فياض لـ"النهار": هل تتعهد الحكومة تأمين مجانية الكتب؟ المركز التربوي لم يعدّل الكتب المدرسية منذ العام 2000

من مهماته الرئيسية الكتب المدرسية وتطوير المناهج لاعتمادها في حقل التعليم، إلى إعداد أفراد الهيئة التعليمية وتدريبهم. المركز التربوي للبحوث والإنماء، الذي انشئ العام 1971، تزداد مهماته جاعلة مسؤوليته أكبر في تحسين نوعية التعليم في لبنان ومواكبته عالمياً.
ما هو واقع المركز التربوي بالنسبة إلى تطوير المناهج والكتب؟ وهل تكفيه الموازنة للتعاقد مع باحثين وإعداد دراساته وتغطية مشاريعه؟.
"النهار" التقت رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتورة ليلى فياض التي استهلت حديثها عن المركز بالقول إنه لا يهدأ، فيجري البحوث التربوية المختلفة، ويشارك في التخطيط العام، ويضع مشاريع الخطط التربوية لمختلف أنواع التعليم وفروعه ومراحله باستثناء التعليم الجامعي، ويدرس مناهج التعليم وتطويرها واقتراح المناسب في شأنها.
ماذا فعل المركز في إطار الخطة الخمسية التي أُطلقت العام 2010؟
تجيب أنه قبل إعلان الخطة الخمسية، باشر المركز قبل أعوام تطوير المناهج، بدءاً من خطة النهوض التربوية والمناهج التي أقرت العام 1997، والتي طُبّقت الى العام 2000، إلى تطبيق العمل بالمادة الثانية من أحكام المرسوم 10227، "وصولاً إلى عقد 108 ورشة عمل وطنية على مدار عامين ضمت حوالى 24 خبيراً تربوياً من القطاعين الرسمي والخاص وعاملين في القطاع التربوي، وقد وُضعت توصيات وتقارير تلك الورش بتطوير المناهج في عهدة الهيئة العليا لمتابعتها".
وعن أهم التوصيات التي على أساسها انطلقت دورة التطوير، تقول: "ان يتقن التلميذ اللغة العربية ولغة اجنبية على الأقل بعد انتقاله إلى مرحلة التعليم الأساسي في الحلقة الأولى، بالإضافة إلى اكتساب المفاهيم الحسابية التي تتلاءم وقدراته المهنية ومفاهيم سائر المواد المتبقية من مادة العلوم، إلى الجغرافيا والتاريخ، فالتربية، الفنون التشكيلية، الرسم والموسيقى التي ترتبط بالنشاطات المدرسية".
وأوضحت أن المركز شرع هذه السنة في تطبيق التوصية على 50 مدرسة رسمية، "وسبق عملية التطبيق تدريب معلمي الصفوف في هذه المدارس مع مواكبة ميدانية ومستمرة من فريق متخصص إلى حين تطبيقها في شكل رسمي في السنة المقبلة على الصعيد الوطني".
ثمة مناهج أعيد النظر في شأنها، تفيد، "إذ استحدثنا روضة ثالثة بعدما كانت الروضة في التعليم الرسمي سنتين، روضة أولى وثانية، وقد حصل التحديث بغية تعريف الولد إلى الحروف وأشكالها من خلال رسمها قبل أن ينتقل إلى صفوف الحلقة الأولى"، مضيفةً أن المركز بعدما أنهى تطوير منهج الحلقة الأولى، هو راهناً في صدد التحضير لتطوير منهج الحلقة الثانية ثم تأليف الكتاب، "ولدينا توجه آخر في شأن الحلقة الثالثة مع "التقليع" في الحلقة الثانية، ومن ثم ننطلق في تطوير منهج الثالثة".
أما في ما يخص مسار عمل المركز لمناهج كتب رياض الأولاد، فتؤكد أن المركز أنهى الصف الذي استحدثه في الروضة الأولى من حيث البطاقات والمنهج. كذلك الأمر بالنسبة إلى الروضة الثانية حيث تطبّق كمرحلة تجريبية في عدد من الروضات في المدارس على غرار تطبيق المناهج في الحلقة الأولى.
لم تحصل تغيرات أو تعديلات جوهرية تذكر في الكتب المدرسية بعد إطلاقها على أساس المناهج الجديدة في العام 2000، تقول، باستثناء كتاب الـ (Biology) لصف الفلسفة. لكن الأهم من ذلك، أنه "أُعدت دراسة لغوية شملت كل الكتب الصادرة العام 2000 لتلافي الأخطاء اللغوية".
