الفاتورة الصحية ترهق أبناء الكورة ولا وجود لمستشفى حكومي

أبناء المنطقة عاتبون على الدولة وممثليهم من النواب
تفتقر الكورة منذ عهد الاستقلال الى اهتمام الدولة بها، وتغيب المشاريع الانمائية والخدماتية الضرورية الملحة عن المنطقة، على الرغم من الوجه الحضاري الذي تتمسك به، بفضل النخبة من ابنائها المتعلمين والمتخصصين في المجالات كافة، ومنهم البارزون لبنانيا وعالميا. ولا يلغي صيت المنطقة التعليمي والحضاري وجود طبقة وسطى وفقيرة تحتاج الى رعاية، ومساعدة اسوة بسائر المناطق اللبنانية، خاصة على صعيد القطاع الطبي والاستشفائي. ويوجد في الشمال سبعة مستشفيات حكومية موزعة على مناطق المحافظة، باستثناء منطقة الكورة التي تقتصر الخدمات الطبية فيها على مركز لطبابة القضاء في سرايا الكورة، كما في سائر سرايا لبنان. وفيما عدا ذلك، هناك ما يقارب العشرين مركزاً طبياً (مستوصفات)، تعمل بشكل شبه مجاني، وتؤمن خدمات طبية وعلاجية مختلفة، اضافة الى تقديم بعض الادوية. وتتوزع المستوصفات على قرى وبلدات الكورة، وهي محسوبة على احزاب سياسية، او جمعيات اهلية، او فاعليات محلية، او ابرشية طرابلس والكورة الارثوذكسية، او كاريتاس، او البلديات. وتتعاون المراكز الطبية فيما بينها ومع مركز الخدمات الاجتماعية والصحية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية، ومع مركز طبابة القضاء التابع لوزارة الصحة، لتأمين بعض الادوية واللقاحات. وتضاف المستوصفات إلى ثلاثة مستشفيات خاصة موجودة في الكورة، يعمل مشفيان منها، فيما يقتصر حضور الثالث على الاسم فقط، بالرغم من انها كانت من اولى المستشفيات التي افتتحت في لبنان.
ويعيد رئيس اتحاد بلديات الكورة المهندس كريم بو كريم غياب مستشفى حكومي في المنطقة الى «فشل الدولة في ادارة قطاع الخدمات الصحية، والشاهد على ذلك، وضع المستشفيات الحكومية المأساوي في سائر المناطق، مما يتطلب توفر عنصر المنافسة المثمرة التي تشجع على تأمين افضل الخدمات والنجاح، كما هو حاصل في القطاع الخاص». ويلفت بو كريم الى وسيلة اجدى من المستشفى الحكومي وهي «تأمين البطاقة الصحية الموضوعة على جدول اعمال مجلس الوزراء حيز التنفيذ»، متمنياً «إنجازها في القريب العاجل على مستوى تقديم الرعاية الصحية والاستشفائية «لانها الحل الأجدى لكثير من المشاكل العالقة».
ويشير مسؤول «مستوصف عبدالله سعادة» في اميون فيلمون جبور إلى اسباب أخرى وراء التقصير في إيجاد مستشفى حكومي في الكورة، ومنها «عدم مطالبة الطبقة السياسية التي يعطي افرادها الاولوية للاهتمام بالمصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة»، مشيراً الى «ان عدد الاطباء في اميون فقط يقارب الثمانين طبيباً، وأن هؤلاء يستحقون من الدولة تأمين فرص عمل لهم في منطقتهم بدل ان يتوزعوا على مستشفيات لبنان». ويرى جبور «أن مطلب وجود مستشفى حكومي في الكورة سيكون المطلب الأول عند الناخبين الكورانيين عند قرب استحقاق انتخابي نيابي».
ويشدد الدكتور ميشال خوري (من كوسبا) على حاجة قضاء الكورة الى «انشاء مستشفى حكومي ولو بخمسين سريراً». مستبعدا تحقيق هذه الحاجة في ظل «غياب القرار السياسي «. ويتساءل خوري عن «حقوق المواطن، والانماء المتوازن الذي ينص عليه اتفاق الطائف، وهل الحكم الجائر يفرض دائماً على الفقير والمحتاج؟ ويرغم المرضى والعجزة على عذاب التنقل بين مستشفيات الاقضية الاخرى، وهم الذين لم يتلكأوا يوماً عن القيام بواجباتهم تجاه دولتهم، والالتزام بقوانينها ودفع الضرائب والرسوم لها؟».
وتدعو الدكتورة جنفياف شلهوب المجتمع الاهلي الكوراني الى التحرك للمطالبة بوجود مستشفى حكومي في الكورة، كما في سائر المشاريع الاخرى، مشيرة إلى أن «الإنجازات لا تنفذ في الكورة الا بمبادرات فردية ومحلية». وتلفت شلهوب الى ان «للاطباء مصلحة عملية في وجود مستشفى حكومي، ومع ذلك هم لم يسجلوا يوماً موقفاً علنياً للمطالبة به، على الرغم من علمهم الوثيق بأن نسبة كبيرة من الكورانيين، خصوصاً ممن يعتمدون على زراعة او تجارة الزيت والزيتون، لا يتمتعون بأي نوع من التأمينات الصحية او الضمانات الاجتماعية».
وتتوقف مسؤولة مستوصف النجدة الشعبية الدكتورة نجاح الشماس «عند حاجة ابناء الكورة الماسة الى مستشفى حكومي، ومستوصف تابع للجيش ايضا، ففي زمننا الذي تتعاقب فيه الانتكاسات والازمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تزداد الحاجة يوماً بعد يوم الى المساعدات على الأصعدة كافة». وتقول الشماس إن المواطن الكوراني لا يعرف من هو المرجع الصالح الذي يمتلك العصا السحرية لإتخاذ القرر بإنشاء المستشفى. هذا وتقوم طبابة القضاء، كما استعرض صلاحياتها ودورها الدكتور ميشال نعمة، طبيب القضاء، بـ«المحافظة على السلامة العامة، وقد منحت سلطة الرقابة وليس السلطة التنفيذية، وهي تتعاون مع المستوصفات الطبية والمستشفيات الخاصة ولو بقيمة ستين في المئة من الفاتورة الاستشفائية على حساب وزارة الصحة، بالإضافة إلى «حملات تلقيح مجانية وتأمين الادوية ايضا والإشراف ومراقبة حفظ الصحة العامة في القضاء، مما يجعلها تلبي بعض إحتياجات المواطن المحدودة، في ظل غياب مستشفى حكومي يستبعد انشاؤه لان الكورة محاطة بمستشفيات تنورين والبترون وطرابلس الحكومية».

9 كانون الثاني2012