فيما تستمرّ بعض المستشفيات بالامتناع عن استقبال مرضى صندوق الضمان الاجتماعي، بدأت الهيئات الضامنة بمناقشة زيادة التعرفات الاستشفائية مع وزير الصحة علي حسن خليل. وتركّز النقاش، في الاجتماع الذي عقد أمس، حول كلفة الزيادة على هذه الهيئات ونسب الزيادة المقترحة، ما أوحى بأن المجتمعين لا يرفضون مبدأ زيادة التعرفات وإنما يبحثون عن نسبها وآليتها.
يتقاطع هذا الإيحاء مع معلومات يتداولها أعضاء في مجلس إدارة صندوق الضمان، تشير إلى أن ممثلي الدولة الستة في المجلس يعتزمون الموافقة على إقرار زيادة التعرفات الاستشفائية، التي تبلغ كلفتها الإجمالية 135 مليار ليرة، وبالتالي فإن انضمام هؤلاء الستة إلى ممثلي أصحاب العمل في الصندوق قد يؤمّن النصاب الكافي لتمرير هذه الزيادة، ما يعفي ممثلي العمال من الرضوخ قبل إيجاد التمويل الكافي لها.
وتطالب المستشفيات بزيادة التعرفات المجمّدة منذ عام 1995، إلا أن صندوق الضمان يخضع لقانون إنشائه الذي يفرض عليه إيجاد التوازن بين النفقات والإيرادات، وإلا فإن أي إنفاق جديد يستوجب زيادة الاشتراكات لتمويلها، وفق ما تنص عليه المادة 66 من قانون الضمان. ولا سيما أن فرع ضمان المرض والأمومة يعاني عجزاً مالياً كبيراً بسبب خفض الاشتراكات بنسبة 50% في عام 2001 وتراكم المتوجّبات على الدولة والقطاع الخاص، علماً بأن البعض يعتبر أن مطلب المستشفيات محقّ وهي لا تتحمل مسؤولية عدم معالجة أزمة العجز في الصندوق، إلا أن ذلك لا يبرر «سحق» المضمونين على أبوابها، لا بل عليها تطبيق بنود العقود الموقّعة مع الضمان التي تقضي باستقبال المرضى المضمونين مهما كانت الظروف.
على أي حال، لم يستقبل صندوق الضمان، أمس، أي مراجعات أو شكاوى تشير إلى عدم استقبال المرضى، فباستثناء مستشفيات المتن وكسروان، ليس هناك تطبيق لقرار نقابة المستشفيات الخاصة القاضي بالامتناع عن استقبال مرضى الضمان. لكن مصادر الضمان تقول إن عدم وجود شكاوى لا يعني أن كل المستشفيات تستقبل المرضى، بل هو يعني أن المرضى الذين لا تستقبلهم بعض المستشفيات يجدون مستشفيات أخرى، أو يتم إدخالهم على أساس مرضى طوارئ.
في هذا الوقت، كان الوزير خليل يعلن بعد اجتماع ممثلي الهيئات الضامنة، أن «هناك استعداداً واضحاً لإجراء تعديلات على التعرفة، وهذا ربما يحتاج الى بعض النقاش التفصيلي كي لا يترك انعكاساً على الهيئات وعلى موازناتها، وعلى مساهمة الدولة في تمويل هذه الزيادة، وهو أمر يحتاج الى نقاش آخر في مجلس الوزراء». وقال خليل إنه سيطرح هذا الأمر على مجلس الوزراء لإحاطته علماً بالنقاش الجاري، وقد تم الاتفاق على عقد اجتماع مشترك، يوم غد الجمعة عند الثانية عشرة في وزارة الصحة، تحضره نقابة أصحاب المستشفيات ونقابة الأطباء ووزير العمل سليم جريصاتي، وذلك لإجراء قراءة نهائية للموقف ومحاولة الاتفاق على التعديلات ليتسنى رفعها الى مجلس الوزراء. وتمنى خليل باسم المجتمعين عودة المستشفيات إلى استقبال المرضى المشمولين بتغطية الضمان الاجتماعي «ولا سيما أن هناك نقاشاً جدياً ومسؤولاً يتطلب أن نتعاطى جميعا بخلفية إيجابية»، آملاً أن لا يكمل الحوار على حساب المرضى.
وأوضح خليل أن الجهات الضامنة مجتمعة تطبق قرار مجلس الوزراء لعام 2009 القاضي بزيادة التعرفات الاستشفائية، لكن المشكلة أن الضمان الاجتماعي لم يعتمد تعرفة 2009 خلال الفترة الماضية، وبالتالي فإن الزيادة المطروحة هي أكبر عليه، وقد يصل الفرق إلى 135% عن المعدل المعتمد لديه حالياً، وهذا قد يحمّل الصندوق أعباء كثيرة، ما يفرض على أن يكون النقاش بمسؤولية لناحية تأمين التوازن المالي لمؤسسة مثل الضمان توفّر الاستشفاء والطبابة لشريحة كبيرة من اللبنانيين.
29 آذار2012