مؤشرات الوقاية للمرأة اللبنانية متدنية والنسب غير مشجعة

على رغم اهمية الفحوص الوقائية وفحوص التقصي في لبنان ووجود عدد كبير من المراكز الصحية التابعة للدولة وللجمعيات الخاصة، والمنظمات غير الحكومية والعيادات والمستشفيات والمختبرات، وعلى رغم من الحملات الاعلامية الوقائية، ما زالت المرأة في لبنان تهمل مواضيع صحية اساسية بحسب الارقام والاحصاءات.

نقف مذهولين في بلد يضم حوالى مليوني مواطنة، فمعدلات الفحوص الالزامية الاساسية ما زالت متدنية. وبحسب احصاءات الجمعية اللبنانية للتوليد والامراض النسائية فمعدل اجراء فحص المسحة المهبلية (الزجاجة) مثلاً لا يتجاوز 10 الى 15 في المئة، علماً انه من ابرز الفحوص الوقائية واكثرها فاعلية للكشف المبكر على سرطان عنق الرحم. كذلك الامر في حالات معدلات اجراء الصور الشعاعية للثدي (ماموغرافي) التي لا تتجاوز 30 الى 35 في المئة في اغلب الاحوال، على رغم الحملة الوطنية الكثيفة ووجود نحو الـ150 مركزا تقدم هذه الخدمة باسعار متدنية او شبه مجانية.
هناك تدن في الكشف عن الالتهابات الجنسية ناتج من انخفاض نسبة الاشخاص الذين يرغبون في التقصي عن هذه الالتهابات نتيجة تنميط وغياب للخصوصية وللسرية في التعامل مع هذه المشكلات. فالفحص الطوعي للسيدا مثلاً يتوافر مجاناً في بعض المراكز، بينما لا يتم استعمال هذه الخدمة في شكل فاعل بما يتناسب مع التوعية الصحية عن السيدا. والفحص المتعلق بالكثافة العظمية والذي يجب ان تجريه النساء بعد انقطاع الحيض مرة في السنة، قليلاً ما يلجأن اليه. على رغم اهميته في الوقاية والعلاج لحالات ترقق العظم والتي قد تسبب عواقب خطيرة اشهرها كسر الحوض.
ورغم التوصية الصادرة حديثا عن الكلية الاميركية لاطباء النساء والولادة، عن إلزامية الفحص النسائي السنوي، نرى في لبنان ان هذا الفحص لا تقوم به الا نسبة لا تتجاوز 20 او 25 في المئة من النساء وفي شكل دوري، خصوصا ان الفحص النسائي السنوي هو في غاية الاهمية لان من ضمنه تجرى فحص المسحة المهبلية، والصورة الصوتية للكشف عن اي مشكلات في المبيض او الرحم او الحوض عموماً، وكذلك فحص الثدي السريري، الى التقويم العام والكامل لصحة المرأة.
ثم أن أكثر من 50 في المئة من النساء اللواتي يضعن مولودا لا يزرن الطبيب النسائي بعد 40 يوماً من الولادة، علماً أن الزيارة مهمة للكشف عن صحة المرأة النسائية، وكذلك الاعضاء التناسلية، وتقديم المشورة المتعلقة بوسائل تنظيم الأسرة والصحة الجنسية، والارضاع من الثدي، والتكيف النفسي مع الحياة الاسرية الجديدة، وغيرها من المواضيع المهمة.
واذا كانت الارقام غير مشجعة في ما يتعلق في الصحة الجسدية، فإن الحال ليس افضل بكثير في الصحة النفسية، اذ انها مغيبة كلياً عند بعض الفئات، علماً ان 50 في المئة من النساء في لبنان يعتبرن ان صحتهن النفسية ليست جيدة، وبالتالي فان انعكاس الصحة النفسية على مكونات الصحة الانجابية امر معروف لكنه لم يأخذ حقه بعد في رعاية صحة المرأة في لبنان.
يشار الى ان 20 في المئة من اللبنانيات يتعرضن للاصابة باكتئاب ما بعد الولادة، وهي نسبة شبيهة باوروبا واميركا الشمالية.
الاسباب الكامنة وراء هذا النمط من السلوك الصحي بحسب الجمعية اللبنانية تتوزع على ثلاث فئات: الاولى مرتبطة بالنظام الصحي القائم، حيث هناك كلفة مادية، وغياب الخصوصية والحميمية لا يشجع بعض الشرائح على زيارة العيادات.
الثانية، ما يرتبط بالمرأة كنوع من موقف، مثلاً: "لا اريد ان اعرف أي مشكلة صحية قد تعترضني". وهناك من يعاني مشكلة مزمنة تعتمد من خلالها النساء العلاج الذاتي، وغياب الثقة في بعض المراكز الصحية الموجودة. وكذلك العامل المادي الاجتماعي.
والفئة الأخيرة مرتبطة بغياب السياسات الصحية التي تكفل المساواة والوصول المتكافئ الى مراكز الخدمة بالنوعية العالية نفسها.
ولا شك في انه مع تعدد المواضيع المتعلقة بصحة المرأة يبدو واضحاً اكثر واكثر ان على الاعلام تأدية دور اكبر للاحاطة، ليس بتبسيط الجوانب التقنية، فحسب، وانما بتسليط الضوء على الابعاد الاجتماعية والسلوكية لصحة المرأة، والتي باتت أكثر من ضرورة لفهم كامل لمقاربة صحة المرأة في لبنان.

الأربعاء 11 كانون الثاني 2012