فشل لقاء وفد «اللجنة العليا للمدرسين المتعاقدين في مرحلة التعليم الاساسي الرسمي» مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في التوصل إلى نتائج ملموسة، أو وعد باسترداد مشروع قانون المباراة المفتوحة من مجلس النواب، بعدما نفى ميقاتي علمه بالآلية لذلك، تاركا البحث عن حلول في انتظار اجتماعه مع وزير التربية والتعليم العالي حسان دياب لبحث الامر. وأكد ميقاتي لهم أنه «لا يعمل تحت الضغط، ما استدعى جواب الاساتذة بأنهم لا يقومون بالضغط بل لديهم مستحقات حياتية مشروعة».
ونقل الوفد عن ميقاتي قوله، انه سيعمل مع وزير التربية على تأمين مستحقات المتعاقدين.
بعد اللقاء أدلى رئيس لجنة المتعاقدين فادي عبيد بكلمة أشار فيها إلى أن ميقاتي ليست لديه فكرة عن وضعنا نهائياً، وقد تعهد متابعة موضوعنا مع وزير التربية. وأكد أحقية مطلب المستحقات المالية وأن الحكومة تبحث عن حل للموضوع.
وأمام حشود المعتصمين خارج السرايا رد عبيد على موقف ميقاتي بالتذكير بما قال النبي محمد: «اعط الاجير أجره قبل أن يجف عرقه»، وقال: «ونحن لم يجف عرقنا فحسب وإنما جف دمنا أيضاً، فليحل السياسيون خلافاتهم بعيداً منا، وليحلوا لنا مشاكلنا، والقرار الذي اتخذتموه قبل لقاء الرئيس قائم والإضراب مستمر».
ودفعت أجواء اللقاء غير المشجعة بالمتعاقدين إلى استنكار موقف الحكومة من قضيتهم العادلة، وعلا الصراخ، وأقدموا على قطع الطريق لمدة من الوقت احتجاجا.
وكان المتعاقدون قد حضروا باكراً قبل موعد الاعتصام بساعة، وتحديدا متعاقدي الشمال، الذين أقلتهم اثنتا عشرة حافلة، وما إن وصلوا إلى ساحة رياض الصلح، لم ينتظروا زملاءهم الآتين من مختلف المناطق، حتى واصلوا المسيرة في اتجاه السرايا الحكومية، بعدما وجدوا أن التدابير الأمنية غير مشددة، مثلما كانت تجري العادة. إلا أن حراس السرايا استدركوا الأمر، وسارعوا إلى وضع الحواجز أمام المعتصمين، موقفين تقدمهم.
وأمام الحاجز الحديدي تحول المشهد إلى أشبه بسوق عكاظ، بحيث تبادل المدرّسون مكبر الصوت لشرح الحال الذي وصلوا إليه والغبن اللاحق بهم بعدما حملوا مسؤولية التعليم لعشرات السنين، وانتقد بعضهم التجاهل الرسمي الحكومي والاستخفاف بالمدرسين المتعاقدين.
في الأثناء، ارتفع صوت المربية زبيدة البش، بعد تلقيها ضربة بعصا أحد رجال الأمن، لكونها كانت تضع يدها على الحاجز الحديدي، وما إن حاولت أن تنسحب حتى تلقت ضربة ثانية على يدها الأخرى، ما أدى إلى فقدانها الوعي، وتدخل رجال «الدفاع المدني» لإسعافها.
وقد أثار هذا الحادث سخط المدرسين، وأشار عصام إلى أنه الحادث الثاني في أقل من أسبوع، الذي يتعرض فيه المدرسون للضرب الأول أمام منزل الرئيس ميقاتي في طرابلس والثاني امام السرايا.
واستغربت ساميه كيف ينام المسؤول المعني بالمدرسين، من دون أن يسأل إذا كانت حقوقهم قد وصلتهم ام لا. وقالت: «استدنا أجرة الباص ومصاريف الطريق كي نعتصم ونرفع صوتنا، لأن صوتنا من طرابلس ما بيوصل بسرعة».
وسألت زميلتها: «لماذا هناك الفا متعاقد ادخلو الملاك هذا العام، من أين سيأتون بالمال لهم؟»،
ورفع المعتصمون لافتات طالبت بسحب مشروع المباراة المفتوحة من التداول، وأخرى طالبت بـ«المستحقات المنسية منذ ثمانية اشهر»، ووصل الأمر إلى المطالبة بوزير تربية ينهي «بدعة التعاقد»، ولوحت إحدى اللافتات بطلب مساعدة المجتمع الدولي «التثبيت أو المساعدة من المجتمع الدول».
