا بزيارة وزير التربية لرئيس الجمهورية، وليس لدينا معلومات عما إذا كانت هناك «توليفة» أو لا، وكل ما ننتظره هو رفع الترشيحات من مجالس الوحدات كما ارتأى رئيس الجامعة، أي من تحت إلى فوق التزاماً بالقانون 66».
هذا ما تؤكده أيضاً مصادر جامعية حزبية تبدو متيقنة من أن الرئيس لن يتجاوز القانون كما صرّح أكثر من مرة، مبدية خشيتها من أن يكون وزير التريبة يريد ذلك. لكن مصادر الوزارة تنفي لـ«الأخبار» أن يكون ذلك صحيحاً، فالوزير لن يخرج عن القانون 66.
وينفي د. وليد ملاعب (الحزب التقدمي الاشتراكي) أن تكون القوى السياسية على علم بـ«التسريبة»، وإن كنا «متفقين مع رئيس الجامعة بشأن تعجيل بتّ هذه القضية الأساسية». ويسأل ما إذا كان هناك توجّه لاعتماد لائحة الترشيحات القديمة التي لم تعد صالحة لخروج قسم كبير من المرشحين للعمادات إلى التقاعد.
ويتمنى منسق قطاع التربية والتعليم في تيار المستقبل د. نزيه خياط أن يكون ما سرّب في الوسائل الإعلامية بشأن ملف تعيين العمداء خطأً تقنيّاً، «لأننا نعتقد أن الخطوة ستتم وفق الأصول وبحسب القانون 66 أو هذا على الأقل ما نستشفّه من توجّه رئيس الجامعة ووزير الوصاية، وإذا كان الأمر خلاف ذلك نطلب توضيحاً».
وفي السياق، رحّب المكتب المركزي للقطاع بدعوة رئيس الجامعة إلى ضرورة الإسراع في تأليف المجالس التمثيلية لما لها من أهمية في إعادة انتظام العمل الإداري والأكاديمي. وتوقف عند ما تناقلته وسائل الإعلام بشأن لقاء وزير التربية مع رئيس الجمهورية، واصفاً إياه بالخطوة الإيجابية لتسريع الخطوات التي بدأها الرئيس.
وفي إطار آخر، توقّف المكتب عند البيانات الصادرة عن لجان المتابعة المتعددة للأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية والذي عبّر عن هواجسهم من الأجواء التي ترافق الملف. وإذ شدد المكتب على موقفه المبدئي بضرورة رفع أسماء المتعاقدين الذين تتوافر فيهم الشروط القانونية والأكاديمية بمعزل عن التوازنات الطائفية كون وجودهم في الجامعة مرتبطاً بحاجتها إليهم. إلا أن المكتب رأى أن من الضروري وحرصاً على الشفافية والعدالة أن يطلب رئيس الجامعة رسمياً تبعاً للآلية الإدارية الواردة في القانون 66 من جميع فروع الكليات رفع ملفات جميع الأساتذة المتعاقدين المستوفين الشروط وذلك منعاً للاستنسابية والابتزاز الذي قد يمارسه البعض بحق الأساتذة.
ووصف المكتب قرار تجميد العمل بالقرارات المتعلقة ببعض كليات ومعاهد الدكتوراه والعودة إلى النظام القديم بالإيجابي، لكنه مجتزأ لأن معالجة هذا الملف يجب أن تكون جذرية، متمنياً على رئيس الجامعة تجميد العمل بجميع مفاعيل المرسوم والقرارات المتعلقة بمعاهد الدكتوراه كي يصار إلى إعادة الهيكلة ووضع المراسيم التطبيقية، بعد تأليف مجلس الجامعة باعتباره أعلى سلطة أكاديمية فيها.(الأخبار 10كانون الثاني2012)