وماذا عن كتاب التاريخ في المناهج الجديدة، وهل توصل المركز إلى مسار محدد للمباشرة في إعداده للمرحلة المتوسطة؟
تجيب أن وزير التربية السابق حسن منيمنة أعد منهج كتاب التاريخ من مرحلة التعليم الأساسي إلى "البريفيه"، وان الوزير الحالي حسان دياب تبناه وأحاله إلى لجنة وزارية شكلت لهذا الغرض وأُدخلت بعض التعديلات عليه وأصبح الآن في عهدة مجلس الوزراء".
وتطرقت فياض إلى طرح النائب سامي الجميل حول مشروع مجانية الكتب المدرسية الذي عرضه أخيراً على لجنة التربية النيابية، قائلةً: "دور المركز في هذا المجال تأمين تأليف الكتاب ومن ثم اللجوء إلى مناقصة عمومية تشارك فيها دور النشر، لنرسي وإياها السعر الأفضل لإنتاج الكتاب". وهي ترحّب بمجانية الكتب، موجهة سؤالها إلى الحكومة: "هل تتكبّد أعباء مالية إذا ما رصدت لمجانية الكتب نحو 5 ملايين دولار؟ علماً أن غالبية النواب أجمعوا في الاجتماع على أن لا مشكلة لدى الحكومة في أن تتبنى تكلفة إنتاج الكتاب". وتضيف أن المركز يهمه أن يصدر الكتاب بأفضل جودة من حيث الورق، "طالما أن عملنا محصور بعملية التأليف أي جودة المحتوى التي هي ميزة المركز حيث يحدّد خبراؤه كل المواصفات والمعايير لجهة الورق والألوان وطريقة الإخراج الخ...".
وعمّا إذا كان هناك توجّه الى إعادة تنظيم هيكلية المركز، انتفضت ثم قالت: "عندما وضع المشترع هيكلية المركز وأنظمته والوحدات والمكاتب القائمة فيه كان العمل رائداً، إذ أنه في هيكليته القائمة يمكن وصفه بالجيد جداً، والدليل على ذلك أنه على مدى أكثر من 40 عاماً أدى مهماته على أفضل وجه". وهذا لا يعني أنه بعيد من الشوائب "وهذا أمر آخر"، وفق تعبيرها.

الموازنة لا تكفي
يُقال إن الموازنة التي كانت مرصودة للمركز تضاءلت، وبالتالي إلى أي مدى تستطيعون التعاقد مع باحثين وأساتذة لإعداد دراسات معيّنة، خصوصاً ما يُحكى أن عدد المتعاقدين يفوق عدد المثبّتين؟
ترى فياض أهمية المركز في أن يتعاقد مع أفضل الخبراء والباحثين لإعداد دراسات تواكب التطور على أكثر من صعيد لتصب في مصلحة الشأن التربوي. ولا تعتقد أن ملاك المركز هو ملاك كبير، "وأنظمة المركز تسمح لإدارته بالتعاقد مع من تراه مناسباٌ وفق مشاريع أو دراسات أو بحوث معيّنة". هنا تكمن أهمية المؤسسة العامة ولا شك في أن المركز في حاجة إلى موظفين ثابتين في الوقت الذي تعتبر فيه أن ثمة جانباً إيجابياً للتعاقد، "وذلك في حال أظهر المتعاقد فشلاً في مشروع ما لا يكون المركز مرغماً على تجديد العقد معه".
وتوقفت عند موضوع الموازنة، باعتبار أن "الكل يعلم أن سياسة الحكومات المتعاقبة تعتمد سياسة التقشف، والمركز التربوي ليس الوحيد الذي يُعاني هذه المشكلة وتطبّق عليه هذه السياسة أسوة بغيره من المؤسسات".
أما بالنسبة إلى موازنة المركز لسنة 2012، فبعد النجاح الكبير الذي حققه المركز في عمله، تقول، "توصلنا إلى مبلغ قدره 25 مليار ليرة سنوياً"، وتضيف: "لسنا في العصر الذهبي مالياً، لكن الوضع مقبول ونتمكن إلى حد ما من تغطية مصاريفنا".(النهار 4 شباط2012)