وزير التربية في حديث شامل مع «السفير» حول أوضاع المدارس الرسمية والجهد اللازم للنهوض بها

التعاقد الجديد

يكثر المتعاقدون الجدد خلال العام الدراسي الحالي في التعليم الأساسي، مع إعلان الحاجة إليهم، في ظل وجود فائض للناجحين نتيجة مباريات مجلس الخدمة. فيلفت دياب إلى أن «استقطاب المتعاقدين ينطلق من الحاجة الأساسية إلى المعلمين في مختلف المحافظات وتبعاً للاختصاصات، لا سيما أن أعداد المعلمين الذين يحالون على التقاعد سنوياً تتراوح بين 300 و500 معلم في التعليم الأساسي». وقال إن الحاجة «تتراوح بين أربعة آلاف وخمسة آلاف أستاذ لهذا العام بنصاب كامل، والوزارة أخذت على عاتقها إجراء الدورة التدريبية للناجحين من المتعاقدين في الحلقة الثالثة، والبالغ عددهم ثمانمئة متعاقد من خلال كلية التربية والمركز التربوي للبحوث والإنماء»، ما سيرتب «حاجة فعلية إلى متعاقدين لسد النقص الحاصل عند إلحاق هؤلاء في الكلية». وفي الوقت الحاضر، يستمر ثلاثمئة من المعلمين الناجحين في الحلقتين الأولى والثانية باستكمال دورة الإعداد في دور المعلمين، ليوم واحد في الأسبوع، ما يرتب تعاقداً بسبب تناقص ساعات تدريسهم.
وقال: «على هذا الأساس، فإن عدد المتعاقدين الجدد للمواد الأساسية النوعية بلغ 1589 في المحافظات كافة، والحاجة الفعلية كانت في مادة اللغة الفرنسية ومادة الرياضيات في محافظة الشمال بأقضيتها كافة، وكذلك في البقاع، حيث اضطرت الوزارة إلى التعاقد مع عدد من المعلمين من غير حملة الاختصاص والقادرين على تدريس اللغة الفرنسية أو الرياضيات، نظراً لعدم توافر طلبات في المواد المطلوبة، رغم الإعلان عنها الذي نشرته الوزارة».
واعتبر أن الوزارة «قد امّنت أيضاً حاجة المدارس لمدرسي المواد الإجرائية، حيث تم إلحاق 396 متعاقداً لمختلف الاختصاصات، من روضة وفنون ورياضة وموسيقى وغيرها... وبذلك يكون قد تم تأمين حاجات مختلف المدارس». وأشار دياب إلى أن «توزع المتعاقدين على المدارس تم بناء للحاجات الفعلية التي تقدم بها مديرو المدارس»، وأنه «استند إلى وجوب استكمال النصاب القانوني لمدرس المادة في المدرسة المعنية، ريثما يصدر القانون الموجود راهناً لدى اللجان النيابية في ما خص رياض الأطفال والتعليم الأساسي، والمتعلق بإجراء دورات تأهيلية للراسبين في المباراة المحصورة التي أجريت في العام 2009 ومباراة مفتوحة لرفد المدارس بمدرسين يتم إعدادهم في كلية التربية، وفي المركز التربوي للبحوث والإنماء، ما يؤدي إلى توفير العدد الكافي من المعلمين بحسب حاجة كل ثانوية ومدرسة رسمية».

