معهد لإعداد المعلمين والمديرين في كلية التربية في اليسوعية

ؤرخ هنري العويط وإدوار برويال في كتاب عنوانه: "كيف تصبح شريكاً فاعلاً في مشروع تربويّ؟ تحدّيات إعداد المعلّمين والمديرين في مدارس لبنان"، مسيرة المعهد الجامعيّ لإعداد المعلّمين والمديرين

منذ الخطوات الأولى التي مهّدت لإنشائه في عام 1997 الى تحوّله في عام 2002 كليّة العلوم التربويّة، ثمّ توقّفه عن العمل في عام 2005.
الأهم في هذا العمل الذي صدر اخيرا عن منشورات لارماتان الفرنسية ومنشورات جامعة القدّيس يوسف، أن صفحاته كانت شاهد عيان لشركاء من البيت التربوي إنتسبوا إلى برنامج يصفه العويط في حديثه لـ"النهار" أنه شمل كل المحاور والجوانب والأبعاد، التربويّة والقياديّة والإداريّة والقانونيّة والمعلوماتيّة والوطنيّةّ. وقال انه "يهدف إلى إرساء مفاهيم تربويّة جديدة تحافظ على ما تتّصف به الإدارة التربويّة من علاقاتٍ إنسانيّة وطابَع الرسالة، وروح الزمالة". هذا المشروع وفقاً للعويط هدف أيضاً إلى مأسسة العمل، وبنائه على توصيفٍ واضح ودقيق للمسؤوليّات، وعلى حسن توزيعها، واحترام الأنظمة والقوانين التي ترعى العلاقات بين الأطراف كلها، وفق آليّاتٍ دقيقة، تحدّد الحقوق والواجبات، وتسمح في المساءلة".
صنع في لبنان
كيف تطورت الثورة التربوية التي يرصد الكتاب مراحلها؟ يقول العويط ان هذا المشروع قام على مبدأ الشركة بين الأمانة العامّة للمدارس الكاثوليكيّة في لبنان وجامعة القدّيس يوسف. واكد أنه ثمرة تعاونٍ وثيق مع البعثة الفرنسية في لبنان ومن خلال اتّفاق التعاون بين إدارة المعهد في بيروت وإدارة المعهد العالي الكاثوليكيّ في مدينة أنجيه.
بإختصار، يرى العويط أنه كان لا بدّ من إعداد عناصر البيت التربوي، اعدادا مناسبا ووافيا، للانتقال بهم، في إطار ممارسة وظائفهم، من التفرّد في اتّخاذ القرار إلى مشاركة جميع العاملين في المدرسة في كل مراحله، إلى عصر العمل ضمن فريق، والتشاور الدائم، والتخطيط الاستراتيجيّ، والاستشراف، والحوكمة، والإدارة الرشيدة.
وبالنسبة إليه، يفي إعداد محتوى البرامج من جهة بالمتطلّبات المعمول بها على الصعيد العالميّ، ولتتكيّف من جهة ثانية مع خصوصيّة أوضاع المدارس في لبنان وحاجاتها. وكلّ ما يقوم به المعهد يحمل شعار "صُنع في لبنان".
اضاف: "نظمت الدروس بطريقةٍ تراعي التزامات رؤساء المدارس ومديريها، فتمّ اعتماد نظام الدورات المكثّفة التي تستغرق كلّ واحدةٍ منها أسبوعاً كاملاً، وتمّ توظيف الفترات الفاصلة بين الدورة والأخرى كفترات تدريب، ينطلق منها مَن يتابعون الدورات باعتبارها حالات يُخضعونها الى الدراسة والتحليل والنقد، ثمّ يطبّقون خلالها المعارف النظريّة والمهارات العمليّة التي حصّلوها خلالها.
والمهم وفقاً له، أن التجربة جمعت في برامجها بُعداً وطنيّاً تجلى في إثارة قضايا الهويّة، والحوار، والانفتاح على الآخر وتقبّله، والعيش المشترك، وإدارة النزاعات، وتعزيز قيَم العدالة والديموقراطيّة.

التدريب المستمر
من جهة أخرى، قدمت عميدة كلية العلوم التربوية في جامعة القديس يوسف الدكتورة ندى مغيزل نصر لـ"النهار" قراءتها لخصوصية تجربة المعهد التدريبية للهيئتين التعليمية والإدارية، معتبرة أن المعهد لبى حاجة كبيرة تمثلت في إعداد الهيئتين التعليمية والإدارية في المدارس الكاثوليكية في لبنان. وقالت: "هو الذي يمهّد الى إنشاء كلية العلوم التربوية في جامعة القديس يوسف، لإعداد هاتين الهيئتين لكل المدارس اللبنانية."
وإعتبرت أن الكلية استفادت كثيرا ًمن خبرة المعهد، من حيث رؤية إعداد المعلّمين والكوادر التعليمية، ومن حيث ترجمتها إلى برامج وطرائق إعداد ومواكبة وتقويم.
ورداً على سؤال عن تاريخ قرار تحويل المعهد إلى كلية للتربية، تقول إن الكلية تأسست في عام 2002، وهي تنمو في شكل تدريجي سنة بعد سنة، من ناحية عدد الطلاب، والبرامج وجودتها، تطوير البحوث، لا سيما الإجرائية التي تشارك فيها المدارس، لتكون هذه البحوث محرّكا للتغيير فيها. وقالت:"كما انفتحت الكلية على كلّ المناطق اللبنانية وعلى بلدان المنطقة وعلى العالم. وعملت أيضا على توطيد العلاقة مع المؤسسات التربوية اللبنانية. فهي على سبيل المثال، استحدثت "مجلسا استشاريا"، يهدف الى إنشاء رابط هيكلي ما بينها وبين المدارس والقيّمين على السياسة التربوية الوطنية. ويضمّ هذا المجلس ممثّلين عنها وعن المؤسّسات الخاصّة وعن القطاع العام.
وعن الشهادات التي تمنحها الكلية لتطوير الكوادر الإدارية والتعليمية، ترى انها تمنح شهادات عديدة موجهة الى المعلّمين ومديري المدارس والباحثين في حقل التربية. قالت:"من البرامج المستحدثة شهادة رائدة في العالم والمنطقة العربية وهي شهادة للتعليم الجامعي، تهدف إلى إعداد الأساتذة الجامعيين.
كما استحدثت الكلية خلية تؤمّن التدريب المستمرّ للمدارس، انطلاقا من حاجاتها وتؤمّن الاستشارات التربوية والإدارية".
واشارت في هذا السياق إلى أن طلاب الكلية يأتون من كل المناطق اللبنانية، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، من معلّمين ومديري مدارس، ينتمون إلى كل العائلات الدينية، ويمارسون في مدارس خاصة ورسمية.
ختاماً، خلصت إلى إعتبار أن من قيمنا المضافة همّ تجسيد الامتياز الأكاديمي والانفتاح على كلّ الطبقات الاجتماعية، وهذا في صلب رسالة جامعة القديس يوسف. وقالت: "من قيمنا المضافة الأخرى، همّ تأمين الجودة، العمل انطلاقا من رؤية واضحة للمهن التي نعدّ لها والطاقات التي يجب تنميتها، ومنها الطاقات التفكرية. وأيضا مواكبة الطلاب واعتماد طرائق تعليم ناشطة".