مدارس المقاصد: هل تقفلها الأزمة المالية الحالية بعد 134 عاماً من العمل ؟

تواجه جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، واحدة من أقوى وأعرق المؤسسات الطوائفية العاملة منذ 134 عاماً في لبنان، أزمة مالية كبيرة تهدّد استمراريتها وكذلك مصير 16 ألف تلميذ و3 آلاف عامل وموظّف.

حاولت أدارة المقاصد التستّر على الأزمة، الاّ أن خبر اغلاق مدرسة عائشة أم المؤمنين التابعة لها، والذي نقلته صحيفتا "الأخبار" و"المستقبل"، بسبب عدم قدرة الجمعية على الإستمرار في تحمّل أعبائها المادية، كشف المستور امام الرأي العام.

وفي إضاءة سريعة على تاريخ هذه المؤسسة، يذكر أن جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية تأسست عام 1878 لتوفير التعليم الخاص في مقابل الإرساليات الأجنبية، وبالإمكانات الذاتية المحلية. وقد تمكنت الجمعية بعد أقلّ من 3 سنوات، من انشاء أول مدرسة على نفقتها الخاصة ثم 120 مدرسة أخرى، ما لبث أن تقلّص عددها إلى 48 مدرسة لأسبابٍ لم تكن كلها مادية، اذ ان زمن الريادة والهيمنة على القطاع التعليمي الخاص داخل الطائفة السنية ولّى بالنسبة للمقاصد في ظلّ صعود مدارس خاصة تابعة لهيئات طوائفية سنية أخرى مثل: جمعية التربية الإسلامية (مدارس الإيمان)، جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية، ومؤسسة الحريري الخ.

وكشفت المصادر الصحفية أن المقاصد بدأت تتعرض لخنقة مالية في أواسط الثمانينيات خلال عهد الرئيس السابق للجمعية تمام سلام، الذي تولى الرئاسة عام 1982. وقد أرجعت تلك المصادر أسباب الأزمة المالية الحالية الى العوامل التالية:

● انشاء المقاصد لمشاريع غير مربحة
● ازدياد فقر الناس وبالتالي تراجع قدرتهم على دفع أقساط المدارس
● شدّ السعودية الأحزمة بالنسبة إلى التبرعات وتقنينها بصورة حصرية عبر الرئيس رفيق الحريري
● قيام رفيق الحريري بشراء أملاك المقاصد في منطقة سوليدير ومحاولاته للهيمنة عليها
● تقلّص تبرعات رفيق الحريري للمقاصد حيث أن آخر تبرّع قدّمه قدّر بـ35 مليون دولار أميركي اي ما يمثل في حينها نصف الديون المتراكمة على الجمعية لبنك البحر المتوسط
● انقطاع تبرعات آل الحريري مع تولّي سعد الحريري زمام الأمور بعد والده
● عجز الدولة عن دفع المستحقات المالية المترتبة للمقاصد من وزارة التربية وذلك منذ العام 2007، وهي مستحقات تقدّر بنحو 5 مليارات و500 مليون ليرة لبنانية
● زيادة الحدّ الأدنى للأجور ورواتب المعلمين الذي يؤدي الى زيادة أعباء المدارس الخاصة
● عدم قدرة المقاصد على زيادة الأقساط المدرسية لضعف الإمكانيات المالية للأهالي

لكن وبالرغم من كل ما سبق، فقد وجّه رئيس الجمعية أمين الداعوق رسالة طمأن فيها أصدقاء الجمعية ومحبيها الى مستقبلها.

من جهتنا، نرى أن الأزمة المالية الحالية للمقاصد (وأيضاً للدولة) تطرح بصورة جدّية على طاولة البحث مأزق القطاع التربوي في لبنان ومستقبله ومدى امكانية استمرار ثنائية التعليم الرسمي والخاص بشكلها الحالي. اذ كيف للدولة ان تستمر في التزام تقديم المساعدات المالية للمدارس الخاصة شبه المجانية والتابعة لمؤسسات طوائفية والتي تصل قيمتها الى 20 مليون دولار على صورة منح سنوية ، فيما يستصرخ القطاع التعليمي الرسمي الدولة مطالباً اياها بدعمه مالياً؟! لا شك أن استمرار ذلك النهج لن يكون إلا على حساب المواطنين/ات من أصحاب الدخول المحدودة، الذين/ اللواتي ستتقلّص أمامهم/ن فرص التعليم الجيّد.