الشعب يريد ترميم المدرسة». هتاف رفعه طلاب تكميلية سير الرسمية للصبيان أول من أمس، تخوّفاً من انهيار مبنى المدرسة بعد ظهور تصدّعات في جدرانها وسقوفها. المطلب ليس مستحيلاً، إلا أنه يراوح مكانه منذ العام 2007 مهدّداً مصير 300 تلميذ
عبد الكافي الصمد
في مطلع تسعينيات القرن الماضي، نجا طلاب ثانوية سير الرسمية، وأساتذتها وموظفوها من كارثة كانت ستصيبهم جراء انهيار مبنى الثانوية، إذ شاءت العناية الإلهية يومها أن ينهار المبنى بعد منتصف الليل. بعدها انتقل الطلاب والأساتذة إلى مبنى آخر، استؤجر لإكمال العام الدراسي، لا يزال إلى اليوم يؤوي الطلاب والأساتذة، كما لا يزال المبنى السابق، الذي كان مستأجَراً بدوره، ركاماً إلى اليوم. يومها، أشارت التقارير التي كشفت على المبنى، إلى أن سبب انهياره يعود إلى وجود كميات كبيرة من المياه تحته، إذ تشتهر بلدة سير بأنها غنية جداً بالينابيع، ما جعل أساسات الثانوية تتصدّع.
اليوم يعود هاجس انهيار المباني المدرسية في البلدة إلى البروز مجدداً، بعد تحرك احتجاجي قام به طلاب تكميلية سير الرسمية للصبيان وأهاليهم الأسبوع الماضي، تخوفاً من انهيار مبنى التكميلية بعد ظهور تصدّعات في جدرانه وسقوفه، وتسرّب المياه إليه من السقوف وجدران الدعم. ويوم الأربعاء الماضي، منع الأهالي أبناءهم من الذهاب إلى صفوفهم لمتابعة تحصيلهم العلمي، بعدما ظهرت تصدّعات كبيرة وخطيرة في جدران المبنى وفي سقف الملعب الشتوي.
المبنى المدرسي الذي يعود إلى أربعينيات القرن الماضي، مؤلف من خمس عشرة غرفة، ويستوعب قرابة 300 طالب معظمهم في المرحلة التكميلية، إضافة إلى غرف الإدارة وملعب صيفي، كما تتخذّ دار المعلمين والمعلمات في الضنّية من أحد بلوكات المبنى الثلاثة مقرّاً لها.
لجنة الأهل في التكميلية أكدت في بيان لها أن «المبنى آيل إلى السقوط»، وطالبت الجهات المعنية في وزارة التربية «بالتحرّك بسرعة، وإرسال مهندسين للكشف وتحديد الخطوات الواجب اتباعها لحماية أبنائهم من مخاطر انهيار المدرسة». من جهته، أكد مدير التكميلية أحمد دحروج أنه أرسل كتاباً إلى دائرة التربية بهذا الخصوص، وقد أرسلت الأخيرة مهندسين للكشف وإعداد تقرير يحدّد فيه حال المبنى.
بلدية سير، وبمبادرة من رئيسها أحمد علم، كلّفت المهندس أحمد عثمان في اليوم نفسه بالكشف على المدرسة، وأوضح في تقريره أن «البناء بحاجة ماسة إلى التدعيم والترميم، وأن الأسطح فيها تشققات، وبالتالي فإن المياه تتسرّب إلى الداخل وتتسبب بأضرار بالغة في هيكل البناء، خصوصاً حديد التسليح الذي يتعرّض للصدأ والاهتراء». وحذّر المهندس في تقريره من أن «سقف الملعب الشتوي متصدّع وفيه تشققات خطيرة، ما يهدّد السلامة العامة، لذلك يجب هدمه واستبداله بسقف جديد»، كما أنّ «جدران الدعم القائمة على حدود العقارات المجاورة للمبنى المدرسي متصدّعة وبحاجة للتدعيم». ودعا التقرير إلى «وجوب إنشاء أقنية لتجميع المياه حول البناء، وتصريفها إلى المجاري العامة، ووجوب إزالة العازل الموجود على كل الأسطح، واستبداله بعازل جديد للنش».
هذا التقرير لم يكن الأوّل من نوعه، ففي عام 2007 عاين مهندسون من مديرية المباني في وزارة الأشغال المبنى بطلب من وزارة التربية، واقترحوا يومها لمنع النش وتسرّب المياه، إقامة عازل على السطح. غير أن إدارة التكميلية وإدارة دار المعلمين اقترحت على الجهات المعنية يومها، وفي أكثر من مناسبة لاحقاً، أن يشيد سطح من القرميد في السطح، بما يمنع النش ويضفي طابعاً جمالياً على المبنى من جهة، ومن جهة أخرى تستخدم الغرف التي ستنشأ تحت القرميد (نحو 6 غرف تقريباً) لصالح التكميلية، أو لتلبية حاجة دار المعلمين بعد تزايد أعداد الطلاب، وكذلك ازدحام روزنامة الدورات التدريبية التي تقيمها دار المعلمين.
لكن أيّاً من تلك الاقتراحات لم ينفذ، وبقي مبنى التكميلية يعاني من التصدّع وتسرّب المياه إليه سنة بعد أخرى، إلى أن فاض الكيل بالطلاب والأهالي معاً، فنفذوا اعتصاماً أمام المبنى صباح أول من أمس، ثم قاموا بتظاهرة احتجاج جالوا خلالها شوارع البلدة وصولاً إلى ساحة جمال عبد الناصر الرئيسية في وسطها، وهم يردّدون: «الشعب يريد ترميم المدرسة!»(الأخبار27شباط)2012