الناجحون ـ الفائض

عن موعد إعداد الناجحين في مباراة مجلس الخدمة المدنية للحلقة الثالثة الأساسية، لا سيما أنه قد تم تأجيل إعدادهم لما بعد الانتهاء من إعداد الحلقتين الأولى والثانية، قال دياب إن «كلية التربية أرسلت مشروع موازنة خاصة بدورة إعداد الناجحين في المباراة المحصورة لتعيين مدرسين في الحلقة الثالثة من التعليم الأساسي، على أن تبدأ الدورة فور لحظ الإعتمادات المطلوبة في موازنة الجامعة اللبنانية للعام 2012». وأكد أن «الوزارة تعمل على لحظ المساهمة الإضافية المطلوبة في موازنة الجامعة وإصدارها في أسرع وقت، كما نبحث إمكان البدء بالدورة من خلال استخدام الاعتمادات المتبقية لدى الجامعة في احتياطها العام والتعويض عليها لاحقاً».
وعما إذا كان هناك من مشروع قانون أو موافقة من مجلس الوزراء لإجراء مباراة مفتوحة لأخذ نحو ألف أستاذ تعليم ثانوي وتأمين حاجات الثانويات ووقف التعاقد، وما إذا كانت ستتم مراعاة الحاجة إلى أساتذة يتقنون الإنكليزية، وهل ستكون هناك مباراة مماثلة للتعليم الأساسي في ظل وجود أكثر من عشرة آلاف متعاقد، أجاب دياب بأن «الإدارة تعمل راهناً على إعداد مرسوم لإجراء مباراة مفتوحة لملء الشواغر وتغطية الحاجة بعد احتساب أعداد المتقاعدين للعام 2012، واحتساب الأساتذة المقبولين في الإرشاد والتوجيه». وأوضح أنه «تم الأخذ في الاعتبار الحاجة إلى أساتذة للغة الإنكليزية لسد حاجات الثانويات والشعب والصفوف التي تعتمد هذه اللغة، بالإضافة إلى رصد أعداد إضافية نظرا للحاجة إليها». كما أكد أن «الوزارة تعد مرسوماً لإجراء مباراة مفتوحة لاستقطاب أساتذة للمواد الإجرائية في الملاك لتغطية حاجات المدارس والثانويات الرسمية». وأمل أن «تشكل المباراة المفتوحة وسيلة لضخ دم جديد من أصحاب الكفاءة في الملاك التعليمي للوزارة».
وردّاً على المؤشرات الواقعية حول انتقال التلامذة من المدارس الرسمية الفرنكوفونية إلى مدارس خاصة لأنها أنكلوفونية، أكد دياب أن «الوزارة تدرس موضوع ازدياد أعداد التلامذة الراغبين بمتابعة الدراسة باللغة الإنكليزية، وتواكب هذا التغيّر الحاصل بزيادة عدد الصفوف، حيث يرتفع سنوياً عدد المدارس الرسمية المتحولة كلياً أو جزئياً إلى اللغة الإنكليزية، أو تلك المنشأة حديثاً وتعتمد هذه اللغة».
ونفى أن يكون عدم تأمين أساتذة اللغة الانكليزية يحمي صالح المدرسة الخاصة، لافتاً الى أن «الاستجابة لمتطلبات هذا التغيير تستلزم توافر معلمين للغة الإنكليزية وللمواد التي تدرس بهذه اللغة، وهذا الأمر غير متوافر حالياً نظراً لقلة عدد متخرجي الجامعات، والتحاق قسم منهم بالتعليم الخاص أو الهجرة إلى الخارج».

إعداد المدراء.. ومشروع «دراستي»

على مستوى معالجة ضعف أداء عدد من المدارس الرسمية نتيجة ضعف أداء المدير الذي تشكل كفاءته عنصراً أساسياً في رفع مستوى التعليم في مدرسته، أكد دياب ان «الوزارة تتابع إختيار المديرين وفقاً للقانون 73، وهي مستمرة باختيار المديرين من بين المرشحين الأكفاء للإدارة وفقاً للقانون المذكور. كما تعمل على استكمال تدريب المديرين في كلية التربية لتوفير المؤهلات المطلوبة في مجال الإدارة التربوية أسوة بـ 450 مديرا سبق تدريبهم في الوزارة». ولفت الى ان «الوزارة تعكف على وضع نظام لتقييم الأداء سيشمل المديرين وأفراد الهيئة التعليمية والمتعاقدين».
وأشار دياب الى أن «الوزارة تعمل أيضاً على تدريب النظار بتمويل من الهبات والقروض الواردة من الجهات المانحة كالاتحاد الأوروبي والبنك الدولي والمخصصة لتدريب الجهاز الإداري من النظار والمكلفين بالأعمال الإدارية في المدارس».
وعن الآليات الموضوعة لرفع كفايات مدير المدرسة من خلال مشروع «دراستي» والخريطة الزمنية لانجازه، أشار دياب الى ان «مشروع دراستي قد أنجز صياغة كل النقاط المتعلقة بتدريب المديرين المكلفين بإدارة المدارس الرسمية بالتعاون مع كلية التربية في الجامعة اللبنانية، ويتم العمل راهناً على تأمين الاعتمادات اللازمة للكلية للبدء بتدريب عدد من المديرين المعنيين ابتداءً من شهر حزيران 2012 على أن يتم تدريب المديرين المكلفين قبل صدور القانون رقم 73/2009 في خلال الأعوام 2012 2013 و2014، وذلك على دفعات».
وحول كيفية اختلاف تدريب المديرين في كلية التربية عن تدريبهم ضمن مشروع «دراستي»، أوضح دياب انه «التدريب نفسه، والتعاون وثيق بين الجانبين، ضمن آلية تدريب موحدة للأساتذة وللمدربين على المضمون ووسائل التعليم».
ونفى دياب أن يؤدي ملء الشواغر في جهاز الإرشاد والتوجيه إلى إفراغ التعليم الثانوي من أكثر الأساتذة كفاءة، وقال: «لن تعمد الوزارة إلى نقل أساتذة من التعليم الثانوي إلى مديرية الإرشاد والتوجيه إلا بعد تأمين البديل من الملاك ومن المتعاقدين، وبعد انتهاء الفصل الأول من العام الدراسي وإصدار نتائج الامتحانات لهذا الفصل، ومن ثم يتم النقل جزئياً من دون تفريغ صفوف الشهادات، فيما يتم النقل الكلي في نهاية العام الدراسي. وفي هذه الأثناء، يكون طلاب كلية التربية الجدد قد ألحقوا بالثانويات، وقد احتسبت الإدارة النقص ليصار إلى ملئه من متخرجي كلية التربية عن طريق المباراة المفتوحة».

