يعد مشروع تجهيز وتوسيع «شعبة العلوم» في محافظة عكار التابعة «لفرع كلية العلوم» في «الجامعة اللبنانية» - طرابلس، من المطالب الرئيسة التي يسعى الطلاب العكاريون الى تحقيقها، خصوصا أنهم ملّوا من اجتياز المسافات البعيدة للوصول إلى فروع الكلية في عاصمة الشمال، حيث يتعين على الطالب الذي يقطن في منطقة جرد القيطع، أو الجومة، أو الدريب الأعلى، اجتياز مسافة تزيد على 80 كيلومترا يومياً للوصول إلى طرابلس، ما كان يجبر العديد من الطلاب العكاريين في الماضي على اختيار فروع أدبية، يكون الحضور فيها غير إلزامي على عكس الفروع العلمية.
ويعتبر الطلاب أنه ما من شيء يعيق اتخاذ إدارة «الجامعة اللبنانية»، قرارا يقضي بتفعيل دور شعبة عكار وتوسيع فروعها كي تتضمن السنوات الثلاث أي الحصول على الإجازة، خصوصا أن 40 في المئة من طلاب الجامعة اللبنانية هم من العكاريين. كما أن تحقيق ذلك المطلب، يعد بداية الطريق لإطلاق عجلة التنمية وتفعيل دور المؤسسات في محافظة عكار. ويمكن القول إنها المرة الأولى، التي يتوحد فيها العكاريون على اختلاف توجهاتهم السياسية والفكرية وراء مطلب تنموي، ويسعون فعليا لإخراج الموضوع من التجاذبات السياسية. كما أن ما بذل من جهد من قبل إدارة الشعبة إضافة إلى الدعم الذي تلقته في السنوات الثلاث الماضية من الجمعيات الأهلية والمدنية سمح لمدير الشعبة الدكتور فواز عمر بتحقيق العديد من المشاريع لجهة توسيع القاعات، والعمل على تحديث البناء لكي يكون جاهزا لاستقبال عدد أكبر من الطلاب، وذلك مع الإقبال على التسجيل في الشعبة التي تضم التعليم في السنة الأولى فقط.
بوشر التدريس في شعبة كلية العلوم، التابعة أكاديميا وإدارياً لـ «الجامعة اللبنانية» - الفرع الثالث في العام 2009، في طابق مستقل ضمن مبنى تكميلية حلبا الرسمية، بـ 144 طالبا ثم تم استئجار مبنى مستقل على طريق حلبا، مؤلف من ثلاث طبقات وذلك وفقاً لسلفة مالية من الجامعة اللبنانية. وتم للغاية نفسها تأهيل المبنى ضمن الامكانيات المتاحة ما شكل حافزا إضافيا للعديد من الطلاب حيث ارتفع العدد في العام الدراسي 2010ـ 2011 إلى 173 طالبا. أما في العام الجامعي الحالي، فيبلغ عدد الطلاب 192 طالباً يتوزعون على كل اختصاصات السنة الأولى (الرياضيات، والفيزياء، والكيمياء وعلوم الحياة). ويبلغ عدد الأساتذة المحاضرين 16 مدرساً، هم بغالبيتهم من أبناء عكار.
وشكلت «شعبة العلوم» متنفساً للعديد من الطلاب، الذين وفروا الجهد والمال، ما زاد من إمكانية متابعة تحصيلهم العلمي إذ ان العديد من العائلات تمتنع عن إرسال أبنائهم للسكن في طرابلس، إما بسبب ضعف الإمكانيات المادية أو لأسباب اجتماعية متعلقة بالفتيات تحديدا، إلا أن هؤلاء يبدون قلقا فعليا حيال مصيرهم في السنة المقبلة، حيث يجب عليهم النزول إلى مدينة طرابلس وهو ما يعتبره الطلاب أمراً جائراً، لافتين إلى «أن العديد من العائلات تضطر لنقل سكنها والنزوح إلى طرابلس مع أبنائهم للاشراف عليهم مباشرة»، مؤكدين «أن العدد سيتضاعف تلقائيا في السنة الأولى بحال تم افتتاح بقية السنوات». وتؤكد الطالبة ولاء محمد أنها لا تعلم ما إذا كانت ستكمل تحصيلها العلمي في السنة المقبلة، بالرغم من أنها متحمسة للاختصاص وهي من المتفوقين في صفها، إلا أنه «لا إمكانية لاستئجار مسكن في طرابلس، كما لا يمكننا النزول والصعود إلى بلداتنا في اليوم الواحد، لأن الدوام يبدأ منذ الساعة الثامنة صباحا، ويستمر في أغلب الأحيان حتى الرابعة بعد الظهر، وذلك معناه أن علينا أن نخرج من منازلنا فجرا وأن نعود ليلا». ويتساءل الطالب عمر حسن من بلدة أكروم: «لماذا لا يصار الى زيادة الصفوف لتضم السنوات الثلاث، خصوصا أن الامكانيات متوفرة والمبنى بوضعه الحالي أفضل بكثير من المبنى المكتظ بالطلاب في طرابلس»، مؤكدا «أننا نمضي أكثر من ثلاث ساعات يوميا على الطرق».
ويشير مدير الشعبة الدكتور فواز عمر إلى أن «فكرة إنشاء شعبة للعلوم في عكار جاءت بعد أحداث مخيم نهر البارد في العام 2007 عندما منع طلاب عكار قسراً من الالتحاق بصفوفهم، وعلى أساس طرح بين عميد كلية العلوم علي منيمنة والهيئة التعليمية في الشمال، تم تبني الفكرة وأنشئت شعب في مناطق متعددة من لبنان». ويؤكد عمر «أن الشعبة قامت بتسهيل الأمور بالنسبة للعديد من الطلاب العكاريين، ونحن نسعى للحصول على قرار بافتتاح السنتين الثانية ومن ثم الثالثة، ونقوم للغاية بالعديد من التعديلات في الغرف لتستوعب أكبر عدد ممكن من الطلاب»، لافتا إلى «أنه تنقصنا المختبرات والمعدات وتحديدا في فروع الكيمياء والفيزياء، لكن يمكن تدبر الأمر بحال تم استحداث سنة ثانية، عبر تخصيص يوم معين، لمتابعة الأبحاث في مختبرات الجامعة في طرابلس، لحين تدبر أمورنا».
وفي إطار الجهود المبذولة لتوسيع «شعبة العلوم» في عكار، عقدت «جمعية إبداع للآداب والفنون والعلوم»، لقاء موسعا في مبنى الشعبة، بحضور عدد من النواب، وحشد من الأساتذة والتربويين المهتمين، وجرى البحث في أوضاع الشعبة، وكيفية تثبيتها وتطويرها وتفعيل دورها كنواة «لفرع الجامعة اللبنانية» أسوة ببقية المحافظات، إضافة إلى إنشاء مركز جامعي يضم اختصاصات متعددة تابعة لكليات جديدة الى جانب كلية العلوم وبما يتلاءم مع احتياجات عكار. واتفق المجتمعون «على تشكيل لجنة لمتابعة الموضوع مع الجهات الرسمية المسؤولة لتحقيق المطالب، على أن يجري عقد لقاء آخر لتقويم تحرك، ولقاءات ونتائج جهود لجنة المتابعة».