تُرجم وعد وزير الصحة لمستشفى بعلبك الحكومي سريعاً. سلفة مالية بقيمة 5 ملايين دولار لإعادة الترميم والتجهيز، بالإضافة إلى وعد برفع مستوى قسم غسل الكلى. موجة تفاؤل تسود المستشفى الذي يمثّل ملاذ الطبابة للعائلات الفقيرة في المنطقة
رامح حمية
يستعد مستشفى بعلبك الحكومي، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لنقلة نوعية على مستوى المبنى والتجهيزات الطبية، يمكن المستشفى من بعدها أن يزاحم المستشفيات الأخرى، بما فيها الخاصة. «النفضة»، على حد تعبير مجلس إدارة المستشفى، عبارة عن عملية ترميم وتأهيل واسعة للمبنى، وعن إعادة توزيع للأقسام بما يتناسب والخدمات الطبية فيها والتجهيزات الحديثة التي سيحظى بها المستشفى قريباً.
فبعد زيارة وزير الصحة علي حسن خليل للمستشفى، واطلاعه على أوضاعه، في تشرين الثاني من العام المنصرم، تعهّد إيلاء مستشفى بعلبك الحكومي الاهتمام اللازم، «حتى يصبح الأفضل تجهيزاً وترميماً». يومها، رأى البعض أن كلام الوزير يأتي في إطار الوعود التي يطلقها المسؤولون خلال زياراتهم، فيما صدّقت الغالبية «الحماسة والاهتمام» اللذين أبداهما الوزير «سواء أثناء الزيارة أو بعدها»، كما يشير رئيس مجلس إدارة المستشفى الدكتور حسان اليحفوفي. الأخير يلفت إلى أن مجلس إدارة المستشفى تبلّغ أخيراً أن الدراسة الخاصة بإعادة ترميم المستشفى وتأهيله، والذي يحتاج إلى مبلغ قدره 5 ملايين دولار، قد أُدرجت على جدول أعمال مجلس الوزراء، من قبل وزير الصحة في جلسة 9/12/2011، وتمكّن الأخير من الاستحصال على سلفة بالمبلغ المطلوب، لتنفيذ الأعمال المطلوبة، والمساهمة في توفير جهاز تصوير «سكانر»، جرى توفيره أخيراً، «ويفترض استقدامه إلى المستشفى بمجرد الانتهاء من بعض الأمور الروتينية الخاصة بتشغيله وتركيبه».
الجدير ذكره أن مستشفى بعلبك الحكومي، كان قد شهد عملية ترميم وتأهيل من قبل مجلس الإنماء والإعمار بين عامي 2000 و2004، «إلا أن الكثير من الأخطاء ظهرت في التنفيذ، سواء لجهة عدم معالجة مشاكل النش والرطوبة في جدران أقسام المستشفى، أو لجهة سوء توزيع الأقسام بما يتناسب مع متطلبات التصنيف»، بحسب اليحفوفي. يشار مثلاً إلى أن غرفة التعقيم، «التي من المفترض أن تكون بمحاذاة غرفة العمليات في الطبقة الأخيرة من المستشفى، وضعت في الطبقة الأرضية. وبات يترتب على الأطباء والجهاز التمريضي الخاص بالعمليات الجراحية، أو حتى العناية الفائقة، النزول إلى الطبقة الأرضية للتعقيم، ومن ثم العودة عبر السلالم أو المصعد».
بناءً عليه، إذا كان مجلس الإنماء والإعمار قد تولى أعمال الترميم والتأهيل سابقاً، وأثبت فشله من خلال المشاكل التي ما زال المستشفى يعانيها حتى اليوم، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي الضمانة لعدم تكرار الخطأ نفسه في أعمال الترميم المقبلة؟
يلفت اليحفوفي إلى أن التنفيذ السابق كان في ظلّ عدم وجود مجلس إدارة «يراقب أو يشرف»؛ إذ عُيِّن مجلس إدارة للمستشفى في آب من عام 2006، أي بعد سنتين على انتهاء أعمال الترميم. ورغم تقديم العديد من الاعتراضات من أطباء المستشفى، «إلا أن أحداً لم يردّ علينا، إلى درجة أنهم فرضوا علينا هبة أميركية لقسم التعقيم لم تكن بالمواصفات المطلوبة». ويضيف أن تنفيذ أعمال التأهيل والترميم التي ستبدأ قريباً، ستكون «تحت إشرافنا ووفق الشروط والمواصفات الموجودة في الدراسة، وسنتشارك الإشراف مع السلطات المحلية في المدينة، بالإضافة إلى هيئات المجتمع الأهلي والمدني».
