عدنان حمدان
احدى ابرز مشكلات «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» فقدانه حوالي 50 في المئة من طاقته التشغيلية، بفعل الشواغر العديدة، وعدم القيام بملء هذا الشغور، منذ صدورقانون موازنة العام 2005، وتضمين المادة 54 منه، نصا يمنع «الضمان» من التوظيف. أمّا المشكلة المعقدة اكثر، والناتجة عن الشغور فهي المعاملات المتراكمة التي تبلغ حوالي مليوني معاملة، وفق اعتراف مدير «الضمان» محمد كركي، في حديث اجرته معه «السفير» ، مؤكدا على ان معدل الشغور المرتفع الذي يفوق في بعض المراكز نسبة الـ 60 في المئة، يشكل عائقاً أمام انجاز المعاملات بطريقة طبيعية وسليمة غير العائق البشري.
رفع كركي كتابا الى مجلس الادارة يسلط الضوء فيه على واقع الموارد البشرية في «الصندوق»، وفي مقدمته يشير الى ان القرار رقم 2 الصادر عن مجلس الوزراء في 15/2/2004، طلب من جميع الادارات العامة والمؤسسات العامة والشركات العامة والشركات المختلطة، وسائر الشركات والمؤسسات التي تمتلك الدولة او المؤسسات العامة اسهما فيها، رفع جميع حالات التعيين والتعاقد لديها الى مجلس الوزراء، قبل مباشرة المعنيين بها العمل، اعقبه صدور قانون الموازنة العامة للعام 2004، وتضمن في المادة 54 منه: «يتم التعيين والتعاقد في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة والمجالس والهيئات والصناديق العامة، باستثناء مصرف لبنان، بموجب مباراة يجريها مجلس الخدمة المدنية وفقا للشروط المطلوبة للتعيين او الاستخدام في كل منها».
التوظيف مجمد منذ 2004
وبرغم ما نصت عليه المادة الاولى من قانون «الضمان الاجتماعي» (من ان «الصندوق» هو مؤسسة مستقلة ذات طابع اجتماعي تخضع لاحكام هذا القانون وتتمتع بالشخصية المعنوية، او بالاستقلال المالي والاداري، ولا يخضع لمراقبة «مجلس الخدمة المدنية» ولا لمراقبة «التفتيش المركزي»)، فان «الصندوق» تجاوب مع مضمون المادة 54 من قانون موازنة العام 2004، وطلب عدة مرات عرض موضوع اجراء المباريات على مجلس الوزراء ، فلم تكن النتيجة ايجابية. وفي كتابها في نهاية 2006 طلبت الادارة احالة موضوع اجراء مباراتين: محصورة لوظائف الفئة الثانية، ومفتوحة لوظائف الفئة الثالثة، الا انه وبتاريخ 27/2/2007 اعاد مفوض الحكومة كامل الملف متضمنا ان وزير العمل قرر عدم الموافقة استنادا الى مطالعة امين عام مجلس الوزراء المتضمنة: ان اجراء المباراة المحصورة لا يقع موقعه القانوني لمخالفته مبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة...». وخلافا لهذه المطالعة خلص «مجلس الخدمة المدنية» الى: «ان المباريات المحصورة هي طريق من طرق الاختيار للترفيع او الترقي او التثبيت المرتكز على المباراة باعتبارها الاسلوب الامثل والاسلم لاختيار الاكفأ داخل الادارة، والتي لا تشكل خرقا لمبدأ المساواة، سيما ان فيها نصا خاصا يجب مراعاته».
