مدرسة تلحياة مهدّدة والأهالي لا يصدّقون

بنى مدرسة تلحياة الرسمية مهدّد بالانهيار. توصيف يتباين الموقف منه بين وزارة التربية والعاملين في المدرسة وصاحب البناء وأهالي الطلاب وبلدية المقيطع. نقل بعض الأهالي أبناءهم إلى مدرسة أخرى، خاصة، لكن ذلك لم يشكل حلاً إذ تبين أن مبناها أسوأ
روبير عبد الله

مطلع العام الدراسي الجاري قررت وزارة التربية إخلاء مدرسة تلحياة الرسمية من الطلاب، لأن المبنى غير صالح، ويشكل خطراً على السلامة العامة. رفض الأهالي القرار، بل قطعوا الطريق احتجاجاً، وبدا من الناحية العملية أن الوزارة استسلمت لضغط الأهالي بدليل أن العام الدراسي انتصف، ولا تزال المدرسة على همة القضاء والقدر عامرة بطلابها وموظفيها.
لا ينفي مدير المدرسة غسان السيد تبلغه قرار وزارة التربية إخلاء المبنى، غير أنه يتحفظ عن الدخول في التفاصيل. أما المدرّسون الذين يعترفون بضرورة ترميم المبنى، فهم لا يخشون انهياره، دليلهم أن التشقق الحاصل بين بعض الجدران والسقف، يعوّضه تماسك الجسور البارزة في السطح. بدوره يؤكد سليمان دنهش، أمين الصندوق في لجنة الأهل، أن حالة المبنى جيدة، وأن له خمسة أولاد فيها ولا يخشى عليهم، كما يعتبر نفسه مسؤولاً على الأقل عن ثلاثين ولداً من أقربائه، ويرى أن مصالح شخصية تقف خلف قرار وزارة التربية إخلاء المبنى.
لدى مراجعة بلدية المقيطع التي تقع تلحياة ضمن نطاقها، يعبر عضو المجلس البلدي علي طه عن استعداد البلدية لتأمين مبنى مدرسي جديد قائلاً : «توجد عقارات عدة ملك الدولة اللبنانية في منطقة الرمول الواقعة ضمن نطاق المقيطع البلدي، وإذا قدمت الدولة أحد العقارات للبلدية، فهي مستعدة لتشييد البناء».
أما أبو حمزة، أحد أولياء التلاميذ الذي كان يقوم بمراجعة في البلدية، فيعترض على فكرة تغيير البناء المدرسي، معتبراً أن تقرير وزارة التربية مطعون بصحته، وأن «صاحب المبنى يملك محطة وقود ملاصقة للمدرسة، مُنع من تشغيلها خشية تعريض المدرسة للخطر، وكان يحلم برفع بدل إيجار المبنى المدرسي، لذلك استخدم أساليبه الخاصة لدفع وزارة التربية إلى رفع تقرير بعدم صلاحية المبنى»!
من جهته، يؤكد صاحب المبنى حسن درويش أن المبنى متصدّع، شارحاً أنه تبلغ بالأمر عندما طلب من وزارة التربية رفع قيمة إيجار المبنى، فأجابته بأن لديها معلومات حول تصدع البناء، ثم أرسلت وزارتا التربية والأشغال مندوبين لمعاينة البناء، وبعد الكشف تبلغ من وزارة الأشغال أن البناء متصدع، ويشكل خطراً على السلامة العامة، «ثم طلبوني بالأونيسكو لكي أقدم تعهداً بتحمل مسؤولية ما قد يصيب الطلاب أو المدرسين، فكان ردي أنني لا أتعهد بشيء، تريدون البقاء وفق شروطي أهلاً وسهلاً، وإلا فالله معكم، سلّموني المبنى. بعد ذلك أخبرني المدير أنه تبلّغ إخلاء المبنى، وطلب مني غرفة للاحتفاظ بالمقاعد وباقي الأثاث المدرسي ريثما تتسلمها الوزارة، فرحبت بالطلب».
قبل كشف وزارة التربية على مدرسة تلحياة بسنتين، نقل أحد أولياء التلاميذ خالد خشفة ولديه إلى مدرسة أخرى اعتقاداً منه أنها أفضل من الناحية التربوية، لكنه يقول إن مبنى المدرسة الثانية أسوأ بكثير من مبنى مدرسة تلحياة «فإذا كانت المدرسة من برا مدهونة، لكن قضبان الحديد في سقوف صفوفها بارزة ومهترئة، والمبنى قديم جداً، وأكثر من مرة جرى صب الباطون لإخفاء الحديد، لكن الباطون لا يلبث أن يسقط بعد أقل من ستة أشهر».
في السياق نفسه، يعاني نحو مئتي تلميذ في تلحياة أزمة إقفال المدرسة التابعة لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، وهي المدرسة الوحيدة في عكار بين المدارس الخاصّة المجانية، أو المدارس الرسمية التي تعتمد الإنكليزية لغة أجنبية أولى. لذلك يتكبد أولئك الطلاب كلفة النقل إلى بلدة المنية حيث توجد أقرب مدرسة تلبّي حاجتهم، ويطالب علي طه باسم بلدية المقيطع الدولة اللبنانية بتقديم أحد العقارات التي تملكها في نطاق المقيطع البلدي، على أن تشيد البلدية مبنى مدرسياً يصلح بديلاً لمدرسة تلحياة المتصدعة، وينشأ فيه فرع لمدرسة تعتمد الإنكليزية لغة أجنبية أولى. لافتاً إلى أن أسرتين من تلحياة توقفتا عن إرسال أبنائهما إلى المدرسة بسبب عجزهما عن توفير كلفة النقل إلى بلدة المنية.(الاخبار 20 كانون الثاني2012)