حسين سعد
تحاول الدراسة الميدانية التي نفذتها «المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان شاهد» بالتعاون مع «رابطة المهندسين الفلسطينيين» في لبنان، الإضاءة على واقع قطاع المهندسين الفلسطينيين، من جميع الجوانب. الدراسة التي اعتمدت على عينة عشوائية شملت 92 مهندساً، يمثلون 31 في المئة من مجموع المهندسين، البالغ عددهم ثلاثمئة مهندس في لبنان. وانقسمت إلى ثلاثة أقسام: قسم يبحث في الإطار القانوني لواقع المهندسين الفلسطينيين في لبنان، وقسم يبحث في نتائج الدراسة، وقسم ثالث يعرض ملاحق هامة ذات صلة. وعرضت خيارات قانونية ومقترحات قوانين لتعديل هذا الإطار لكي يتلاءم مع حقوق المهندسين وفقاً لمبادئ حقوق الإنسان.
وتبين الدراسة، من خلال العينة التي شملتها، أن نسبة 9.7 في المئة من المهندسين الفلسطينيين نالوا تقدير «ممتاز» عند تخرجهم، أما نسبة الذين نالوا تقدير «جيد جداً» فقد بلغت 22.9 في المئة، في حين بلغت نسبة الذي حصلوا على تقدير «جيد» 54.8 في المئة، مقابل 10.6 في المئة لم يحصلوا على تقدير.
وتظهر الدراسة أن طبيعة العقد بين أرباب العمل والمهندسين الفلسطينيين غير ثابتة على حال واحد. فنسبة 29.16 في المئة، يعملون بموجب عقد سنوي، ونسبة 29.16 في المئة يعملون بموجب عقد شهري، و12.5 في المئة يعملون بموجب عقد دائم، و2.08 في المئة يعملون بموجب عقد موسمي، في حين بلغت نسبة الذين يعملون من دون عقد 18.48 في المئة، أما الذين الذين لم تتوفر عنهم معلومات فقد بلغت نسبتهم 8.3 في المئة. كما بينت الدراسة أن 47.3 في المئة من المهندسين درسوا في جامعات لبنان، أما نسبة 52.7 في المئة منهم فقد درسوا في دول عربية أو أجنبية. وقد يعود هذه الفرق إلى المرحلة الذهبية التي عاشها الفلسطينيون في الفترات الماضية، عندما كانت «منظمة التحرير الفلسطينية»، تؤمن منحاً جامعية للدراسة في الخارج. وتشير الدراسة إلى أن 50.54 في المئة من المهندسين الفلسطينيين يعملون في مجال تخصصهم، ونسبة 48.39 في المئة لا يعملون في مجال تخصصهم، لافتة إلى أن «الواقع القانوني للفلسطينيين في لبنان يحول دون تمكينهم من العمل في مهنة الهندسة».
ويلفت المهندسون الفلسطينيون الذين شملتهم الدراسة إلى أن «التمييز يشمل الراتب، والامتيازات، والمستوى الوظيفي، والمعاملة الإدارية، والضمان الاجتماعي». وتؤكد نسبة 75 في المئة من المهندسين، الذين تم استفتاؤهم في الدراسة، عدم شعورها بالأمان الوظيفي، وأن 25 في المئة فقط، يشعرون بالأمان الوظيفي في لبنان. ويحمّل هؤلاء الدولة اللبنانية المسؤولية، التي لم توفر الأرضية القانونية المناسبة للمهندس، كذلك «وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين - الأونروا»، التي لم تساعد الطالب الفلسطيني بمنح جامعية تخوله دراسة الهندسة إلا في إطار محدود، والفصائل الفلسطينية، التي لم توجد إطاراً مرجعياً موحداً يساعد المهندسين الفلسطينيين في تجاوز تحدياتهم أو يمنع الحكومات اللبنانية المتعاقبة من المساس بحقوق الإنسان الفلسطيني.
وتخلص الدراسة إلى أنه «أمام هذا الواقع، بات المهندس الفلسطيني أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الهجرة إلى بلد غربي يحترم علمه وكفاءته، فيحصل على جنسية هذا البلد ثم يعود إلى لبنان أو إلى دول الخليج العربي، وإما أن يبقى وضعه على ما هو عليه، ظلم وغبن وتمييز». وتلفت الدراسة إلى أن «المجتمع الفلسطيني في لبنان بات يفتقد إلى العدد الكافي من الأطباء والمهندسين والصيادلة وباتت هذه المهن في المخيمات الفلسطينية وكأنها سلعة نادرة. فهناك عزوف عن دراسة اختصاصات المهن الحرة بسبب التكاليف المالية الباهظة من جهة، وخوف من فرص العمل نتيجة حرمان الفلسطيني من ممارسة حقه في العمل ومساواته مع أخيه اللبناني من جهة أخرى».
27-7-2012