وبحسب الدراسة، ستبدأ أعمال الترميم في أقسام معينة من المستشفى، وسيُنتقَل من طبقة إلى أخرى من دون إيقاف العمل الطبي. وستطاول الأعمال معالجات للنش والرطوبة، بالإضافة إلى نقل قسم التعقيم إلى جانب غرف العمليات والعناية الفائقة. أما بشأن التجهيزات، فأشار اليحفوفي إلى اتفاقية وُقّعت الأسبوع الماضي مع إحدى الجهات المانحة لاستبدال معدات وتجهيزات طبية قديمة بأخرى حديثة ومتطورة، فضلاً عن مساهمة من اتحاد بلديات بعلبك بمبلغ مئة مليون ليرة، فيما الخطوة الأهم تبرز في تجهيز قسم التعقيم بأجهزة ذات مستويات فلترة وتعقيم وبدرجة «ما فوق التنقية»، وخاصة في قسم غسل الكلى، وهو ما يترافق بحسب اليحفوفي مع الدراسة الخاصة بالقسم التي قدمت بتاريخ 26/1/2012 لوزير الصحة، الذي وعد بإنجازها قريباً بعد تعميمها على المستشفيات كافة.
أما على الصعيد المادي، فالمداخيل في مستشفى بعلبك الحكومي «ضئيلة جداً»، يقول اليحفوفي، عازياً ذلك إلى الاعتماد فقط فيها على مساهمة المريض البسيطة التي لا تتعدى 5%، وعلى تلك التي يعطيها مختبر المستشفى، في الوقت الذي «نفتقر فيه إلى مصادر الدخل الكبيرة التي تعوّل عليها غالبية المستشفيات، كالأجهزة الطبية من تصوير طبقي ورنين مغناطيسي وأجهزة تمييل للقلب والشرايين وأخرى للتنظير المعوي. غياب التجهيزات عن المستشفى يدفع سائر المرضى فيه إلى الذهاب إلى مستشفيات أخرى لإجرائها على نفقتهم الخاصة».
من جهة ثانية، يبدو أن علاقة المستشفى بالجهات الضامنة من قوى أمن داخلي وجيش «لا تعتريها أية مشاكل»، إلا أن العلاقة مع الضمان الإجتماعي تواجه مشكلة؛ «إذ يترتب للصندوق مبلغ 800 مليون ليرة تراكمت على مدى السنوات الماضية مع الغرامات الكبيرة، الأمر الذي جعل دفعها مستحيلاً وصعباً في ظل الوضع الذي تعانيه المستشفى». إلا أنه يؤكد أن المشكلة مع الضمان يمكن معالجتها مع الانطلاقة التي ستشهدها المستشفى مع التجهيزات الحديثة؛ «إذ يمكن بعدها إجراء نوع من المقاصة بيننا وبين الضمان لما لنا وما علينا».
تاريخ المستشفى
أُُنشئ مستشفى بعلبك الحكومي عام 1956، وافتُتح في عهد رئيس الجمهورية شارل حلو ووزير الصحة حبيب مطران بتاريخ التاسع من آب 1970، ليسجل في تلك الفترة تمايزاً عن بقية مستشفيات لبنان من خلال عمليات جراحية «نوعية»، أشهرها زرع قرنية على يد المرحوم الدكتور عبد الحليم لاوند، وقد كانت العملية الأولى على مستوى لبنان بأكمله.
والجدير ذكره أن المستشفى يتمتع بمساحة كافية لاستيعاب أكثر من 115 سريراً، فيما لا يُشغَّل إلا 40 سريراً، أضيف إليها أخيراً قسم العناية الفائقة بسبعة أسرة فقط.
27 شباط2012