سبينس وتصحيح الأجور

مرّ نحو 4 أشهر على صدور مرسوم تصحيح الأجور من دون أن يحصل العمّال والمستخدمون في سلسلة SPINNEYS على زيادة اجورهم. في هذا الوقت، كان المدير الإقليمي للشركة المالكة لهذه العلامة التجارية، البريطاني مايكل رايت، يعمل على اعداد مرسوم جديد لتصحيح الاجور على ذوقه، مستبعدا الإدارة المحلية عن المشاركة، فعمم في 2 آذار الماضي على المديرين قرارا ينطوي على مخالفات جسيمة للمرسوم الصادر عن مجلس الوزراء
محمد وهبة

لا تقتصر مخالفات المدير الإقليمي في شركة SPINNEYS، الإنكليزي مايكل رايت، على رفضه إعطاء موظفي الشركة زيادة الأجور وفق المرسوم 7426، بل تتعداها إلى مجموعة مخالفات تتعلق باتخاذه صفة لا يمتلكها تسمح له بإدخال تعديلات «على ذوقه» تطال مرسوماً صادراً عن مجلس الوزراء ومنشوراً في الجريدة الرسمية، بالإضافة إلى محاولة خفض عدد ساعات العمل للموظفين وتقليص حقوقهم المكتسبة، ورفع أسعار بعض السلع بنسب كبيرة، بهدف المحافظة على كتلة الأجور في الشركة من دون التأثير على كمية انتاج الموظّفين ونوعه، على ما يروي المطلعون.