مباريات مشروطة بتخفيض الحوافز
في ضوء ذلك قرر مجلس الوزراء الموافقة على اجراء مباراة مفتش اول ومفتش، وكذلك وافق على مباراة الصيادلة، غير ان مجلس الوزراء بقراره رقم 36 تاريخ 26/5/2009 ، وافق على اجراء مباريات عبر «مجلس الخدمة المدنية» لـ215 وظيفة شاغرة مشترطا في البند (1) تعديل النسبة المئوية للتدرج السنوي لجمبع العاملين في «الصندوق» بحيث تصبح 2 في المئة بدلا من 5 في المئة، على ان تطبق على المستخدمين الذين يعينون من خارج «الصندوق» بعد تاريخ العمل بهذا التعديل، كما اشترط اجراء مبارتين متماثلتين ومتزامنتين احداهما محصورة والثانية مفتوحة لجميع الفئات، باستثناء الفئة السادسة (مباراة مفتوحة). ثم عدل مجلس الوزراء لتصبح النسبة المئوية 3 في المئة بدلا من 2 في المئة.
الشواغر بالارقام والفئات
ومما جاء في عرض الادارة لواقع الموارد البشرية في الصندوق، والذي تعتبره خطرا ليس على تطوير وعصرنة المؤسسة، وعلى استمرار «الصندوق» ككل:
ـ اولا: بلغ عدد العاملين بتاريخ 24/2/2012 الفا
ومئة وستة واربعين عاملا، متوسط اعمارهم بين 41 ـ 50 سنة.
ـ ثانيا: المنتهية خدمتهم خلال خمس سنوات 2007 ـ 2011 ، فهم على الشكل الآتي: 312 بلوغ السن، 39 وفاة، 28 اسبابا مختلفة. المجموع 379 عاملا، بمتوسط سنوي معدله 76 مستخدما.
ـ ثالثا: عدد الذين تنتهي خدمتهم خلال الفترة 2012 ـ 2017 ، وهم على الشكل الآتي: 384 بلوغ السن، بمتوسط سنوي معدله 64 مستخدما.
ـ رابعا: انتهاء الخدمة ببلوغ السن من 2012 الى 2017 وتوزيعهم بحسب الفئات : راجع الجدول
ـ خامسا: واقع القيادات الادارية في «الصندوق» بتاريخ 24/2/2012: الملاك الاداري:
ـ الفئة الاولى: مدير: الملاك 12 وظيفة، 9 منها مشغولة بالوكالة، مع شغور وظائف مدير شؤون مجلس الادارة، ومدير «ضمان المرض والامومة» ومدير «الاعداد والتدريب»، كما ستشغر (شغرت) وظيفة «المدير الفني» بتاريخ 28/4/2012 ، ومدير «التفتيش المالي» بتاريخ 7/5/2012 و«رئيس الديوان» بتاريخ 18/10/2012 .
الفئة الثانية: رئيس مصلحة وما يماثله: الملاك 34 وظيفة: الموجود 3 بالاصالة، اثنان منهم يشغلون وظيفة مدير بالوكالة، والباقي شاغر.
الفئة الثالثة: رئيس دائرة، محرر قضايا ومنظم إداري: الملاك 122 وظيفة: الموجود 54، الشاغر 68 وظيفة، ومن أصل الموجود في الخدمة 3 رؤساء دوائر يشغلون وظيفة مدير بالوكالة، و7 رؤساء دوائر يشغلون وظيفة رئيس مصلحة بالوكالة.
علماً ان انتهاء الخدمة ببلوغ السن في وظيفة رئيس دائرة يبلغ 10 وظائف سنويا خلال السنوات القادمة، و إذا لم يتم اجراء مباريات، فالخيار الوحيد هو تعيين رؤساء دوائر بالوكالة من بين مستخدمي الفئتين الرابعة والخامسة.
ملاك التفتيش والمراقبة:
الفئة الثانية: الملاك 41 وظيفة (3 رئيس مصلحة، 11 رئيس منطقة، 27 مفتش أول)، مشغولة كما يلي: 11 رئيس منطقة و23 مفتش أول و2 رئيس مصلحة، بالاضافة إلى وظيفة رئيس المصلحة الإدارية المشغولة بالوكالة، ليكون عدد الوظائف الشاغرة 5 وظائف.
الفئة الثالثة: مفتش: الملاك 120 وظيفة، الموجود في الخدمة 107، الشاغر 13. بالإضافة إلى 3 مفتشين يشغلون وظيفة رئيس مكتب.
