في صورة تختزل الوجع المعيشي الذي يعاني منه موظفو ومعلمو القطاع العام والمستمر على وقع وعود بإقرار سلسلة الرتب والرواتب، أثبتت الأشهر الأخيرة اعتماد الحكومة أسلوب "المعالجة بالمسكنات" الذي لم يفلح حتى الآن سوى في تفاقم صرخة تلك الشريحة، اثبتت "هيئة التنسيق النقابية" نجاحها في الحفاظ على وحدة العمل النقابي وقدرتها على شل البلد، إذ استطاعت خلال ساعتي الإضراب والتوقف عن العمل التي تم تنفيذها في مختلف الإدارات العامة أن تبرهن مدى التزام الموظفين بالخطوات التي تنفذها في سبيل الحصول على حقوقهم.
ترافق الإضراب والاعتصام الذي تم تنفيذه ما بين العاشرة والثانية عشرة من قبل ظهر أمس أمام الوزارات والإدارات العامة مع مقاطعة المعلمين الامتحانات الرسمية تصحيحاً ونتائج، بانتظار ما سيفسر عنه الاجتماع المزمع عقده اليوم عند العاشرة والنصف بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وأعضاء الهيئة، وبحسب ما أكده نقيب المعلمين نعمة محفوض لـ"المستقبل" فإن الرهان على نتائجه ليست كبيرة والتفاؤل بالوصول الى حل ليس كبيراً وذلك وفقاً للتجارب السابقة مع الوعود الحكومية التي لم تلبِ مطالب الهيئة بتعديل قيمة الدرجة لأفراد الهيئة التعليمية بما يحفظ موقعهم الوظيفي لقاء الزيادة في ساعات العمل وإعطاء المتقاعدين والمتعاقدين كامل حقوقهم وفصل الضرائب فعلياً عن مشروع السلسلة وإعطاء كافة الأسلاك والقطاعات الوظيفية الإدارية حقوقها، مشدداً على أنه يجب إقرارها خلال الأسبوع الحالي باعتماد الجديّة ذاتها التي اعتمدت في إقرار مشروع الموازنة وإلا فالتصعيد سيكون هو الحل، يعني لا تصحيح ولا نتائج.
من جهته، أكد رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة محمود حيدر لـ"المستقبل" أن الموظفين أطلقوا صرختهم الى من يعنيهم الأمر علهم يشعرون بوجع تلك الفئة التي كسرت حاجز الخوف رفضاً لتردي أوضاعها على مختلف المستويات وللمطالبة بإقرار السلسلة التي لن تجعلهم يعيشون في بحبوحة لكنها تمنع عنهم الفقر وتجعلهم يعيشون على خط الفقر، وشدد على أن إقرارها هو بوابة الولوج الى بناء إدارة فاعلة ومنتجة لتأدية خدماتها للمواطنين والولوج الى بناء الوطن، لافتاً الى أنه في حال لم يتم وضع آلية لإقرار السلسلة فإن التصعيد سيكون بالإضراب أو التظاهر.
شلل في الوزارات
في وقفة أكدت أن وحدة الموظفين والتفافهم حول الهيئة لتحقيق مطالبهم، لبى الموظفون في الإدارات العامة الدعوة للاعتصام والتوقف عن العمل لمدة ساعتين، في خطوة اعتبرتها الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة "وقفة شجاعة "، مطالبة "بإقرار سلسلة لجميع موظفي القطاع العام في مشروع قانون واحد".
واستجاب الموظفون في الوزارات للدعوة الى الإضراب، ففي وزارة المالية احتشد الموظفون أمام مبنى كورنيش النهر وبشارة الخوري ورياض الصلح وفي جميع الماليات في المحافظات وفي جميع المحتسبيات في الأقضية.
ولفت رئيس الرابطة وليد الشعار الى أننا "نتوقف عن العمل اليوم ليس رغبة منا في تعطيله وليس لأننا لا نريد نجاح الإدارة العامة والحكومة في عملها، بل لأننا نحن الأكثر حرصاً على نجاح العمل. إن تقدم الإدارة العامة ونموها وتطورها هي شغلنا الشاغل، لكن كيف تقوم هذه الإدارة إذا كانت مواردها البشرية مغبونة ومحطمة معنوياً وغير قادرة على تأمين مستلزمات معيشتها الأساسية؟ فكيف تعمل الحكومة إذا كان موظفو الإدارة العامة غير قادرين على العيش بكرامة؟ وكيف ستؤمن الحكومة تطبيق الموازنة وموظفو وزارة المالية لا تكفيهم موازنتهم الشهرية الهزيلة عشرة أيام؟".
واعتصم الموظفون في وزارة الإعلام احتجاجاً على عدم إقرار السلسلة، وتجمع المعتصمون أمام مبنى الوزارة في الصنائع، حاملين لافتات تطالب بإنصافهم بإقرار السلسلة "خصوصاً أننا نكتوي بنار الغلاء الفاحش الذي أتى بسبب إقرار زيادة غلاء المعيشة التي دفعت لموظفي القطاع الخاص".
