«السفير» تنشر تقرير التفتيش المركزي حول تسريب أسئلة علم الاجتماع

حصلت «السفير» على نسخة من تقرير التفتيش المركزي النهائي والمتعلق بتسريب أسئلة الامتحانات الرسمية لمادة علم الاجتماع لشهادة الثانوية العامة - فرع الاجتماع والاقتصاد لدورة العام 2011 العادية، التي تمثلت بتسريب أسئلة وأجوبة المجموعة الأولى الإلزامية، وفق الصيغة الأصلية التي تم سحبها من نظام بنك الأسئلة للامتحانات الرسمية. وقضى التقرير باتخاذ تدابير إدارية مسلكية بحق إداريين، مع إيداع الملف النيابة العامة التمييزية، إضافة الى بعض التوصيات الواجب اتخاذها في مقر إعداد أسئلة الامتحانات، وإعادة النظر بتشكيل لجان المواد.

ويأتي التقرير النهائي في أعقاب التقرير التمهيدي الذي صدر في الثامن من تموز من العام 2011، والذي اعدّ من قبل مفتشين مكلفين بالتحقيق في موضوع تسريب أسئلة مادة علم الاجتماع، وأوصت وقتها وزارة التربية والتعليم العالي، المديرية العامة للتربية ببعض التدابير الإدارية والتنظيمية من أجل حفظ أمن الامتحانات الرسمية، وسرية الأسئلة.

وأكد وزير التربية حسان دياب لـ«السفير» ان التدابير المسلكية قد اتخذت بحسب توصية التفتيش المركزي، إضافة الى التوصيات التي سبق ورفعت وأعاد التفتيش التذكير بها، فضلا عن تدابير وإجراءات أكثر صرامة لمنع حدوث أي تلاعب، أو محاولة غش في المستقبل.

وعلم أن من اتخذ بحقه تدبير مسلكي بصدد التقدم بشكوى الى مجلس شورى الدولة، لـ«رد الاعتبار» على أساس أن المسؤولية مشتركة، ولا تقع على فرد محدد.

تجدر الإشارة الى أن عملية تسريب الأسئلة جاءت بعد أربعة أيام من تسلم دياب لمهامه من سلفه الوزير حسن منيمنة في السابع عشر من حزيران العام 2011، ما اعتبر وقتها أن عملية التسريب مقصودة في وجه الوزير الجديد.

نموذج ورسائل نصية

وجاء في حيثيات التقرير، أنه تبين بتاريخ 20 حزيران 2011 أثناء إعداد أسس التصحيح لمادة علم الاجتماع لدورة العام 2011 العادية، أثارت إحدى المصححات (ر.ع.) مسألة تسريب المجموعة الأولى من اسئلة المادة المذكورة، مبرزة نموذجا من أسئلة هذه المجموعة مع إجاباتها مكتوبة بخط اليد، تم تداوله (النموذج) بين المرشحين لهذه الشهادة في بعض مراكز الامتحانات. كما تبين أن رسائل هاتفية نصية تم تبادلها بين مرشحين لهذه الشهادة (ل. أ. ن) و(م. م) ومع أساتذتهم (و. أ) و(ن. ع)، قرابة الحادية عشرة ليل الأحد - الاثنين (19 حزيران 2011).

ووفق التقرير، تبين أن مقر لجان تحضير أسئلة الامتحانات الرسمية، الكائن في الطبقة الأرضية من مبنى وزارة التربية والتعليم العالي، لم يكن مزودا بأجهزة تشويش على الاتصالات الهاتفية الخلوية، خلال فترة إعداد أسئلة مادة علم الاجتماع وما قبلها، وأن نوافذ بعض الغرف المخصصة لنوم أعضاء اللجان الفرعية للامتحانات كانت غير مقفلة بإحكام، كما هو الحال بالنسبة الى بقية نوافذ غرف المقر، الأمر الذي جعل إمكانية التواصل مع الخارج متوافرة، كما أنه لم يتم تزويد مقرري اللجان الفرعية بمفاتيح الغرفة المخصصة لكل لجنة، بغية إقفالها، منعا لكل خلل عند مغادرة الغرفة خلال استراحتي الغداء والعشاء، الأمر الذي يعد تقصيرا إداريا.

