زحلة ترفض نقل مجمّع الجامعة اللبنانية إلى تل عمارة

لم تحسم زيارة رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين، السبت الفائت، الى زحلة، متفقداً كليات الفرع الرابع للجامعة في البقاع، الجدل حول المجمع الجامعي الموحد لكليات البقاع، الذي انطلق مع المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الثقافة السابق سليم ورده و"كتلة نواب زحلة" في 12 الجاري، مستبقين زيارة رئيس الجامعة لاعلان رفضهم نقل موقع المجمع من العقار رقم 66 أراضي حوش الامراء في زحلة الى اراضي مصلحة البحوث العلمية الزراعية في تل عمارة. وقد انضم اليهم في هذا الرفض رئيس مجلس اساقفة زحلة والبقاع المطران عصام درويش، الذي زاره رئيس الجامعة في مطرانية زحلة للروم الكاثوليك في سيدة النجاة عقب جولته على الكليات، اذ اكد له درويش ان "حرصنا كبير على عدم تفريغ المدينة من بعض كليات الجامعة"، ونقل له تمني اساقفة زحلة وفاعلياتها "أن تعيدوا النظر في الموضوع".
بدوره، لفت رئيس بلدية زحلة – معلقة جوزف دياب معلوف، الذي شارك في اللقاء مع رئيس الجامعة في مطرانية زحلة، الى توافر امكان اعادة تخصيص العقار 66 للجامعة اللبنانية بطلب يقدم من الجامعة عبر الوزارات المعنية. وابرز افادة عقارية حديثة للعقار المذكور تفيد ان لا تعديلات جديدة على وجهة استخدامه، نافياً بطريقة غير مباشرة ما كانت اوردته اللجنة الفنية للبناء الجامعي الموحد في البقاع في ردها بتاريخ 16 الجاري، على المؤتمر الصحافي لورده والنواب، بان بلدية زحلة نازعت الجامعة لتضع يدها على 15 ألف متر لحاجة زحلة الى الملاعب الرياضية.
لغاية هذه النقطة كان الجدل، عبر وسائل الاعلام، يتعلق بمجمع لكليات البقاع، وكان يفترض ان تحسمه زيارة رئيس الجامعة، لكن جواب السيد حسين على طلب المطران درويش اوغل في القضية مزيداً من الالتباس. اذ تحدث عن "قرار لوزارة الثقافية والتعليم العالي منذ تسعينات القرن الماضي بانشاء كلية الزراعة في تل عمارة معها مكتبة عامة ومختبرات وأرض زراعية".
اضاف: "وتبين ان أرض تل عمارة تزيد مساحتها عن 150 الف متر مربع، وتل عمارة لا تبعد عن كسارة، 5 الى 6 كيلومترات، اي اننا لا نزال في نطاق زحلة. ثم اليوم الهدف من المجمع في البقاع ان يكون هناك تفاعل بين الطلاب، بين كل ابناء البقاع على تنوعهم ويعبرون عن بيئات زراعية، فلا بد ان تكون كلية الزراعة في البقاع، هذا قرار متخذ من الحكومة اللبنانية في عام 1974".
وتابع: "مكان المجمع سواء كان تل عمارة او كسارة او اي مكان آخر، المهم انه سيبقى في هذا النطاق، والمهم هو المصلحة العامة. نحن لا نريد تسييس الموضوع. في النهاية، عندنا فرصة للتمويل اتمنى الا تضيع".
وفيما كان رئيس الجامعة يدمج بين حاجة الجامعة في البقاع الى كلية زراعة وحاجتها الى مجمع جامعي، لم ينجح الصحافيون في استيضاح أسباب هذا الدمج، بل تحولت اسئلتهم الى سجال مع رئيس الجامعة، عن أسباب نقل موقع المجمع من زحلة الى تل عمارة عندما توافر التمويل له، في ظل رفض مصلحة البحوث العلمية الزراعية انشاء المجمع على أرضها التي كانت مخصصة لانشاء كلية للزراعة عليها والتي نقلت بدورها الى خربة قنافار. وعندما فطن احد الصحافيين لطرح السؤال البديهي عن التمويل الذي اطلق السجال، كان الكيل فاض مع رئيس الجامعة الذي امتنع عن الاجابة، فخرج الصحافيون وعقدت خلوة بين المطران درويش ورئيس الجامعة، ادلى عقبها الأخير بتصريح عما تم التوصل اليه من اتفاق: "قد تكون نقطة الانطلاق في كلية الزراعة، حسب ما تقرر العام 1998 وما طرح منذ العام 1974 ان تكون في تل عمارة لأن الارض متوافرة هناك.