وطالبوا بـ"تطبيق هذه الزيادة على جميع الموظفين خصوصاً أن الزيادة على الأقساط المدرسية وأسعار السلع الغذائية لا يعاني منها موظفو القطاع الخاص فقط بل جميع الموظفين في لبنان".
وتوقف موظفو وزارتي الثقافة والطاقة والمياه عن العمل لساعتين، والتزم موظفو وزارات العمل والاقتصاد والتجارة والاتصالات والزراعة بالاعتصام احتجاجاً على عدم إقرار سلسلة الرتب.
صرخة موحدة في المناطق
نفذ موظفو الإدارة العامة في مختلف المؤسسات والمصالح الحكومية في المناطق تحركات واعتصامات للمطالبة بإقرار السلسلة، ففي صيدا-"رأفت نعيم"، توقف الموظفون عن العمل وعن استقبال معاملات المواطنين في دوائر سرايا صيدا الحكومية وقصر العدل وبلدية صيدا لمدة ساعتين، ونفذوا اعتصاماً في الباحة الخارجية للسرايا.
ونفذ موظفو وإداريو دوائر ومحاكم الجنوب اعتصاماً داخل حرم قصر عدل صيدا مطالبين بإقرار السلسلة للقطاع العام.
وفي ساحة النجمة وسط مدينة صيدا نفذ موظفو البلدية اعتصاماً أمام مبنى القصر البلدي وقطعوا الطريق لبعض الوقت وهم يرفعون لافتات يطالبون من خلالها بالإسراع بإقرار السلسة.
وفي النبطية- "بادية فحص"، نفذ موظفو الإدارت العامة اعتصاماً أمام السرايا الحكومية وأقدموا على قطع طريق عام النبطية احتجاجاً على المماطلة في إقرار السلسلة، وتدخلت عناصر من قوى الأمن الداخلي وعملت على فتح الطريق.
وشدد رئيس رابطة التعليم الأساسي في لبنان فرع الجنوب خليل زهري على أن الإضراب سوف يستمر إذا استمرت المماطلة في إقرار السلسلة أو تجزئتها.
ولفت مسلم عبيد الى "أن تحركنا الذي شل الإدارة اليوم سوف يتصاعد لنشل الإدارات بكاملها إذا لم تقر الحكومة السلسلة".
وفي بعلبك ـ "نضال صلح"، اعتصم الموظفون أمام السرايا يتقدمهم قائمقام بعلبك عمر ياسين الذي لفت الى "أننا ننتظر الخطوات التي تعلنها الهيئة لنبقى معها الى حين إقرار مطلبنا في إقرار السلسلة".
وفي الميناء- "حسن الأيوبي"، نفذ موظفو بلدية الميناء ورابطة خريجي المعهد الإداري اعتصاماً أمام القصر البلدي، معلنين الاستمرار في التحرك بكل الأشكال الديموقراطية حتى تحقيق المطالب.
وفي البترون ـ "ماغي كرم"، لبى عمال وموظفو وزارة الاتصالات في مركزي الهاتف في البترون وشكا دعوة الهيئة فتوقفوا عن استقبال معاملات المواطنين وامتنعوا عن قبض فواتير الهاتف وتلقي مراجعات المواطنين وإنجاز معاملاتهم.
وتجمع موظفو مركز البترون في باحة سرايا البترون وأعلنوا التزامهم كل قرارات الهيئة لجهة التوقف عن العمل أو الاضراب المفتوح لحين تحقيق المطالب.
وفي جبيل- "جاك أبي رميا"، نفذ موظفو محتسبية مالية قضاء جبيل اعتصاماً في الباحة الخارجية للسرايا.
وفي راشيا "عارف مغامس"، نفذ موظفو القطاعات العامة في سرايا راشيا اعتصاماً عبروا فيه عن رفضهم لمماطلة الحكومة والتزامهم بما ستقرره الهيئة.
كما تم تنفيذ اعتصامات أمام السرايا الحكومية في أميون وأمام مبنى التفتيش المركزي في فردان وفي الدائرة العقارية ودوائر النفوس والتربية والصحة في جبل لبنان".
وأشادت لجنة المتابعة المنبثقة عن رابطة العاملين في الجامعة اللبنانية "بالتجاوب الذي أبداه العاملون في الجامعة بالدعوة للاعتصام مع الهيئة"، وطالبت "بحل قضية المدربين والإسراع بإصدار عقودهم قبل بداية العام الدراسي ومشروع القانون القاضي بإدخال أجراء الجامعة في الملاك الإداري والفني وتنفيذه استناداً الى قانون الجامعة 75/67 لا سيما المادة 17 منه"، كما استغربت "التباطؤ في تعيين عمداء للكليات".
3 تموز 2012