وألقى عبيد كلمة شرح فيها معاناة المتعاقدين، مشيرا الى أنه «منذ نحو ثلاث سنوات خضعنا لمباراة محصورة أدت إلى رسوب أكثر من 4500 مدرس ومدرسة عدا عن الذين منعوا من التقدم للمباراة وهم كثر. واليوم يريدون أن يخضعونا لمباراة مفتوحة جديدة، فهل تقبلون بها؟». ورد المعتصمون بالرفض.
وسأل: «لماذا نرفض المباراة المفتوحة؟»، وقبل أن يجيب أحد، قال: «نرفضها لما شاب المباراة المحصورة من تجاوزات تصل إلى مرحلة الفضيحة. ومنها عدم ملاءمة أسئلة بعض المسابقات للمناهج، كما حصل في مباراة الروضات التي لو خضع لها واضعو مناهجها لرسبوا».
وأشار إلى أنه رسب 1019 من أصل 1207 مرشحين في مرحلة الروضات، ومعظم من نجح لم ينل أكثر من 50/100، وما عاب مباريات الروضات عاب أيضاً العديد من المسابقات ومنها مسابقة الاجتماعيات والعلوم وغيرها.
وأعاد التذكير بما حصل في المباراة، والسماح «لبعض أصحاب الحظوة من التقدم لأكثر من حلقة». وأعطى مثالا على ذلك نجاح زميل له في ثلاث حلقات، وهناك من رسب في حلقة ونجح في أخرى. ولفت الى أن نظام المباراة يقول: «لا يحق للمرشح بتقديم أكثر من طلب واحد للمباراة، لمرحلة او لحلقة واحدة فقط ومادة واحدة فقط تحت طائلة اعتبار طلباته المسجلة لاغية».
وسأل: «هل نكرر التجربة مع إضافة المنافسة مع المتخرجين الجدد الذين نحترم حقهم في البحث عن فرصة عمل، نحن بصراحة نعتبر أن هذه المباراة كأنها لم تكن، والمطلوب من المعنيين البحث عن حلٍ بديل عن المباراة المفتوحة بالتشاور مع المدرسين المتعاقدين».
أضاف: «ثمانية أشهر مرت ونحن من دون مستحقات مالية، ولا نذيع سراً أن هذا الحشد أتى من خلال حملات تبرع شارك فيها المجتمع المدني في المناطق، ويطلب منا المسؤولون اليوم العودة إلى المدارس، فكيف نعود ونحن لا نملك أُجرة الطريق إلى مدارسنا. إن مسألة العودة عن الإضراب أو إعلان الإضراب المفتوح مسألة أتركها لكم لتعلنوا موقفكم هنا وفي هذه الساحة وليتحمل كل منكم المسؤولية في إعلان العودة عن الإضراب أو الاستمرار فيه».
وجاء الجواب سريعاً: «إضراب مفتوح.. إضراب مفتوح».
وختم عبيد قائلاً: «ما عادت الوعود ترضينا ولا التهديد يثنينا بل الأعمال والأعمال فحسب. فلتقدم الحكومة على خطوة جريئة ولتطلب من مجلس النواب استرداد مشروع قانون المباراة المفتوحة ولتحدد الحكومة موعداً هو نهاية الشهر الجاري لدفع المستحقات المالية عن الفصلين الأول والثاني ولنجلس معاً يا دولة الرئيس ميقاتي الى طاولة حوار لنجد حلولا لملف لسنا مسؤولين عن تضخمه وإنما المسؤولية تقع على وزارات التربية المتعاقبة، ولا سيما الوزارة الحالية».
وقرابة الثانية تفرق المعتصمون، على وعد في استمرار التحركات التصاعدية، بالزامن مع الإضراب المفتوح.
من جهة ثانية، عقدت في «مدرسة ابتهاج قدورة» في بيروت جمعية عامة بدعوة من «الهيئة الادارية لرابطة التعليم الاساسي»، وبمشاركة اعضاء هيئات الفروع، تمت خلالها مناقشة المذكرة المطلبية المقدمة من الهيئة، والتوصية بالاضراب في 25 نيسان الجاري، وطالبت بتوفير الاعتمادات المالية لتنفيذ القانون 223/4/2012، وبضرورة اقرار غلاء المعيشة للمعلمين مع الاصرار على ان «اي تعديل في سلسلة الرتب والرواتب يجب أن يطال السلسلة من ألفها إلى يائها».