الفاتورة الاستشفائية المرتفعة في لبنان تستدعي سياسة صحية شاملة

تتضخم الفاتورة الاستشفائية في لبنان بما لا يتناسب احياناً مع نوعية الخدمات الصحية التي يحصل عليها المكلف اللبناني. في المقابل يشير بعض الاحصاءات الى ان كلفة الاستشفاء في لبنان تتجاوز الـ10 في المئة من الناتج القومي، علماً ان هذه النسبة لا تتناسب مع الخدمات الصحية التي يحصل عليها المواطن اللبناني، ما يعني ان النظام الصحي في لبنان تعتريه شوائب عدة تستدعي تدخلاً حكومياً عاجلاً لوضع خطة صحية شاملة.
من جهة ثانية يتطلب انجاز معاملة استشفائية تدخلات سياسية وحزبية في غالب الاحيان، فالمريض، الذي لا يتمتع بضمان خاص من شركات التأمين، لا يجد بسهولة سريراً في مستشفى خاص او حكومي، ما يدفعه الى "تشغيل شبكة اتصالاته وعلاقاته" للحصول على توقيع موظف هنا ومدير هناك، علماً ان الارقام تفيد بان وزارة الصحة العامة تدفع ما يقارب الـ320 مليار ليرة لبنانية من موازنتها للمستشفيات الخاصة، لقاء استشفاء المواطنين اللبنانيين في العام 2010 مقارنةً بـ305 مليارات ليرة في مشروع قانون موازنة العام 2009. من هذه الاعتمادات رصد 188 مليارا للمستشفيات الخاصة و35 مليارا للمستشفيات الحكومية. مع الاشارة الى ان موازنة المستشفيات الحكومية في موازنة وزارة الصحة للعام 2010 بلغت 12 ملياراً. ومن نافل القول ان المكلف اللبناني يساهم في هذه الموازنة من خلال الضرائب التي يدفعها.
بدوره سدد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي 280 مليار ليرة للمستشفيات خلال تسعة اشهر من العام الفائت ما يعني ان مجموع المدفوعات للاستشفاء عن العام 2011 سيصل الى نحو 350 ملياراً، اي ان تكلفة الاستشفاء من موازنتي وزارة الصحة العامة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تناهز الـ700 مليار.
لكن ما تتقاضاه المستشفيات الخاصة لا يقتصر على وزارة الصحة والضمان، لان موظفي الادارات العامة يفيدون من تعاونية موظفي الدولة (نحو 8 في المئة من الشعب اللبناني)، وهناك ايضاً افراد المؤسسات العسكرية وعائلاتهم (اكثر من 10 في المئة)، عدا التأمين الخاص الذي يفيد منه نحو 15 في المئة، تضاف الى ذلك صناديق التعاضد، ما يضاعف الفاتورة الاجمالية لقطاع الاستشفاء.
ويلفت رئيس نقابة اصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون الى ان ما يرصد للمستشفيات الخاصة يذكر في الموازنة العامة، ويوضح: "في معظم الاحيان تتجاوز المدفوعات للاستشفاء الارقام والاعتمادات الواردة في الموازنة العامة، ما يعني ان العجز في ميزان المدفوعات تتم لاحقاً معالجته من خلال سده عبر الاطر القانونية"، اما عن الرقابة على فواتير الاستشفاء فيؤكد ان "الرقابة تتم عبر اكثر من جهة، ومنها مراقب الضمان او الوزارة في المستشفى، وكذلك الاطباء المعتمدون لدى المستشفيات، وايضاً عند اجراء التصفية هنال مراقبة على كل الفواتير".

المستشفيات الخاصة: "انذارات للمرضى"!
يصل العدد الاجمالي للمستشفيات في لبنان الى نحو 175 مستشفى، منها 30 مستشفى حكومي فقط موزعة على المحافظات الثماني، ما يؤكد ان لبنان يعتمد في الاستشفاء على القطاع الخاص.
من جهتهم لا يتردد اصحاب المستشفيات الخاصة في التهديد بوقف استقبال المرضى، احتجاجاً على ما يسمونه "ارتفاع الاعباء الاضافية الكبيرة التي تترتب على المستشفيات، ولا سيما اثر صدور مرسوم زيادة الاجور الاخير". ويطلبون تعديل التعرفات الاستشفائية، لدى مختلف الهيئات والصناديق الضامنة.
هذه الكلفة المرتفعة للاستشفاء، عدا عن انها لا تتناسب احياناً مع الخدمات الصحية التي يحصل عليها المواطن اللبناني، فان الاخير لكي يحصل عليها في معظم الاحيان عليه توسل المسؤولين، سواء في وزارة الصحة العامة او في المستشفيات، ما يعني ان خللاً بنيوياً يعتري النظام الاستشفائي اللبناني يستوجب تدخلاً جدياً لاستنباط نظام استشفائي يتناسب مع ما يدفعه المكلف اللبناني من ضرائب، يذهب قسم لا بأس فيه منها الى صناديق المستشفيات.
اما المستشفيات الحكومية فواقعها ليس افضل حالا بكثير مما هو في بعض المستشفيات الخاصة، علماً ان هناك مستشفيات حكومية في بعض المناطق اللبنانية لا توحي خدماتها الصحية والاستشفائية بتلك التي يجب ان تقدمها المستشفيات... وللحديث عنها صلة.

26 نيسان2012