أمس، لم تشارك غنده حليمي في الاعتصام أمام مبنى «الأونروا». «استراحت» الشابة العشرينية، المصابة بداء التلاسيميا، في منزلها بسبب شللٍ «طارئ» أفقدها الشعور بيديها. وبقيت معها شقيقتها، المصابة هي الأخرى بفقر الدم المنجلي، تنتظران الوالدة التي اعتصمت أمس وأمهات أخريات ومصابين بأمراضٍ «مستعصية» أمام مبنى «الأونروا» في بئر حسن، بدعوة من «لجان المتابعة لأصحاب الأمراض المستعصية في المخيمات». تجمعوا أمام المبنى، وسط حراسة أمنية كادت تفوقهم عدداً، يحملون «فواتير» لم تدفعها «وكالة الغوث»، وكتاباتٍ بخط اليد محمّلة بجملة مطالب «مستعصية»، كحال الأمراض.
كانوا قلة هناك، وبدا ذلك مبرّراً. فأصحاب الدعوة الأساسيون هم المرضى أنفسهم، وهؤلاء لا طاقة لهم على المشاركة بنشاطاتٍ كهذه. غاب المرضى وحضرت عائلاتهم. ومن حضر منهم كان «يتأرجح» على عكازه، واضعاً على فمه كمامة بيضاء، وفي يده فاتورة. هذه السنة «هي الرابعة من المرض الذي ضرب رواياي»، يقول زاهر الأشوح. وهي مدة كافية لـ«تشحّدني، فقد دفعت نحو 80 مليوناً». أما ما تغطّيه الأونروا منها؟ فيقول الرجل «كانت تغطّي لي النصف».
حال الأشوح مع الأونروا لا تنطبق على حال الشابة التي وقفت أمام عدسات الكاميرا تطالب بعلاجٍ انقطعت عنه منذ 3 أشهر بسبب فقرها، ولا على حال غنده ورائدة حليمي. الأخيرتان لا تحظيان من «خدمات» الأونروا الطبية إلا بست شرائح «فوليك أسد» (فيتامين لفقر الدم) في الشهر الواحد. أي «شي 12 ألف ليرة»، تقول الوالدة. 6 شرائح تنتهي قبل أن ينتهي الشهر «بنحو 10 أيام». 12 ألفاً من أصل 600 ألف ليرة تدفعها الأم شهرياً لعلاج الفتاتين، وهو مبلغ تجمعه من «مبيعات الدكانة ومعاش والدهما المتوفى، البالغ 150 ألف ليرة من الهلال الأحمر الفلسطيني». وقد ترتفع الكلفة أكثر في حال إجراء الفحوص الطبية. ثمة معاناة أخرى مع «خدمات» الأونروا، وهي تلك المتعلقة بخدمات المستوصفات التابعة لها، التي «ضربها» الفقر أيضاً.
فماذا تفعل الأونروا في مثل هذه الحال؟ «ستسعى جهدها»، يقول روبرت هيرت، نائب المدير العام. ويذكّر الرجل بأن هذا السعي بدأ قبل عام «عندما ارتفعت كلفة تغطية الاستشفاء من 30 إلى 40%، وبحلول نيسان سترتفع إلى 50%، وهو ما يأتي في إطار مطالبنا بتمويل إضافي لمتابعة الحالات المستعصية بشكلٍ كافٍ». كذلك فإن هذه الـ50% تنسحب أيضاً على «تغطية نصف الفاتورة لمرضى السرطان، على ألا يتعدى سقف التغطية 8 آلاف دولار أميركي سنوياً»، مع استثناء أصحاب الأمراض المستعصية الذين يدفعون تكاليف باهظة للعلاج، فهؤلاء «قد يصل سقف التغطية السنوي إلى 12 ألف دولار أميركي».
23آذار2012