فقدان كاميرات المراقبة

وكشف التقرير انه «تبين لشركة الصيانة (H.) المسؤولة عن أعمال الصيانة في المبنى المركزي لوزارة التربية، إثر تكليفها استلام غرفة المراقبة في 21 حزيران 2011، أنه بتاريخ استلام وزير التربية والتعليم العالي الحالي مهامه من الوزير السابق، كانت كاميرات المراقبة المنصوبة في حرم الوزارة معطلة ومفصولة عن الكهرباء، وأن الأجهزة الموجودة في غرفة المراقبة، التي كانت بعهدة مسؤول أمن الوزير السابق، لا سيما الكومبيوترات وآلة التسجيل (DVR) هي مفقودة، وبالتالي لا توجد تسجيلات سابقة، الأمر الذي «يثير بعض التساؤلات حول الهدف من التعطيل، ولا سيما أنه لم تجر عملية تسلم وتسليم للمعدات الموجودة قي غرفة المراقبة المذكورة، ولم يتم تكليف موظفين رسميين لاستلام هذه الغرفة، الأمر الذي يقع تحت طائلة أحكام قانون العقوبات، ويقتضي بالتالي إحالة الموضوع على النيابة العامة التمييزية»، وفق التقرير.

وأشار التقرير الى اعتذار وزارة الاتصالات، جوابا على كتاب التفتيش المركزي، عن تزويد فريق التفتيش المختص بـ«داتا» الاتصالات الهاتفية عن اليوم المحدد، لأرقام هواتف بعض العاملين في مقر تحضير أسئلة الامتحانات الرسمية، مشيرة الى ضرورة اعتماد الآلية المنصوص عليها في قانون اعتراض المخابرات الهاتفية الرقم 140/99، والحصول على تكليف خطي من قبل السلطات القضائية المختصة، وهذا يقتضي إحالة الملف على النيابة العام التمييزية.

شوائب في بنك الأسئلة

وتبين في التقرير ان نظام «بنك الأسئلة» المعمول به حاليا في الامتحانات الرسمية تعتريه بعض الشوائب، لا سيما لجهة التحضير المسبق للأسئلة من قبل اللجان الفرعية المختصة، ومناقشتها في أماكن عامة، أو في منازل البعض منهم، وأن مقترحات الأسئلة يتم تبادلها عبر الوسائل الالكترونية الخاصة، وهي غالبا غير مجهزة بأنظمة حماية، إضافة الى احتفاظ البعض من أعضاء اللجان بنماذج عن مشاريع الأسئلة، كما أن الشركة المشغلة لهذا النظام تحتفظ بنسخة عنها وفق المعلومات التي توافرت من مجريات التحقيق.

وأوضح التقرير أن خبير تدقيق الخطوط وتحليل المستندات المحلف (م. ع. س) لم يجزم بالمطابقة النهائية لخط يد أحد أعضاء لجنة الامتحانات (أ. س. ح) كون المستند موضوع التكليف هو صورة نسخية وليس الأصل، ما يستدعي إحالة الموضوع على النيابة العامة التمييزية.

وأوصى تقرير التفتيش المركزي وزارة التربية والتعليم العالي - المديرية العامة للتربية بالعمل على: إعادة النظر دوريا بتشكيل لجان المواد المكلفة تحضير أسئلة الامتحانات الرسمية، وتزويد مقر إعداد أسئلة الامتحانات الرسمية، وأجهزة تشويش كافية على أجهزة الهاتف الخلوي، مع التشديد على ضرورة عدم إدخال الهواتف الخلوية من قبل أعضاء لجان إعداد الأسئلة والعاملين في الامتحانات الرسمية كافة الى المقر، وتزويد كامل مقر فرز وإعلان نتائج الامتحانات بأجهزة تشويش وكاميرات مراقبة. كما اوصى بإعادة نصب كاميرات المراقبة في حرم وزارة التربية، وإضافة كاميرات في مقر تحضير أسئلة الامتحانات، وتكليف جهاز خاص من الموظفين في ملاك وزارة التربية لتشغيلها وحفظ المعلومات، وإعادة النظر بنظام عمل بنك الأسئلة، والأسس التي يستند اليها، وآلية تحضير مشاريع الأسئلة وتزويده بها، بما يضمن سرية مناقشتها وعدم الاحتفاظ بنسخ منها، إضافة الى تحديد مهام جميع العاملين في نطاقه.

تجدر الإشارة الى أن التقرير صدر بالإجماع عن التفتيش المركزي في الرابع والعشرين من كانون الثاني 2012، وسلمت نسخ منه الى وزارة التربية، والنيابة العامة التمييزية، ووزارة المالية، ومجلس الخدمة المدنية، المفتشية العامة للتربية، وديوان التفتيش، وقد حمل التقرير تواقيع كل من رئيس التفتيش المركزي رئيس الهيئة جورج عواد، والمفتش العام المالي عضو الهيئة صلاح الدنف، والمفتش العام التربوي بالوكالة شكيب دويك.