افتتح العام الدراسي الرسمي، مع مطلع العام الجديد، وانتهاء عطلة الأعياد، بإضراب للمتعاقدين في مرحلة التعليم الأساسي، استنكاراً لعدم قيام وزارة المالية بتحويل بقية مستحقات السنة التعليمية الماضية، في حين استغربت وزارة المال في بيان أصدرته أمس، «تحميلها مسؤولية التأخير الحاصل في تحويل مستحقات الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي عن الفصل الثالث من العام الدراسي 2010 - 2011»، مؤكدة أنها «ليست مسؤولة عن هذا التأخير، إذ لم تردها أية معاملة تمكنها من تحويل مستحقات الأساتذة».
وأوضحت الوزارة أن «أية تصفيات أو أوامر سحب تتعلق بمستحقات المتعاقدين عن الفصل الثالث من العام الدراسي 2010- 2011، لم ترد إلى قلم مديرية الصرفيات في الوزارة».
وأشار البيان إلى أنه «لدى الاستفسار عن الأمر من دائرة المحاسبة في وزارة التربية، تبين أنه تم طلب سلفة لهذه الغاية، وصدرت سلفة بقيمة 13 مليار ليرة بموجب المرسوم الرقم 7019 تاريخ 1-12-2011، وأن دائرة المحاسبة في وزارة التربية بصدد إرسال الجداول الى وزارة المال بالسرعة القصوى».
وعلمت «السفير» من مصادر في دائرة المحاسبة في وزارة التربية أن «الجداول بمستحقات المتعاقدين، سيتم إرسالها باليد الى المالية اليوم، على أن ترسل معها جداول صناديق المدارس وهي بقيمة 17 مليار ليرة». وردّت المصادر سبب التأخير الى «نظام المكننة الجديد».
وبين ضياع المسؤولية بين وزارتي التربية والمالية، حقق الإضراب نجاحاً، على الرغم من تفاوت الالتزام به في بعض المناطق، فسُجل التزام من قبل «مجمع مدارس بئر حسن»، و«مجمع فردان» (شكيب ارسلان)، و«مجمع حمد» (الطريق الجديدة)، بالإضافة الى بعض المدارس الرسمية والثانويات في بيروت، مثل «ثانوية جبران تويني». أما في المناطق فسجّلت النسبة الأعلى للتقيّد بدعوة اللجنة العليا للمدرسين للمتعاقدين في منطقتي عكار والجنوب، بنسبة التزام قدّرت بثمانين في المئة.
وكانت قد جرت محاولات لإفشال الإضراب، ما دفع باللجنة العليا لإصدار بيان أعربت فيه عن أسفها «لما يروجه البعض عن تعليق الإضراب وذلك من أجل مكاسب ضيقة». وأكدت اللجنة أن «الإضراب قائم ومستمر في وجه المماطلة في صرف المستحقات المالية منذ ما يزيد عن خمسة أشهر. واللجنة لا تبالغ عندما تعلن ان جزءًا لا يستهان به من المدرسين غير قادر على تأمين مصاريف الانتقال الى مدارسهم في ظل انعدام صرف بدلات النقل عدا حرمان المدرسين من أية تغطية صحية... فالأمور في التعليم الأساسي أصبحت اقرب الى العمل بالسخرة منها الى حالة وظيفية».
ونبّهت اللجنة المدرسين من الدعوات المضادة، «لأن الهدف منها خدمة قضايا خاصة تعود بالنفع على بعض المتعاقدين الذين لا ينتمون الى التعليم الأساسي».
وبعدما علقت إضرابها، عادت «اللجنة المركزية للاساتذة المتعاقدين الثانويين» وأصدرت بيانا دعت فيه الى «مناصرة إخوتنا في التعليم الأساسي والمشاركة في إضراب الثلاثاء دعما لحقوقهم ولمستحقاتهم المالية المنسية في دهاليز وزارة المال».
وأكد رئيس اللجنة حمزة منصور أن الإضراب ليس موجها ضد وزارة التربية والوزير الذي «أبدى تجاوباً ورغبة في حلحلة قضايا المتعاقدين، وإنما هو موجه الى الطريقة التي تتعامل بها وزارة المال مع المتعاقدين بشكل عام».
ويأتي تحرك المدرسين المتعاقدين وسط معلومات بدأ تناقلها في أوساطهم، عن مباشرة وزارة التربية بالتعاقد مع المئات من المدرسين في مرحلة التعليم الأساسي، في حين أنه مضى على العام الدراسي أكثر من ثلاثة أشهر.
وكشفت المصادر أنه كان من المفترض أن يتوقف التعاقد بعد مباشرة المدرسين في الحلقتين الأولى والثانية، الذين أنهوا دورة الإعداد في كلية التربية في الجامعة اللبنانية، وعددهم 1484 مدرساً، بحيث يضاف الى ساعات تدريسهم 12 ساعة أسبوعياً، لتصبح 24 ساعة.
وانضمام هؤلاء المدرسين الى ملاك التعليم الرسمي، كان يفترض به أن يخفض عدد المتعاقدين بنسبة لا تقل عن 1500 متعاقد، إلا أن الوقائع أظهرت العكس تماماً، فتم التعاقد قبل نحو شهر مع نحو سبعمئة مدرس جديد، عدا حاجة المدارس الى مدرسي المواد الإجرائية، ما شكل عبئاً إضافياً على المدارس الرسمية.
ودفع التعاقد الجديد بأحد رؤساء المناطق التربوية الى رفض اللائحة ما قبل الأخيرة (ملحق رابع) التي رفعتها وزارة التربية، نظرا للفائض في عدد المتعاقدين، بالإضافة الى خلو اللائحة من أصحاب اختصاصات المواد العلمية مثل الرياضيات واللغة الانكليزية وسواها. إلا أن وزارة التربية أعادت إرسال اللائحة مرة جديدة، «مع التأكيد والإصرار للتنفيذ».
واستغربت المصادر «كيف تنهمك وزارة التربية في الإعداد حاليا لملحق خامس يضم نحو 420 متعاقدا سيتم توزيعهم في إحدى المحافظات، وكيف أنها منشغلة بالموضوع، الى درجة أنها استعانت بمكاتب لموظفين في الوزارة، من أجل هذه الغاية».
وعلقت المصادر على ما يحصل على مستوى التعاقد الجديد، بوصفها بأنه «أسوأ ما عرفته الوزارة والمدرسة الرسمية، لجهة وجود جيش من المتعاقدين في التعليم الأساسي بات يشكل فائضا كبــيرا، عـدا الكلفة المالية، في حين أن المتعاقدين الذين مضى عليهم سنوات في التعاقد لم يقبضوا مستحقاتهم عن العام الماضي».
ولفتت المصادر إلى أن الفائض الناجح من مباراة مجلس الخدمة المدنية في الحلقة الثالثة يبلغ نحو 410 مدرسين، في حين أن الناجحين ضمن الحاجة هم بحدود 1170، ينتظرون موعد بدء دورة الإعداد في كلية التربية، التي حددت بشكل مبدئي في شباط المقبل.
وسألت المصادر: «كيف يتم الاستعانة بمتعاقدين جدد وهناك نحو 295 متعاقدا ناجحا في مباراة مجلس الخدمة المدنية ومن اعتبروا فائضا في الحلقتين الأولى والثانية؟ ويقابلهم 410 من الناجحين - الفائض في الحلقة الثالثة، ولماذا يخفض عدد ساعات تعاقدهم، لــصالح متــعاقدين جدد؟ وهل في الأمر تنفــيعات؟».(السفير 4 كانون الثاني2012)