واذ بدا ان مصير المجمع الجامعي دخل المجهول، استنتاجاً من تصريح رئيس الجامعة، الذي اعترض على استخدام احد الصحافيين تعبير "التسويف"، فان مسألة البدء في بناء كلية للزراعة طرحت اشكاليات اخرى. ففي تشرين الاول من العام 2007 وضع وزير التربية السابق خالد قباني حجر الاساس لبناء كلية الزراعة والطب البيطري والمختبرات التابعة للجامعة اللبنانية، على ارض تابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني بين خربة قنافار وجب جنين، بتمويل من هبة من جامعة همبولدت الالمانية، على ان ينتهي البناء في غضون 3 سنوات. في وقت كانت مصلحة البحوث العلمية الزراعية وقعت اتفاقاً مع الجامعة اللبنانية منتصف السنة عينها، خصصت بموجبه 163 الف متر مربع من اراضيها في تل عمارة من ضمنها 3 فيلات وكافيتيريا لمصلحة كلية الزراعة.
اما لماذا نقل موقع كلية الزراعة من تل عمارة الى خربة قنافار، فلأنه طبقاً للطريقة اللبنانية التقليدية، حدثت المداخلات المرتبطة ببعض المصالح السياسية"، وفق ما جاء في كتاب جوابي من كلية الزراعة بتاريخ 29/ 7/ 2008 على كتاب استيضاحي من رئيس مجلس ادارة مصلحة الابحاث الزراعية.
لا تنته القصة هنا، بل هنا تبدأ، فبناء كلية الزراعة لم يشد في خربة قنافار، وبزيارة الى المكان تبين لنا انه لا توجد سوى المباني التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني التي يشغلها الموظفون، وحتى حجر الاساس لكلية الزراعة ازيل من مكانه بعدما فعلت عوامل الطقس به. ويبقى السؤال ما الذي حل بالهبة الالمانية؟.
اما في تل عمارة وبعد تراجع الكلية عن اتفاقها مع مصلحة البحوث، فقد تحولت الكافيتيريا التي كانت مخصصة للكلية الى مستودع للمصلحة التي تستغل اراضيها في خطة تطوير مختبراتها وفي مشروع اكثار البذار الذي تبني بموجبه اهراءات لـ6 آلاف طن من بذار القمح، فيما الفيلات الثلاث باتت تشغلها مديرية أمن الدولة بموجب اتفاق مع المصلحة.
وفيما حمل رئيس الجامعة معه في زيارته البقاعية قراراً لمجلس الوزراء رقم 223 تاريخ 5/ 5/ 2008 يقضي بانشاء كلية الزراعة على 85 هكتارا من املاك الدولة فان مصلحة الابحاث العلمية الزراعية لا علم لها بهذا القرار الذي يسبق تاريخ صدوره، تاريخ اعتذار كلية الزراعة عن "بناء بعض المنشآت لكلية الزراعة في اراضي المصلحة" وتحول مخططها "الى تبني الكلية لاقامة مراكز بحوث متكاملة على كل الاراضي التي تتواجد فيها مراكز المصلحة، وسوف تكون المراكز للمصلحة ويعمل فيها اساتذة كلية الزراعة".
وأوضح رئيس الجامعة، رداً على اسئلة الصحافيين، ان في خربة قنافار، كما في بعلبك الهرمل "هناك مركزاً زراعياً وليس كلية زراعة". لافتاً الى ان "هناك فرقاً بين كلية الزراعة والمراكز الزراعية". لتضيع الطاسة عندما طرح الصحافيون أخيراً سؤالهم على رئيس الجامعة عن مصدر الهبة التي الهبت الجدال؟ فيجيب مصححاً: "ليست هبة، انما دعم من البنك الاسلامي للتنمية لبناء 3 كليات في الجامعة اللبنانية، نحن اخترنا ان يكون هناك كلية في البقاع، كلية في مجمع بيار الجميل في الفنار، وكلية في البحصاص في طرابلس".
في المحصلة الجدل انطلق لأن التواصل مفقود، والتخاطب يتم عبر وسائل الاعلام. النواب في مؤتمرهم الصحافي مع سليم ورده وجهوا دعوة لرئيس الجامعة للقائه خلال زيارته زحلة، وهو أبدى من دار مطرانية زحلة للكاثوليك كل استعداد للقائهم، الأمر الذي لم يسمح به ضيق وقته كما قال. ورده والنواب سيلتقون اليوم الاثنين وزير التربية للبحث معه في موضوع المجمع الجامعي، وورده في صدد تحضير عريضة تطالب بانشاء المجمع الجامعي في زحلة وعدم نقله، ستوقع عليها فاعليات زحلة والبقاع المدنية المنتخبة، ولن تمرر على الفعاليات الروحية حتى لا يأخذ الموضوع بعداً طائفياً.