«العمالي»: لتثبيت المياومين في «الكهرباء» و«الريجي» و«الضمان» و«التربية»

تعاطي الحكومة مع أزمة الكهرباء مهزلة.. والتحرك بعد عودة ميقاتي
عقدت هيئة مكتب المجلس التنفيذي لـ«الاتحاد العمالي العام» اجتماعها الدوري أمس، برئاسة رئيس الاتحاد غسان غصن، وحضور الأعضاء. وجاء البيان الذي صدر اثر الاجتماع قريباً، لا سيما لناحية وضوح استهدافاته، من البيان الذي أصدره الاتحاد بتاريخ 12/6/2012 والذي أثار استغراب مراقبين عدة وقتها.
وفي هذا الإطار، علمت «السفير» من مصادر مطّلعة على ما يجري داخل الاتحاد أن البيان الأول - الصادر قبل عشرة أيام من بيان أمس - تزامن مع سفر جزء من قيادة الاتحاد للمشاركة في مؤتمر العمل الدولي في جنيف. ما حدا بالجزء المقيم من القيادة إلى استغلال ذلك الغياب عبر إصدار بيان محبوك بلغة جديدة إلى حد كبير، خصوصاً لجهة مقاربتها مسائل ثلاث ذات صلة بأحداث جارية بعضها جديد وبعضها قديم لطالما تهرب الاتحاد من اتخاذ مواقف منها، ولو حتى رفعاً للعتب.
المسألة الأولى تتعلق بالربط الذي أجراه البيان بين الإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي والاجتماعي. فقد علمت «السفير» أن نقاشاً أخذ مداه خلال اجتماع أمس بين فريقين داخل الاتحاد. الفريق الأول، طرح مسألة ولاء الاتحاد للسلطة السياسية القائمة، معتبراً أن هذا الأمر لم يعد مقبولاً، خصوصاً أن اللبنانيين كافة باتوا مقتنعين بأن هذه الحكومة فشلت حيث فشلت كل الحكومات السابقة، وليس أدل على ذلك، سوى سفر رئيس الحكومة بمعية وزيري الاقتصاد والطاقة إلى البرازيل، فيما البلاد تشهد ما تشهده من أزمات أمنية وسياسية ومعيشية. أما الفريق الثاني فبدا متردداً في اتخاذ موقف، ولكن الإحراج الذي سبّبه البيان الأول دفعه إلى الموافقة على إصدار بيان جديد بالوجهة والمضمون ذاتيهما تقريباً.
أما المسألة الثانية، فتتعلق بملامسة البيانين لقضايا تمس مساساً مباشراً بالفريق السياسي الذي يحسب الاتحاد عليه بأطرافه كافة. إذ تناول الاتحاد في بيانه الأول مسألة عمال المتعهد وجباة الإكراء في مؤسسة الكهرباء، محاولاً استدراك الصمم الذي قابل به مناشدات العمال خلال الأيام الأولى لاعتصامهم في المؤسسة. وكان البيان اعتبر ان «قضية المياومين في المؤسسات والشركات والقطاعات الخاضعة لسلطة الدولة أو وصايتها يجب أن تنتهي فوراً وأن تبدأ أولاً من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يوظّف للأسف وللمفارقة أيضاً أكثر من مئة وعشرين مستخدماً بصفة مياوم تتراوح مدّة خدمتهم من عشرة أعوام إلى خمسة عشر عاماً». وهو الموقف عينه الذي عاد بيان الاتحاد الصادر أمس للتأكيد عليه مطالباً «بتشريع قانون لتثبيت كل العمال المياومين في مختلف إدارات الدولة والمصالح المستقلة والمؤسسات العامة من خلال المباراة المحصورة»، وهو ما يعني إضافة عمال «الريجي» ووزارة التربية.
كذلك، هاجم الاتحاد في بيانه أمس ما سماه «مهزلة تعاطي الحكومة مع أزمة الكهرباء»، معتبراً انه «من السخرية أن يجري النقاش في مجلس الوزراء بعد إقرار خطة الكهرباء في مجلس النواب حول المفاضلة بين بواخر لإنتاج الطاقة أو إنشاء معامل جديدة لينتهي الجدال إلى لا استئجار للبواخر ولا إنشاء معامل جديدة لإنتاج الطاقة بل إلى المزيد من الظلام والعتمة». وهو موقف يندرج في إطار السلبية التي طبعت علاقة الاتحاد برئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال الآونة الأخيرة. إذ، وبحسب مصادر قيادية في الاتحاد، رفض ميقاتي أكثر من طلب لزيارته من قبل قيادة الاتحاد (حوالي ثلاث إلى أربع مرات).
وتتصل المسألة الثالثة التي لفتت انتباه المراقبين أيضاً بالموقف من «الهيئات الاقتصادية». إذ وفي أعقاب توقيع الاتفاق الرضائي بين الاتحاد والهيئات صار الاتحاد ملحقاً وبصورة علنية بواحدة من أكبر هيئات أصحاب العمل وأكثرها فاعلية وسطوة. لكن البيان الصادر أمس أكد من جديد، على ما تقول المصادر القيادية عينها، على المسار الذي افتتحه البيان السابق (الصادر بتاريخ 12/6/2012)، خصوصاً لناحية التشديد على ان «السلطة الفعلية في البلاد اليوم محكومة من قطاعات المصارف والمستوردين والشركات العقارية الكبرى والمتحكّمين أيضاً بجبال لبنان وأنهاره وبحره وأملاك الشعب العامة». وهو ما يعني عملياً أن الاتفاق الرضائي قد أمسى أثراً بعد عين.
وكانت هيئة المكتب توقفت أمس عند موضوع أسعار المشتقات النفطية والمواد الغذائية، مطالبة «الحكومة ولا سيما وزارة الاقتصاد المعنية بحماية المستهلك بالتدخل للحد من جشع التجار وفلتان الأسعار وتنفيذ القرار 177 لوضع سقف على أرباح السلع الاستهلاكية والمواد المعيشية والغذائية».
كذلك، حذر الاتحاد «من الاستمرار في السياسات الضريبية الجائرة التي تحمل الأجراء ومحدودي الدخل والعمال وحدهم وزر أعباء الخزينة وطالب بإعادة نظر جذرية في إعادة توزيع تلك الأعباء بصورة عادلة». واعتبر أن «مشروع موازنة العام 2012 لم يأت بجديد سوى رمي المزيد من الأعباء الضريبية على كاهل الفئات الشعبية المرهقة أصلا». وطالب الاتحاد الحكومة بالمبادرة فورا إلى دفع زيادة تصحيح الأجور بمفعول رجعي لموظفي القطاع العام واتخاذ الإجراءات العاجلة لدفع هذه المبالغ من خلال اعتماد سلفة خزينة وعدم انتظار إقرار الموازنة. وتناول مشروع قانون الإيجارات السكنية، فاعتبر أن اقرار مشروع قانون الإيجارات المتداول قد يؤدي إلى المساس بحياة وسكن ومصير أكثر من مئة وخمسين ألف عائلة»، مؤكداً أن أي «معالجة جدية يجب أن تنطلق من مشروع إيجار تملكي تضعه وترعاه وتموله الدولة ولا تترك المشكلة بين ضحايا الأزمة سواء من المستأجرين أو من صغار الملاكين».
في الختام، تشدد المصادر القيادية على أن الاتحاد في صدد إعداد خطة تحرك ضد سياسات الحكومة، سيعلن عنها بالتلازم مع عودة ميقاتي والوفد المرافق من البرازيل.

22 حزيران2012