مدارس "المقاصد" تتعثر و"عائشة أم المؤمنين" نحو الإقفال

فوجئت لجان الاهل في مدرسة "عائشة ام المؤمنين"، من مدارس المقاصد في قصقص وهي مبرة تحمل اسم الراحل سعد الدين الحوري بأن جمعية المقاصد الخيرية الاسلامية غير قادرة على الاستمرار في تحمل عبء هذه المدرسة وان هناك نية في نقل طلابها الى مدرسة خديجة الكبرى لتكون هي الحل لهذه المعضلة.
ازاء هذا الواقع تنادت لجان الاهل، بالاتفاق مع بعض فعاليات منطقة الطريق الجديدة الى الاعتصام الاسبوع الماضي خارج المدرسة، وليس داخلها لعدم اثارة اي حساسية، ولمنع اي مستغل او مصطاد في الماء العكر من توجيه السهام نحو جمعية المقاصد، الصرح البيروتي العريق، للتعبير عن احتجاجهم السلمي لقرار اقفال المدرسة المذكورة.
تحدث في الاعتصام كل من عضو مجلس بلدية بيروت السابق الدكتور محمد خير القاضي وامام مسجد السمان الشيخ يونس السيد وبعض اهالي الطلاب الذين ناشدوا الجمعية اعادة النظر في هذا الموضوع وامهال الاهلين فترة اضافية للتسجيل. وأوحى البعض ان الاحجام عن التسجيل هو مقدمة للاقفال. وكان تسجل في مدرسة عائشة ام المؤمنين 175 تلميذا العام الماضي.
وفي هذا الاطار علمت "المستقبل" ان اجتماعا موسعا عقد في مقر جمعية المقاصد الخيرية الاسلامية، حضره رئيس الجمعية المهندس امين محمد الداعوق وعضو مجلس الامناء المشرف على المدارس محمد المشنوق وكبار موظفي الجمعية مع المشاركين في الاعتصام ولجان الاهل، لتبديد الكثير من الهواجس، وكان هناك اجماع على صون المقاصد، وتوجيه العتب الشديد لكل من يملك حلا ولا يقدمه خصوصا على الصعيد المالي.
القاضي
ويقول احد قدامى المقاصديين الدكتور محمد خير القاضي لـ"المستقبل" "ان المعاناة هي جزء من معاناة المجتمع الاسلامي في بيروت، وجمعية المقاصد هي جزء من هذا النسيج البيروتي الذي يتعرض اليوم لازمة اقتصادية خانقة، فلا اهل الداخل قادرون باغلبيتهم على مد يد العون والمساعدة، كذلك الحال بأهل الخارج".
ويتابع: "منذ تأسيس جمعية المقاصد في اواخر القرن الماضي وما تلاها من جمعيات كجمعية الكشاف المسلم وجمعية مكارم الاخلاق وجماعة عباد الرحمن واللائحة تطول كانت كل هذه الجمعيات تتلقى دعما عربيا واسلاميا، لكون المسلمين في لبنان هم الضلع الواقي لهذه الامة المدافع عن قضاياها والمتحسس لمشاكلها.
وعندما نشبت الحرب الاهلية في العام 1975 التحق عدد كبير من الطلاب المسلمين الذين كانوا يتعلمون في مدارس الارساليات خارج بيروت بمدارس المقاصد حتى وصل العدد الى 36 الف طالب، فاضطرت المقاصد الى فتح مدارس اضافية كمدرسة عبد القادر قباني في منطقة برج ابي حيدر على سبيل المثل لا الحصر. وبعد استتباب الامن عاد معظم الطلاب الى مدارسهم الاساسية فهبط العدد هبوطا شديدا ووصل ال ما دون 7 آلاف مما اضطرها الى اقفال مدرستين، وعرضت احداها للايجار لمصلحة وزارة التربية".
تقصير "التربية"
ويقول مصدر مقاصدي متابع لملف المدارس "ان المقاصد تتلقى دعما من وزارة التربية هو جزء من مشاركتها في تغطية اكلاف المدارس المجانية كمدارس القرى، ومدرسة عائشة ام المؤمنين في بيروت، ومدرسة خليل شهاب في رأس بيروت، ومدرسة ابو بكر الصديق في القنطاري. حيث يدفع الطالب 750 الف ليرة كقسط سنوي، بينما يكلف الجمعية ما يزيد عن 3 ملايين ليرة، تدفع وزارة التربية منها ضعفي الحد الادنى للاجور عن كل طالب، اي ما يوازي مليون و500 الف. وعلى الرغم من ذلك لم تدفع وزارة التربية المترتبات الواجبة عليها منذ العام 2007، لا للمقاصد ولا لغيرها، عدا ان الجمعية تدير مستشفى عاما يتعامل ايضا مع مؤسسات الدولة كالضمان وتعاونية الموظفين والمؤسسات العسكرية، اذ ان هذه المؤسسات لا تسدد اي قرش منذ سنين للمستشفى. حتى ان آخر الضربات الموجعة التي تلقتها الجمعية كانت تغريمها الضريبة على القيمة المضافة TVA على دفن الموتى وهذه تقدر بعشرات الملايين من الليرات اللبنانية".
واشار المصدر الى أن الجمعية وتحسسا منها مع وضع الاهالي في منطقة الطريق الجديدة ومساهمة منها في عدم تحميلهم اي اعباء او تكاليف للنقل والانتقال تدرس امكانية قيامها وعلى نفقتها بنقل الطلاب الراغبين الالتحاق في مدارس المقاصد الاخرى من بيوتهم الى اي مدرسة اخرى على حسابها.
أزمة ..ودور
ويضيف: " معاناة المقاصد مع محيطها الداخلي والدولة والتباطؤ في مد يد العون للجمعية تجعل من الازمة كارثة، ومن الكارثة فضيحة، ومن الفضيحة زلزالا، نخشى ان يطيح بمؤسسات بناها الاجداد بعرقهم وعبثا يحاول الاحفاد الابقاء عليها في وجه كوارث العصر". ويتابع: "من يتحدث عن املاك للمقاصد في بيروت وخارجها، اعتقد ان امراء الحرب يدركون ما اقترفت ايديهم، فضاعت الممتلكات، واذ بالمقاصد اليوم تأكل من لحمها الحي، لكن البعض يرى انه قد يكون لانغماس بعض القيمين على المقاصد في عقود زمنية معنية بالشأن السياسي المحلي الضيق سببا من اسباب تقهقرها واحجام الغيارى عن مد يد العون. بل ان عددا ممن ساءهم ذلك التصرف حاول التشويش والحاق الاذى بسمعة المقاصد وقادتها وهو عمل ليس من الضروري ان يكون جيدا ولكن السياسة ما دخلت شيئا الا وافسدته".
ويختم المصدر: "للمقاصد دور سياسي ووطني هام لا تستطيع التخلي عنه وليس من الجائز ان تتخلى عنه فهي عنوان للاسلام المعتدل وللعروبة الصافية حيث كانت دائما مدارسها المنطلق الرئيسي لكل حركات المؤيدة والمساندة لحركات التحرر العربي، ولن يتوانى المقاصديون في كل الظروف عن المشاركة في تثبيت عروبة لبنان والدفاع عن القضايا المحقة للبنان والعرب على السواء. لقد كان منبر متخرجي جمعية المقاصد الاسلامية وطيلة عقود من الزمن منبرا من اهم المنابر القومية العربية والاسلامية وان شابها في بعض الاحيان اتجاهات غير واضحة".