ملاك اداري مشغول بالوكالة
معظم الوظائف القيادية في الملاك الإداري في الصـندوق مشغولة بالوكالة أو شاغرة، وان هـذا الاشغال بالوكالة يتجدد سنوياً، بحيث تحـول مـن اجراء مؤقت إلى إجراء دائم، ولا يخفى ما ينطوي عليه الأمر من انعكاسات سلبية على الوضع الاداري العام، بالاضافة إلى نقل مشكلة النقص في فئة ما إلى الفئة الأدنى منها.
سادسا: الشواغر في وظائف الفئات الرابعة وما دون:
ـ الفئة 4: محاسب ومراقب مالي (100 وظيفة شاغرة)، 60 منها مشغولة بالوكالة من مستخدمي الفئتين الخامسة والسادسة.
ـ الفئة 5: محرر مصفي (271 وظيفة شاغرة)، 76 منها مشغولة بالوكالة من مستخدمي الفئة السادسة (كاتب ومعاون محاسب).
ـ الفئة 6: كاتب ومعاون محاسب (165 وظيفة شاغرة)، 47 منها مشغولة بالوكالة من مستخدمي الفئة السابعة ألف.
ـ الفئة 7 ألف وباء (عامل مبطقة وحاجب)، شواغرها 76 و48 على التوالي:
ويبدو واضحا ان أشغال بعض الوظائف الشاغرة بالوكالة في فئة ما تنقل مشكلة النقص إلى الفئة الأدنى منها، مع الإشارة إلى أن الفئات الرابعة وما دون والتي تشكل العمود الفقري لأعمال التقديمات في «الصندوق»، تعاني من نقص متراكم بلغ 660 مستخدماً.
هذا الواقع سيزداد خطورة خلال السنوات المقبلة ببلوغ السن الذي لا يقل عن 42 مستخدماً من هذه الفئات سنوياً.
سابعا ـ الملاك الطبي:
طبيب مراقب: الملاك 83، الموجود 59، الشاغر 24.
صيدلي: الملاك 9، ولا يوجد حالياً سوى 4 صيادلة.
ثامناً ـ ملاك المكننة: معظم وظائف ملاك المكننة الحالي شاغرة، والعاملون فعلياً فيه لا يكفون لمكننة أعمال «الصندوق» كما هو مقرر.
نظام المستخدمين
نص نظام المستخدمين على إجراء مباريات محصورة لمن تتوفر فيهم الشروط من مستخدميه للترفيع إلى وظائف أعلى، وغالبا ما تنص هذه الشروط، بالاضافة إلى الشهادات العلمية، على عدد من سنوات الخدمة او النجاح في دورات تدريبية، بهدف ضمان مصلحة «الصندوق»، بالاستفادة مما أنفقه من مال وجهد ووقت لتدريب المستخدم خلال خدمته وفي بعض الحالات يلزم الصندوق من يخضعهم لدورات تدريبية في الخارج او في الداخل بالاستمرار بالخدمة لمدة تصل إلى 5 سنوات، علما أن الترفيع من فئة إلى فئة في بعض الوظائف يتم في «الصندوق» بموجب مباراة محصورة بينما يتم ذلك بموجب جدول ترفيع دون مباراة وفقا للمواد 11، 12 و34 من نظام الموظفين ـ المرسوم الاشتراعي رقم 112 تاريخ 12/6/1959.
ترى الادارة ان المباريات المحصورة التي نص نظام مستخدمي «الصندوق» على إجرائها، لا تتناقض مع قانون الضمان الاجتماعي، وهي طريق من طرق الاختيار للترفيع الداخلي المبني على المباراة، ولا تشكل خرقا لمبدأ المساواة.
وبهدف متابعة العمل على تطوير وعصرنة «الصندوق»، فإن الموافقة على إجراء المباريات، المحصورة والمفتوحة، أصبح أمراً ملحاً، وفقا لما سبق بيانه عن الواقع الحالي للموارد البشرية وما يرتقب ان يصبح عليه هذا الواقع في المستقبل القريب.
10 نيسان2012