لم يسبق في التاريخ القريب للجامعة اللبنانية أن انتفض طلاب رفضاً لأشكال الهيمنة الحزبية والطائفية في المؤسسة الوطنية، أو تأييداً لأي مطلب إصلاحي آخر. العنوان الذي رفعته أمس مجموعة «الجامعة اللبنانية لمين؟» في أول تحرّك ميداني لها أمام رئاسة الجامعة مغرٍ جداً، وخصوصاً أنّه مرفق بشواهد ميدانية، كأن يشعر الطالب بأنّه لا يتسجل في جامعة، بل في مركز حزبي تكون فيه كلمة الفصل لمجلس فرع الطلاب المحسوب على الحزب الفلاني، لا لإدارة الجامعة، مع إمكان أن يهدد في أي لحظة من طالب آخر. ثم إنّ المطالبة بانتخابات طالبية قائمة على مبدأ النسبية عنوان يبنى عليه لكسر حدة الانقسام العمودي بين طلاب الجامعة.
مطلوب لكرة الثلج أن تكبر لتشمل أكبر قاعدة طلابية حريصة على مستقبلها الأكاديمي وعلى دور أكبر مؤسسة تعليمية في لبنان في بناء دعائم الوطن. لكن السبب الذي تقدّمه مجموعة الطلاب «الفايسبوكيين» لتبرير عدم استقطاب عدد أكبر من الطلاب في «المشروع الإصلاحي» ليس واقعياً. فاقتصار المشاركين على عدد لا يتجاوز أصابع اليد لا يتعلق أبداً بالخوف من تهديد القوى الحزبية للطلاب «بتكسير الرجلين» هنا وبتوقيف التخرج هناك، بل بخوف الشباب على «طائفيتهم»، تماماً كما قالت عضو المجموعة رشا الأمين في «كتاب مفتوح إلى الدولة اللبنانية».
لكن حراك الشباب تنقصه «عدة الشغل» من أرض المعركة. ليس معقولاً أن يدافع طلاب عن مكان لا يعرفونه أو لا يحضرون إليه. فعدم جدّيتهم الأكاديمية ينزع عن القضية صدقيتها. ليس معقولاً أن يناصر طلاب مؤسسة لا يعرفون رئيسها.
أمس، اخترق رئيس الجامعة الدكتور عدنان السيد حسين المعتصمين، آخذاً طريقه إلى مكتبه في الطبقة الثالثة، من دون أن ينتبه أحد إلى أنّه رئيس المؤسسة التي ينتفضون من أجلها ويعتصمون أمامها. المفارقة الأكبر أن يخرج هؤلاء من المكان وهم يرفعون شارات النصر. فالإيجابية التي أبداها رئيس الجامعة في استقبالهم بدبلوماسيته المعهودة لا تعني نهاية المطاف وأنّ الوضع في الجامعة بألف خير. «الرئيس» لم يضطلع حتى الآن بدوره في منع المظاهر الحزبية وإعطاء الطلاب حقهم في التعليم بعيداً عن أي ضغط سياسي.