تمثّل مخالفات رايت، بداية المعركة بين موظفي الشركة وإدارتهم، وهي معركة قد تبلغ أعتاب وزارة العمل من خلال شكوى سترفع إليها، ما يفرض على الوزارة التحرك لفرض الالتزام بالمرسوم وعدم اعتماد أي صيغ استنسابية في تطبيقه.
ففي الأسابيع الأولى، انتظر الموظفون أن تقوم إدارة الشركة بتطبيق المرسوم المذكور، لكنها بدت مرتبكة بسبب رفض المدير الاقليمي له، لأسباب أوضحها لاحقاً في رسالته إلى مديرين في الشركة. فضّلت الادارة المحليّة الابتعاد عن الأضواء وترك الامور للشائعات كسباً للوقت. حينها كانت الأقاويل تنتشر فجأة بين الموظفين مشيرة إلى أن الإدارة عاكفة على درس موضوع تصحيح الأجور وإنجازه قريباً، ثم يتردّد بعد فترة أن وضع الشركة لا يحتمل زيادة الأجور علما بأنها تنفق مبالغ كبيرة على فتح الفروع الجديدة وتغيير الديكور.
في الواقع، كان رايت يعمل بالخفاء على تدبيج صيغة مختلفة عن مرسوم مجلس الوزراء تسمح له بالادعاء انه اعطى الزيادة على الاجور من دون ان يعطيها فعليا. أعطى رايت توجيهاته لنحو 11 مديراً مسؤولاً في SPINNEYS، فأرسل لهم رسالة عبر البريد الالكتروني يبلغهم فيها «أن الشركة غير قادرة على تطبيق مرسوم تصحيح الأجور» لكون الزيادة «لا تتناسب مع حصّة الفرد في الناتج المحلي ولا تتماهى مع سلوك الاقتصادات الناجحة، فضلاً عن أنها ستؤدي إلى زيادة معدلات التضخمّ في السوق»، لافتاً إلى أن «تطبيق هذه الزيادة الكبيرة بالصيغة الواردة في المرسوم تؤدّي إلى إنهاء خدمات 30% من الموظفين، وبالتالي علينا أن نأخذ قراراً بإجراء بعض التعديلات على الزيادة للتخفيف من أثرها».
هكذا، قرر رايت أن يعدّل مرسوماً صادراً عن مجلس الوزراء. لا بل إنه عمد إلى تعداد التعديلات التي يراها مناسبة، فقسم فئات الموظفين بحسب رواتبهم إلى 3 فئات، وعدّل الإنتاجية وعدد ساعات العمل وفق هواه، وذلك على النحو الآتي، كما هو وارد في رسالته:
ــ تُرفع الرواتب المتدنية إلى الحدّ الأدنى الجديد للأجور (675 ألف ليرة).
ــ تُرفع الرواتب التي تتراوح بين 500 ألف ليرة و675 ألف ليرة إلى الحدّ الادنى الجديد للأجور (675 ألف ليرة). لكن سيتم تعديل معدل الأجر في الساعة الواحدة طبقاً لحسابات هذه الزيادة، على أن يطبق المعدّل الجديد على ساعات العمل الاسبوعية. (أي أنه سيتم تقليص عدد ساعات العمل ليبقى كل اجير يتقاضى الراتب نفسه)
ــ تعديل ساعات الإنتاج بالنسبة للموظفين الذين تتجاوز رواتبهم الحدّ الأدنى الجديد للأجور، فيما سيتم خفض عدد ساعات عملهم الاسبوعية بحيث يحصلون على الراتب نفسه بعدد ساعات أقل.
ــ بالنسبة للموظفين الذين حصلوا على زيادة خلال العامين الماضيين، سيتم أخذ هذه الزيادة بالاعتبار وستحذف من الزيادة الجديدة.
ــ بالنسبة للموظفين الذين لديهم مخصصات اضافية، تخفض ضمن الحسابات الجديدة (أي عبر اعادة النظر بساعات الإنتاج).
وطلب رايت من المديرين المحليين استيعاب تململ العمّال والموظفين، عبر ما اعتبره حججاً قابلة للاستخدام، منها:
ــ الدولة لم تدفع زيادة الاجور لموظّفيها حتى الآن فيما SPINNEYS ستدفعها، ولذلك لن نستطيع دفع سوى ما يمكن للشركة ان تتحمّل كلفته. فنحن نطبق القانون إنما نقوم ببعض التعديلات. وهذا يعني أننا ندفع عائداً أعلى عن كل ساعة، لذلك نصرّ على المزيد من العمل والفاعلية وسنعمل على قياس انتاجية الموظفين.
ــ لن نقوم بتوظيفات جديدة لكي نعوّض خفض ساعات العمل الأسبوعية، وسنصرّ على أن نحصل على الإنتاجية الجديدة من الموظفين لتغطّي العمل المطلوب منهم من دون اي تأثر بخفض ساعات العمل.
في الواقع، يقول احد الموظّفين إن رايت اضطر للقبول بتعديل أجور من هم دون الحد الادنى للاجور لانه لا يملك خياراً لأن صندوق الضمان يزيد تلقائياً أجور المصرّح عنهم إلى الحدّ الادنى الرسمي. هكذا وقعت رسالة رايت كالصاعقة على موظفي SPINNEYS، الذين سكتوا عن المطالبة بحقوقهم تحت ضغط وعود الادارة المحلية بتطبيق المرسوم ولو بعد تأخير أشهر عدّة. لكن رايت تخطى المنطق في رسالته، فهو يريد من الموظفين أن ينجزوا الأعمال نفسها بوقت أقل بعد أن تحتسب الأجور وفق عدد ساعات العمل الاسبوعية، حتى أن بعضهم تساءل عما إذا كانت المعادلة الجديدة ستقلص رواتبهم بدل زيادتها.
على أي حال، طال انتظار الموظفين بلا نتيجة، فنظموا عريضة وقعها نحو 115 موظفاً تطالب إدارة الشركة بتطبيق مرسوم تصحيح الاجور وفق النسب الواردة فيه. ويدعي بعضهم أن الإدارة عمدت أخيراً إلى إجبارهم على توقيع مستند يقرّون فيه بأنهم حصلوا على زيادة الأجور وفق ما هو منصوص عنه في المرسوم المذكور.
هكذا لن يكون بإمكان وزارة العمل ومفتشيها التنصل من مسؤولياتها تجاه عمال SPINNEYS الذين وضعت حقوقهم على «مقصلة» مايكل رايت. فبحسب المحامي الخبير في قضايا العمل جورج خديج، إن تقديم شكوى من قبل العمال إلى وزارة العمل يوجب تحرّك أجهزة وزارة العمل «لتتدخل وتحقق في الشكوى عبر مفتشيها الذين يدققون في مضمون الشكوى وفي نظام الشركة وغيرها، كما يمكن وزارة العمل التأكد من التصاريح التي تقدمّها الشركة للضمان الاجتماعي...». أما الخطوة الثانية التي يمكن العمال القيام بها، فهي اللجوء إلى الوساطة والتحكيم وربط النزاع الجماعي مع الشركة.

7000 ليرة

هي الزيادة التي سيحصل عليها أحد موظفي SPINNEYS بعد تطبيق إدارة الشركة مرسوم تصحيح الاجور وفق قرار المدير الإقليمي مايكل رايت، فيما سيحصل موظفون آخرون على زيادة تصل إلى 25 الف ليرة أو 50 ألف ليرة فقط... وفي كل الأحوال إن الزيادات التي أعطتها الشركة لموظفيها لا تلتزم بالنصوص الرسمية

انتشار وأرباح

يلاحظ المستهلكون أن شركة SPINNEYS قامت خلال السنتين الأخيرتين بتغيير شكل وتصميم غالبية الفروع التابعة للشركة في لبنان بكلفة كبيرة، فيما عمدت إدارة الشركة إلى تنفيذ سياسة توسعية للانتشار في بعض المناطق لتصبح متواجدة في صيدا، صور، الحازمية، الجناح، الأشرفية، ضبيه، طرابلس وجبيل. إلا أن هذه السياسة التي تعكس زيادة حجم الاستثمار وقدرة الشركة الكبيرة على إنفاق ملايين الدولارات، تزامنت مع ارتفاع الاسعار في بعض السلع وهو ارتفاع يجري بصورة دورية على بعض السلع من أجل زيادة الارباح الكبيرة على حساب الزبائن

23 حزيران2012