تدريب المعلمين

رداً على الانتقادات حول مستوى بعض المعلمين المتعاقدين، لفت وزير التربية الى ان «الوزارة تقوم حالياً بإعادة النظر بمنظومة التدريب المستمر كي تلبي الحاجات الفعلية لدى المعلم وذلك من خلال الممارسة، مع الاتجاه لحصر التدريب في خلال العطل وإلزاميته، أو ضمن المدرسة ذاتها بعد تطوير الآليات الخاصة بذلك». كما تعمل الوزارة في السياق نفسه، بحسب دياب، على «تطبيق نظام تقييم التدريب المستمر، الذي سبق أن وضعته الوزارة بالتعاون مع السفارة الفرنسية، وكذلك على تقييم نتائج التدريب على المعلم والمتعلم في آن. ويتم ذلك ضمن إطار استراتيجية مستقبلية ورد ذكرها في الخطة التربوية الإنقاذية تحت عنوان تمهين التعليم وهي تقضي بوضع سلم تطور وظيفي للمعلمين مع رتب علمية وبدلات مالية (درجات) يرتبط بالتطور المهني الذي يخضع المعلم نفسه له عبر دورات تدريبية تنظم ضمن أصولا وشروط محددة».
وأكد إجراء اختبار تحديد مستوى أساتذة اللغتين الفرنسية والإنكليزية وأساتذة العلوم والرياضيات التي يتم تدريسها بالفرنسية والإنكليزية. ويتم راهناً، بحسب دياب، «رفع مستواهم باللغات عبر تدريبهم بواسطة المركز الثقافي الفرنسي والمجلس الثقافي البريطاني والأميديست بالتعاون مع المركز التربوي للبحوث والإنماء لتحصيل دبلوم لغوي مثل (DELF، DALF) في اللغة الفرنسية وIELTS في اللغة الإنكليزية ما ينعكس إيجابا على أداء المعلمين في المدارس».
التجهيزات الإدارية.. والكمبيوتر اللوحي
على صعيد سد النقص في التجهيزات الإدارية، أشار دياب إلى أنه طلب سلفة خزينة بقيمة مليار و300 مليون ليرة من خارج الموازنة لتأمين التجهيزات للمدارس، وقد وافق عليها مجلس الوزراء بقراره الرقم 85 بتاريخ 1/11/2011، وتقوم الوزارة راهنا بوضع دفاتر الشروط لتأمين التجهيزات اللازمة.
ولفت الى أن الوزارة قامت بتأمين تجهيزات مدرسية بمبلغ يناهز المليارين وثلاثمئة مليون ليرة من موازنة العام الماضي، وتوزعت على المدارس ومراكز الامتحانات الضرورية، و«طلبنا زيادة الاعتمادات المخصصة في الموازنة الجديدة للعام 2012 لتأمين التجهيزات التي من شأنها تغطية جزء كبير من حاجات المدارس، وسوف يلحظ ذلك في قانون الموازنة».
وعن مشروع «دراستي» والغاية منه على هذا المستوى ومصدر تمويله، لفت دياب الى أنه «ممول من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وقد أنجز هذا المشروع مسحاً للبنى التحتية للمدارس والثانويات وعددها 259 ثانوية من أصل العدد الإجمالي لكل مؤسسات التعليم الرسمي البالغ 1281 مدرسة وثانوية رسمية، وقد تم تصنيفها وفق المعايير المعتمدة إلى أربع فئات، في ضوء الحاجات إلى البناء والترميم. وسوف يتم ترميم 300 مبنى مدرسي من مختلف الفئات ما عدا التي تحتاج إلى إعادة بناء كلية».
وضمن المشروع، سيصار إلى «تدريب ورفع كفايات مدير المدرسة والفريق الإداري حول متابعة شؤون الصيانة بالتعاون مع المجتمع المحلي، وكذلك تدريب فريق المدرسة على التواصل مع المجتمع المدني والسلطات المحلية من بلديات وجمعيات ناشطة لمساعدة المدرسة، ضمن آلية عمل تجعل من الوزارة مشرفة بصورة دائمة على طبيعة التواصل وإعطاء الأذونات لإنجاز الأعمال وفقاً للقوانين والأنظمة».
وحول مصير مشروع الكمبيوتر اللوحي Tablet المقرر استخدامه في المدارس، أوضح دياب أن «الوزارة سوف تطلق في شباط المقبل مشروعاً لتجربة استعمال Tablet داخل الصف، وتشمل هذه التجربة ثماني مدارس في الصف العاشر الثانوي في مختلف المحافظات. ويتم ذلك شرط تأمين Tablets نسعى لتأمينها مجاناً عن طريق الهبات، وسوف يتم تقييم استعمال هذه الأداة في التعليم بالعمل مع لجان مختصة في هذا الشأن، تمهيداً لوضع خطة تقضي باستخدامها كحقيبة إلكترونية للصفين العاشر والحادي عشر، وكأداة مساعدة في التعليم، في خلال العام الدراسي المقبل 2012-2013. وتشمل هذه الخطة كذلك تدريب المعلمين».

