أكثر من 5 آلاف معوّق غادروا مراكز ومؤسسات الرعاية بعد قفلها واعلانها برنامج للتحرّك

كأنه لا يكفي المعوّق ما رسم له قدره من ظلم ومعاناة على درب العذاب الطويل حتى تأتي حكومته لتعاقبه بدل رعايته. هل هكذا يُعامل المعوقون نتيجة تقصير المسؤولين وإهمالهم عدم تأمين مبلغ الـ30 مليار ليرة إلا من طريق تسوية الـ 8900 مليار؟ كيف تستريح ضمائر المعنيين ولا يحركون ساكناً لدى سماعهم خبر خروج 5 آلاف ولد من مراكز التأهيل؟

إذا كان أصحاب السلطة يعتبرون أن ما ورد في بيان مكتب التنسيق الدائم باسم 36 مؤسسة تُعنى بالأشخاص المعوقين، عن تعليق العمل فيها، والذي نُشر يوم الجمعة الفائت، هو بمثابة تهديد وتهويل، فهم مخطئون، إذ فرغت 36 مؤسسة من أكثر من 5 آلاف ولد، وكان مشهد الوداع مؤثراً عندما غادر الأولاد مؤسساتهم وعادوا إلى منازلهم من دون تأهيل ورعاية.
بإزاء ما حصل، وصف رئيس مكتب التنسيق الدائم والمدير العام لـ"الكفاءات" رئيف الشويري الوضع بالمأسوي، قائلاً: "بعدما أصبحنا عاجزين عن دفع الرواتب وفواتير النقل والطعام والمازوت والمستلزمات الأساسية التي تمكننا من القيام بواجباتنا تجاه المعوقين، وجدنا أنفسنا مرغمين على تعليق خدماتنا التي ما عدنا قادرين مادياً على تقديمها، إلا أننا سنستمر بالعمل مع 300 منهم ذوي الحالات الحرجة التي تستدعي أوضاعهم الصحية متابعة دقيقة ومستمرة من علاجات طبية وفيزيائية وغيرها ولفترة قصيرة، كل ذلك بفضل العاملين الاجتماعيين الذين نذروا أنفسهم للعمل مع أنهم لم يتقاضوا رواتبهم بعد". وسأل: "ما هو مبلغ 30 مليارا بالنسبة إلى الدولة اللبنانية مع كل الهدر الذي أتحفونا به على مدار الأعوام؟".
لم يبادر أي نائب أو وزير إلى السؤال أو الوقوف إلى جانب أصحاب المؤسسات أو المعوقين وذويهم عند سماع خبر تعليق العمل في المراكز، إلا أن عتب الشويري الأكبر هو على الدولة بكل عتادها من رئيس الجمهورية إلى مسؤوليها، "ففي التحرك الأخير الذي نظمناه عند ساحة رياض الصلح تزامناً مع جلسة الثقة البرلمانية، للأسف كانت سيارات الوزراء والنواب تتجوّل أمام 1600 من المعوقين وذويهم، ولم يتضامن معهم أحد باستثناء وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور والنائب غسان مخيبر، علماً أننا أرسلنا كتاباً إلى النواب جميعاً شارحين سبب الإعتصام والغاية منه، وطلبنا منهم الوقوف إلى جانب تحركنا".
وعلمت "النهار" أن الوزير أبو فاعور طالب رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي في اجتماع على هامش جلسات مجلس النواب الأخيرة بـ"ضرورة إخراج مبلغ الـ30 مليارا من الـ 8900 راهناً وتجييرها إلى مؤسسات المعوقين وإلا ستقفل أبوابها وتعيد الأولاد إلى منازلهم قريباً". فاستدعى ميقاتي وزير المال محمد الصفدي وطالبه بمعالجة الموضوع. وكان أحد أصحاب المؤسسات اقترح إعطاءهم سلفة خزينة، غير أن بري اعتبر أن المسألة ما زالت مرتبطة بـالـ 8900 مليار، وستجد طريقها إلى الحل"... ولكن لم يصل الحل بعد!

تحركات ميدانية في المناطق
لن تتعب مؤسسات التأهيل من المطالبة بحقوقها، فيشهد هذا الأسبوع تحركات ميدانية في المناطق يدعو إليها مكتب تنسيق كل المؤسسات التي تُعنى برعاية المعوقين على ما يفيد مدير مؤسسة الهادي التابعة لجمعية المبرات الخيرية إسماعيل الزين: "يشارك فيها معوقون وذووهم، إلى جانب العاملين في المؤسسات لإطلاق الصرخة مجدداً"، وحض الدولة على "تطبيق القوانين التي تسنّها على أساس بنودها وليس على مزاجها والقيام بواجباتها ودفع الأموال المتراكمة عليها".
تأكد موعد التحرك الذي تقوم به اليوم أربع مؤسسات لذوي الحاجات الخاصة في منطقة كسروان، ونقطة التجمع أمام السرايا في جونيه. ويتبعه آخر غداً الأربعاء في منطقة صيدا تشارك فيه كل المؤسسات في حضور مكتب التنسيق. ويليه تحرّك آخر في قضاء النبطية تشارك فيه المؤسسات الموجودة في النبطية وصور وبنت جبيل بعد غد الخميس. وتتحرّك مؤسسات الشمال يوم الجمعة لزيارة مكتب الرئيس ميقاتي في طرابلس وطبعاً بمواكبة مكتب التنسيق.
وأكد الزين، أن مكتب التنسيق تلقّى اتصالات عدّة من مؤسسات المعوقين تضامناً معه وأبلغته أنها علقّت عملها ابتداء من اليوم.
أمام هذا الواقع المرير، ستقوم المؤسسات بخطوة لاحقة تهدد موظفيها في حال لم تحل الأزمة بعد شهر، "بما أننا لا نتمكن من دفع رواتب الموظفين كما يجب، الأمر الذي يرتب علينا ديونا"، يقول الشويري، مضيفاً: "سنضطر إلى رفع لوائح بأسماء الموظفين إلى وزارة العمل للصرف من الخدمة لاعتبارات اقتصادية، ولن ترجع الحياة إلى مؤسساتنا إلا مع الحصول على التمويل اللازم لمعاودة العمل، ليس فقط بإقرار مبلغ الـ30 مليارا في مجلس الوزراء، بل وبتسديده للمؤسسات لإنقاذ العمل الاجتماعي المنهار".

8 أيار2012