حل مشكلة صناديق المدارس؟

عن مشكلة صناديق المدارس التي تعاني من نقص حاد في السيولة، أوضح وزير التربية أنه «تمت زيادة مساهمة الوزارة لدعم صناديق المدارس من أجل إعفاء الأهل من دفع الرسوم التي كانت متوجبة عليهم لهذه الصناديق والتي كانت محددة سابقاً بقيمة ستين ألف ليرة عن كل تلميذ مسجل في مرحلة الروضة والحلقتين الأولى والثانية من التعليم الأساسي، وبقيمة سبعين ألف ليرة عن كل تلميذ مسجل في الحلقة الثالثة من التعليم الأساسي، وأصبحت موحدة بقيمة مئة وخمسين ألف ليرة عن كل تلميذ في أي صف أو مرحلة كان من التعليم الأساسي». وتوقع أن يتم تحصيلها لصالح الصناديق في فترة وجيزة، «بحيث تستطيع هذه المدارس تأمين المحروقات وإجراء الصيانات الضرورية، على أن تدفع ما نسبته 50% بعد ان يتم تحويل هذه المبالغ إلى المدارس عبر المصارف في خلال أيام». وبالتالي، «فإن مشكلة النقص المالي في صناديق المدارس أوجدنا لها الحل، وقد تم وضع موازنة هذه الصناديق في صلب موازنة الوزارة للعام 2012، ما يريح صناديق المدارس»، بحسب دياب.
وكشف أن الوزارة تعد حالياً «مشروع مرسوم يتضمن آليات تنفيذية لدعم المازوت المستخدم للتدفئة والمولدات ومصانع التعليم المهني والتقني والمستخدم للاستهلاك في المدارس الرسمية».
كذلك، «تم تحديد بدل نقل التلامذة الذين انتقلوا من مدارسهم التي دمجت بمدارس أخرى، وبلغت القيمة ثلاثة آلاف ليرة لكل تلميذ عن كل يوم حضور إلى المدرسة». وتأمنت المبالغ اللازمة لها، بحسب دياب، بموجب سلفة خزينة. كما «تم تأمين قيمة فروقات الزيادة التي توجبت لأساتذة التعليم الثانوي بموجب القانون 159/2011».
وأوضح أنه «تم تأمين سلفة خزينة لدفع مستحقات المتعاقدين للتعليم الأساسي الابتدائي والمتوسط عن الفصل الثالث من العام الدراسي 2010/2011. كذلك، تم تأمين سلفة خزينة بقيمة مليار ومئتي مليون ليرة لتأمين احتياجات المدارس والثانويات من المفروشات المدرسية والإدارية، وسلفة خزينة لصالح الجامعة اللبنانية من أجل دفع رواتب المقبولين في كلية التربية للتعيين بوظيفة أستاذ تعليم ثانوي، وأربعة مليارات ومئتي مليون ليرة كسلفة خزينة لدفع بدلات إيجار الأبنية المدرسية المستحقة عن العام 2011».(السفير 10 كانون الثاني2012)